لينا هويان الحسن كاتبة سورية، لها الكثير من الروايات. قرأت لها رواية ألماس ونساء وكتبت عنها…
الذئاب لا تنسى رواية لينا هويان الحسن تعتبر من روايات السيرة الذاتية. حيث تتحدث لينا عن واقعة حصلت في حياتها. وهي خطف ومقتل أخيها عام ٢٠١٢م في أجواء التغيرات التي حصلت في سورية بعد الثورة التي حصلت في ربيع عام ٢٠١١م…
تابعت لينا الثورة السورية وتداعياتها بقلق وارتياب. واعتبرتها عدوان على الدولة والسلطة والشعب، كما يرى النظام. ولذلك لم تعبر بأي شكل عن موقف معارض لعنف النظام في مواجهة الحراك الشعبي السلمي المطالب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية. بل اعتبرت ما حصل مؤامرة وما فعله النظام من العنف الذي تصاعد الى درجة القصف والتدمير وخروج بعض المدن والبلدات عن سيطرة النظام. وهذا ما حصل في الكثير من أحياء حمص الثائرة التي كان احد اخوة لينا يعمل بها في إحدى مؤسسات الدولة. لم يغادر مكان عمله رغم الخطورة. لكنه أرسل زوجته وأطفاله إلى أهله حيث يعيشون في عمق البادية السورية بجوار قصر ابن وردان. حيث تنتمي العائلة الى بدو تلك المنطقة. وذاكرتهم مشبعة بتاريخها ونمط الحياة الصحراوي. كان والدها ضابطا سابقا وقد تسرّح من الجيش منذ سنوات. يعيش في بلدته في البادية هو وزوجته وأولاده. اغلبهم عاد إليه حيث يسكن فهو في أمان نسبيا…
حصلت الكارثة في حياة لينا وعائلتها عندما خطف اخوها في حمص وتم مفاوضتهم على فدية كبيرة. لم يعرفوا من الخاطفين البعض يقول انهم من شبيحة النظام والبعض يقول انهم من المجموعات الاسلامية المتطرفة القاعدة وداعش التي توالدت على تبعات “الحرب السورية”. والتي لم يعرف حقيقة وجودها وولائها. حيث يتهمهم الثوار انهم صنيعة النظام. والنظام يعتبرهم إرهابيين إسلاميين. كما توالد وقتها مجموعات من عصابات السلب والنهب والخطف استفادت من فراغ السلطة ومن واقع الحال و تعمل لحسابها. ولو انها مربوطة كلها بيد عليا من النظام واحيانا قوى اقليمية ودولية استثمرت في المأساة السورية…
المهم تابعت لينا خبر خطف أخيها واكتشفوا أنه مقتول وتابعوا وجوده في احدى المشافي التابعة للنظام. واحضروه الى قريتهم في البادية ودفنوه هناك…
تستعيد لينا تاريخ حياتها المشتركة مع أخيها والعائلة عبر حياتها لعشرات السنين السالفة. حيث تتحدث عن البادية واجواءها. العلاقة المتميزة والخاصة مع الطبيعة. الذئاب والصقور ومكونات طبيعة البادية وما تمثله هذه الكائنات من منعكسات في التجربة الحياتية للبدوي. تكاد خزينته المعرفية تمتلك بخبرته تلك…
تتحدث لينا عن والدها و دوره كضابط في انعاش منطقتهم النائية بعمق البادية. بناء مدرسة وتعبيد طريق وغيرها من الخدمات التي هي حق للناس على دولتهم في سورية وكل دول العالم…
تتابع لينا واقع حياتهم في البادية بعدما اجتمعت العائلة كلها بعد مقتل اخيها. وكيف اصبحوا تحت احتمال ان يتم استغلال وضع الانفلات الأمني ويتم ضربهم وأذيتهم. فالبادية مازالت تعيش أجواء الثأر والغيرة والحسد والاغارة لأجل الغنيمة. وخاصة ان البادية أصبحت خارج سيطرة النظام. و أصبحت تحت سيطرة الجماعات الاسلامية المتطرفة التي لم تسمها لينا. وقد اظهرت ان بعض أقربائها قد التحقوا بها وأرادوا أن ينتقموا من والدها وأولاده… انتقام من التفوق والتميز والغنى.؟!!.
لذلك كانت فترة وجود لينا واخوتها في مزرعة والدها هي مناوبات مراقبة خوفا من أي إغارة للقضاء عليهم…
كل ذلك جعل لينا والعائلة مهووسين بضرورة مغادرة مزرعتهم وقصرهم في البادية إلى دمشق. وهذا ما كان شديد الصعوبة. حيث اصبحت سورية ساحة حرب بين كل الاطراف. ولاءهم للنظام وكون والدها ضابطا يحميهم في تنقلاتهم على حواجز النظام. كان خوفهم من الآخرين. الثوار أو المجموعات المسلحة الاخرى الاسلامية القاعدة وداعش…
اعتمدت لينا واخوتها والعائلة على التنقل بغريزة البدوي والمعلومات التي تعلموها بالعلاقة مع الطبيعة والدروب المبتدعة وأنواء السماء. ليهربوا من البادية ليصلوا بعد محاولات كثيرة بعضها ناجح والبعض فاشل، ووصلوا الى دمشق. التي مازالت تحت سيطرة النظام. ومنها توجهوا جميعا الى لبنان. وهناك عاشوا جميعهم. استقروا واسسوا لهم حياة جديدة…
وبعد مضي سنوات كبر الصغار ودخلوا في دورة الحياة. تزاوج البعض وأسسوا حياة و سبل عيش رغم كل الصعاب…
هنا تنتهي الرواية.
في التعقيب على الرواية السيرة اقول:
في رواية الذئاب لا تنسى مستويات يتداخل فيها السرد عن لينا بين الذاتي المتعلق فيها وأخيها الضحية وعائلتها والظروف الاجتماعية والطبيعية والحياتية التي نشأت فيها. فهي ابنة البادية السورية. ووالدها ضابط في الجيش السوري كان قد تسرّح من الجيش قبل الثورة بسنوات. وهي تعلن صراحة ولاءها للنظام السوري وترى الثورة السورية وما حصل في سورية عمل عدواني ضد الدولة والشعب السوري. حيث ترى تداعيات الثورة ورد فعل النظام بعد ذلك ونتائج تواجد العسكرة في الثورة السورية وولادة الجماعات المسلحة بتنوعها. وتصمها كلها بأنها إرهاب إسلامي يستبيح حياة السوريين ويسبب كل المآسي التي عاشوها…
لم تكن لينا منصفة في سرد واقع ثورة الشعب السوري. للاسف نظرت إلى الواقع السوري من كون والدها ضابط سابق. مع المكتسبات التي حصلوا عليها. مع رضا عن الحياة بكل ما فيها. رغم أن المظلومية الحياتية المعاشة في سورية وعبر عقود قبل الثورة وما فعله النظام في الشعب السوري قتل وتشريد واعتقال وتدمير للبلاد. اكبر من ان يتم التغاضي عنه. لقد استغرقت لينا في مصابها بأخيها المختطف المقتول. وهذا حقها. وماذا عن حق المليون سوري المقتولين والمخطوفين والمعذبين هل ننسى حقهم.؟. وماذا عن ١٣ مليون لاجئ سوري داخل وخارج سورية وما صاحب لجوئهم من نكبات حياتية. ولينا وعائلتها تهجرت ونكبت ايضا…؟.
مضحك مبكي تصديق أن دور النظام بالخراب السوري يساوي دور من ثاروا عليه.
النظام وروسيا وإيران والميليشيات الطائفية حزب الله وغيره. كلهم قاموا بقتل وتشريد السوريين وتدمير البلاد…
لا قياس لدور المعارضين للنظام مع النظام وحلفائه. حتى القاعدة وداعش فهم بالعمق صنيعة النظام ومن أدواته…
الآن وبعد أن عاد النظام للسيطرة نسبيا على ما تبقى من سورية بمساعدة حلفائه…
ما هو واقع سورية وشعبها ؟.
حياة أقرب للجحيم…
لذلك قام الشعب بثورته . ولذلك مازالت الثورة في سورية ضرورة…
ثورة لإسقاط الظلم والظالمين وتحرير سورية من المحتلين. وتحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية وصون كرامتنا الانسانية…
٢٩ . ٧ . ٢٠٢٤م.