هل يفجر سموتريتش اللغم في وجه نتنياهو ويرفض التناوب على “المالية” مستغلاً الحريديم؟

ألوف بن

لقد خبأ مؤسسو “حكومة اليمين المطلق” جهاز تدمير ذاتي فيها: تناوب بين “الصهيونية الدينية” و”شاس” في منتصف الفترة. من المفترض أن يغادر سموتريتش وزارة المالية بعد نصف سنة، وينتقل إلى وزارة الداخلية. حسب الاتفاقات الائتلافية، سيستبدل به موشيه أربيل أو أريئيل بوسو، لكن من الواضح أنه في حالة تحقق التناوب، سيكون الحاكم الحقيقي في وزارة المالية آريه درعي، الذي تم رفض تعيينه في منصب وزير. حينئذ، سنحصل على درعي الذي يرتدي قناعاً بدلاً من العنصري القادم من التلال.

على فرض أن الحكومة ستبقى على قيد الحياة حتى الدورة الشتوية للكنيست، فسيقف سموتريتش أمام معضلة. إذا ترك وزارة المالية، كما تعهد، فسيفقد معظم قوته وتأثيره. صحيح أن بإمكانه تقديم الملذات للمستوطنين ويزعج العرب أيضاً من وزارة الداخلية، لكنها هدية مقارنة مع مطبعة الأموال العظيمة في وزارة المالية. وإذا رفض التناوب وتم حل الحكومة، فسيخرب سموتريتش الانقلاب اليميني، لكنه سيواصل العمل كوزير للمالية في الحكومة الانتقالية، بتحرر من خطر الاستبدال أو الإقالة، مع الكثير جداً من الميزانيات لتوزيعها في الحملة.

هذه الاعتبارات كانت معروفة لرؤساء الائتلاف حتى قبل انطلاق حكومة الفظائع، وقبل محاولة الانقلاب النظامي ومذبحة 7 أكتوبر والحرب التي لم تنته حتى الآن. فضل نتنياهو وشركاؤه الانطلاق ودحرجة المشكلة إلى الأمام. العلاقة الأيديولوجية والنضال المشترك ضد “النخبة” ألصقتها قوائم الائتلاف بصمغ قوي، تعزز بسبب المسؤولية المشتركة لهم عن الكارثة والرغبة في اتهام قادة الجيش. تم إبعاده العداء الداخلي في كتلة بيبي إلى هامش الوعي العام.

وبعد ذلك، سقطت على الائتلاف ضربة تجنيد الحريديم. عندما تم تشكيل الحكومة، كان الافتراض مثل سابقاتها بأن هذه مشكلة بسيطة. الحريديم لم يرغبوا في التجند، والجيش لم يتحمس لتجنيدهم، ولم يكن المطلوب سوى صياغة قانون يسمح بتجاوز المحكمة العليا واستمرار الوضع القائم. الأقوال بدلاً من الصواريخ. القتال الطويل في غزة والشمال، وآلاف القتلى، والمعاقون والجرحى، وآلاف رجال الاحتياط الذين تم استدعاؤهم إلى الجبهة والاستعداد لحرب أكثر صعوبة بكثير ضد حزب الله وإيران، كل ذلك غير سلم الأولويات العسكرية. يريد الجيش الإسرائيلي الآن الشباب الحريديم بالزي العسكري ويحملون السلاح، ليس بعيداً عن العيون في المدارس الدينية.

هذا واقع لا رد لنتنياهو عليه. وهو غير قادر على تبرير تهرب الحريديم أثناء الحرب التي وصفها بأنها صراع وجودي، أو الادعاء بأن تعلم التوراة مهم مثل الخدمة العسكرية. رده على قرار المحكمة العليا، الذي وحد القضاة الليبراليين ومن يرتدون القبعات، رفض اتفاق “توراته هي مهنته” ركز على الإجراءات. لماذا لم ينتظرونا، أوشكنا على سن قانون، وبترجمة البيبية السائدة، فإن القضاة أرادوا إسقاطه. هذه الادعاءات هدفت إلى تجميع المخلصين، وكارهي النخبة والمحكمة العليا من خلفه. لكن ما الذي سيقوله نتنياهو لمن يرتدون القبعات، الذين يقدسون الخدمة في الجيش، وأبناؤهم يُقتلون باستمرار، أما الحريديم فلا؟ المبرر الذي يضمن فيه الحريديم بقاء حكومة اليمين والتهرب من الخدمة في الجيش هو ثمن معقول لبقاء الائتلاف. وهذا المبرر بدأ يضعف إزاء التمييز بين دم ودم.

هنا تكمن أيضاً فرصة سموتريتش في رفض التناوب، ليس بدافع سياسي من التمترس في موقع قوة في وزارة المالية، بل بتبرير قيمي لتجنيد الجميع. وهكذا سيحافظ على قوته وسيرفع راية الأيديولوجيا التي يقبلها الجمهور، وسيعطي الإشارة أيضاً بأنه شريك مستقبلي في حكومة يمينية غير بيبية. وهكذا سينفجر اللغم الذي زرع عند تشكيل الحكومة، وهذا هو التهديد الأكبر لنتنياهو.

المصدر: هآرتس /القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى