خطورة المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك في إهدار الحقوق العقارية لسكانه وتغيير هويته الديمغرافية

أيمن أبو هاشم

أعلنت محافظة دمشق بتاريخ 29/6/ 2020، عن “المخطط التنظيمي العام لمنطقة اليرموك” برقم 298/3، والذي جاء ضمن السياسات العقارية الجديدة التي تبناها النظام السوري، بعد صدور قانون التنظيم العقاري وتعديلاته رقم 10 لعام 2018، والذي تجيز مواده “إحداث منطقة تنظيميّة أو أكثر ضمن المخطّط التنظيميّ العام للوحدات الإداريّة”.

لا يمكن فصل المخطط التنظيمي بعد صدوره رسمياً، والذي يستبدل اسم مخيم اليرموك، بما يسميه “منطقة اليرموك” عن الخطوات العسكرية والأمنية التي اتبعها النظام منذ نهاية العام 2012، والتي تمثّلت في قصف جامع عبد القادر الحسيني والأحياء المجاورة له، وأدت – وقتذاك – إلى تهجير أكثرية سكان المخيم، وما تلاها ما بين الأعوام 2013 و 2018، من حصار جائر على المخيم، فرضته قوات النظام، بمشاركة ميليشيات فلسطينية تابعة لها، بالتلازم مع استمرار قصف المخيم بصورة عشوائية، وتجويع المدنيين المحاصرين داخله، وسقوط أكثر من مئتي ضحية بسبب الإغلاق الكلي للمخيم، نتيجة منع إدخال المساعدات الغذائية والطبية، ومواصلة اعتقال المئات من أبنائه “نساء وأطفال وشباب وكبار السن”. إذ شكلت تلك الانتهاكات الموّثقة والدامغة، خلال تلك السنوات الرهيبة التي مرت على المخيم، ما يرقى بها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحمل النظام المسؤولية الكبرى عنها.

كان من أكثرها تأكيداً على نوايا النظام في تغيير هوية المخيم الديمغرافية، وشطب خصوصيته الوطنية، الفصل الأخير من الحرب التي شنّها النظام بتعاون روسي مشهود، ما بين شهري نيسان وأيار من عام 2018، بذريعة طرد تنظيم داعش، والتي انتهت كما هو معروف، بتدمير ممنهج لأجزاء واسعة طالت غالبية أحياء المخيم، وتهجير كل من تبقى من سكانه. فيما اتضح جلياً بعد إخراج داعش من المخيم وجواره، أن الهدف الحقيقي للنظام من وراء كل جرائمه تلك، كان تصفية المقومات المادية والمعنوية لأكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، وتفكيك مكانته التاريخية والكفاحية بكل حقد ووحشية.

التذكير بتلك الأحداث والوقائع المأساوية، لا غنى عنه، لفهم جوانب خطورة المخطط التنظيمي الأخير تحت غطاء “إعادة تنظيم منطقة اليرموك” بوصفه تطويب لمحصلات حرب النظام على المخيم في أبعادها العسكرية الأمنية والسياسية. مستنداً في ذلك إلى القوانين العقارية التي أصدرها في السنوات الأخيرة، ومنها القانون رقم 10 لعام 2018، باعتباره المسوغ القانوني والإجرائي، لإعادة هندسة المناطق السورية وفق أهداف النظام ومراميه، لشرعنة عمليات التغيير الديمغرافي التي قام بها خلال محطات الثورة السورية، والتي لم يستثنِ منها مخيم اليرموك، ولأسباب إضافية لها علاقة بوظيفة النظام في استنزاف الوجود الفلسطيني في سورية، لتحقيق الرغبة الإسرائيلية الدفينة في شطب قضية اللاجئين، وإزالة مخيم اليرموك أحد أبرز عناوينها وتمثلاتها الوطنية الحيّة، ودون إغفال استهداف النظام للمخيمات الفلسطينية الأخرى في سورية. كما شهدته مخيمات درعا والسبينة وحندرات وخان الشيح والرمل والحسينية.

بناءً عليه؛ تكمن خطورة المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك، من خلال تبيان مدى خروقاته القانونية الصريحة للحقوق العينية العقارية المكتسبة لسكان المخيم، وهو ما سنقف عليه في هذه القراءة القانونية والإجرائية لمجمل الخريطة والتوصيفات العقارية التي اعتمدها المخطط التنظيمي، وتلّمس آثاره الفادحة على جغرافية المخيم وحقوق سكانه، من خلال عرض الخروقات والمخالفات التي ينطوي عليها المخطط في محدداته الراهنة ومنعكساته المستقبلية، والتي تتبدى في الجوانب التالية:

أولاً : يتجاهل المخطط التنظيمي الذي قامت بدراسته وإعداده الشركة العامة للدراسات الهندسية وهي “جهة حكومية”، وبعد موافقة اللجنة الفنية لمحافظة دمشق، والمصادقة عليه من قبل اللجنة الإقليمية، حقيقة ثابتة؛ وهي أن مخيم اليرموك ومنذ بدايات نشوئه في منتصف الخمسينات، وخلال مراحل توسعه العمراني طيلة العقود الماضية، كان وحدة عقارية تتبع لمدينة دمشق، وهو ما يؤكده المخطط التنظيمي للمخيم الصادر عام 2004 والمصدق أصولاً، والذي يُحدِد المخيم القديم ومناطق توسع المخيم في غرب اليرموك وجنوبه، على أنها منطقة عقارية واحدة، تضم كافة أحياء وحارات المخيم، بمسميّاتها المذكورة في مخطط العام 2004، وهي أسماء يعود أغلبها، إلى المدن والقرى الفلسطينية التي لجأ منها سكان المخيم إثر نكبة العام 1948. إذ وبكل وضوح يتنكر المخطط الجديد لهذه الحقائق العمرانية القائمة، وبدلاً من العمل على ترسيخها بما يحفظ هوية المخيم، كتجمع خاص باللاجئين الفلسطينيين -لا يُغير من خصوصيته الديمغرافية وجود مواطنين سوريين يعيشون فيه مع إخوتهم الفلسطينيين-فإن الجهات المعنية بدراسة واعتماد المخطط الجديد، تذهب إلى محوِ تلك الوقائع الراسخة، بصورة جائرة وتعسفية، وتستقي مبرراتها من إعادة التصنيف العقاري للمخيم، وتقسيمه إلى مناطق ثلاث، كنتيجة لما لحق المخيم من أضرار بسبب الحرب التي دارت على رحاه. هذا المعيار في إعادة تصنيف المخيم كمناطق ذات أوصاف عقارية مختلفة، يؤدي فعلياً إلى تجزئة الوحدة العقارية للمخيم، لمنع إعادة إعماره وفق المخطط القديم، والذي يُعين بدقة المصور العام للمخيم، وخرائط التنظيم وضابطة البناء لجميع الأبنية وتراخيصها في البلدية، والحدود التي تفصله عن الأحياء السورية المجاورة له.

ثانياً: يشير الوصف العقاري للمخيم وفق المخطط الجديد، إلى وجود مسعى واضح من ورائه لنزع صفة المخيم، واستبدال تسميته “بمنطقة اليرموك” في خطوة غير بريئة، تتساوق بتفصيل أكثر، مع وضع المخطط لمسميّات جديدة لحارات المخيم، حيث يرد في المخطط اسم “الحي الشامي” على أحد أقدم حارات المخيم وهي حارة الفدائية وامتدادها إلى ساحة الريجة. وبما أن المخطط يشمل كامل مساحة المخيم المنتشرة على 220 هكتار، فإن تقسيم تلك المساحة إلى ثلاث مناطق (كبيرة الأضرار 93 هكتار – متوسطة الأضرار 48 هكتار – خفيفة الأضرار 79 هكتار) وشمول المنطقتين كبيرة ومتوسطة الأضرار بإعادة التنظيم، ما يعني بالضرورة إزالة ما يزيد عن 60% من أراضي المخيم، وتحويلها إلى أبراج سكنية وأسواق تجارية وحدائق عامة. في حين نلحظ وجود عملية تضليل وتدليس، فيما يتعلق بتأمين المخطط لعودة 40% من سكان المخيم إلى بيوتهم الواقعة في المنطقة خفيفة الأضرار. حيث أن وضع هذه المنطقة ضمن تنفيذ المرحلة الثالثة من المخطط، والتي ستستغرق سنوات طويلة، قد تتجاوز على الأرجح ال (15) عاماً للمراحل الثلاث، هي رسالة مبطنة لأهالي المخيم الذين ما زالوا داخل سورية، كي يبحثوا عن بدائل للسكن الدائم خارج المخيم وربما خارج سورية، مع العلم أن نسبة كبيرة من سكان المنطقة خفيفة الأضرار، أصبحوا خارج سورية بحكم عمليات التهجير في السنوات الماضية. ما يجعل حتى عودة ال 40% من أبناء المخيم غير متاحة عملياً. لو كان الأمر على غير هذا النحو، لكان الإبقاء على المخطط التنظيمي لعام 2004، وإعادة إعمار المخيم بموجب مصوراته وخرائطه، بمثابة الحل المنطقي والأمثل الذي يصون هوية المخيم، ويحافظ على الحقوق العقارية لأهله وساكنيه، ويبعث الآمال حتى للأهالي الذين غادروا إلى المنافي البعيدة للعودة إليه.

ثالثاً: يتعامل المخطط التنظيمي الجديد مع أراضي المخيم، باعتبار أن المساكن المسجلة في قيود الهيئة العامة لمؤسسة اللاجئين بموجب إذن سكن، بمثابة إنشاءات وأنقاض، لا تشملها قوانين التملك، لأنها أقيمت على أراضي مؤجرة من الدولة، ولجهة تتبع للدولة وهي مؤسسة اللاجئين. بهذا المفهوم الذي يعتمده المخطط، لا يحق لكل لاجئ يمتلك إذن سكن في حال كان منزله مدمراً جزئياً أو كلياً، أن يطالب بسكن بديل، مع أن نسبة البيوت المسجلة في قيود المؤسسة، هي الأكبر من مجمل مساكن المخيم. ينسحب هذا التصور فعلياً على بقية المساكن وفق تعدد وسائل إثبات ملكيتها في المخيم (أحكام قضائية – وكالة عدلية – طابو -عقود بيع وشراء مصدقة من المالية) ولا يوجد وضوح في المخطط بالنسبة لكيفية التعامل مع الأحياء والحارات التي لا تقع ضمن إعادة تنظيم، لاسيما تلك التي تعرضت لأضرار كبيرة، هذا إذا افترضنا وجود خطة لإعادة ترميم أو إعمار تلك البيوت. يكشف هذا المنطق أيضاً عن توجه مقصود من المحافظة، للتعامل مع المخيم بمعايير إجرائية أكثر إجحافاً حتى من قوانينها المتعلقة بإعادة تنظيم مناطق المخالفات (العشوائيات).

من مقلب آخر، ثمة إهدار في المخطط لحقوق أصحاب المحال التجارية التي تقع في الواجهة الغربية لشارع اليرموك، بذريعة توسيع شارع اليرموك 40متراً، على حساب إقامة أسواق تجارية جديدة، وطي صفحة المحلات القائمة، والتي كان لها قيمة مالية واقتصادية كبيرة للمخيم ولمدينة دمشق على نطاقٍ أوسع. كما أن إفراد المخطط لمساحات واسعة مخصصة للحدائق العامة، لا يمكن فهمه ضمن سياسات تحسين وتجميل المنطقة الخاضعة للتنظيم، طالما أن هذه المساحات الخضراء ستقام على أنقاض آلاف المساكن وحقوق ساكنيها.

 رابعاً: يستند المخطط التنظيمي فيما يتعلق بالسكن، وتعويض أصحاب الأملاك المشمولة بإعادة التنظيم، إلى المرسوم “رقم 5 لعام 1982” والذي يحصر التعويض وفق مساحة البناء وليس الأبنية والشواغل المُشادة عليه، وتوزيعها إلى أسهم بين المالكين. ومن اللافت هنا حجم الإجحاف بحق المالكين في المناطق التي تخضع لإعادة التنظيم، إذ لن تتعدى نسبة التعويض بأقل من ربع قيمة العقار، ومع فروقات الأسعار والتضخم الحاد في الليرة السورية، وحساب التعويضات وفق نسب تقل كثيراً عن القيمة الحقيقة للعقارات، قد لا يتعدى التعويض 10% في أحسن الأحوال. عدا عن اشتراط شراء نصاب من الأسهم يغطي قيمة العقار، ويصل إلى ثلاثة أضعاف التعويض المحدد، في حال تفكير من يحق له التعويض بشراء مسكن، في عين العقار الذي كان يسكنه قبل التنظيم. إضافةً إلى التكاليف المرتفعة لتراخيص البناء، مما يفوق قدرة عوائل المخيم الفقيرة على تحمل هذه الأعباء المادية الكبيرة، ويُشرّع الأبواب للشركات العقارية، وكبار المضاربين، والسماسرة للتحكم بالأسعار وجني أرباح طائلة.

ثمة سابقة تؤكد أيضاً إجحاف المخطط الجديد لمخيم اليرموك، في مسألتي التعويض والسكن الجديد في المناطق الخاضعة للتنظيم، وهي ما اختبره مالكي العقارات في منطقتي بساتين الرازي وكفر سوسة، اللتان تم تنظيمهما بموجب المرسوم رقم 66 لعام 2012، حيث لم يحصلوا على سكن بديل، ولا تعويض عادل، ولم تقم المحافظة حتى غايته ببناء الأبراج السكنية في هاتين المنطقتين.

خامساً: صدر المخطط التنظيمي، بعد إلحاق التبعية الإدارية لمخيم اليرموك، إلى أحد دوائر الخدمات في محافظة دمشق، وذلك بقرار من رئاسة مجلس الوزراء في العام 2018، مما ألغى فعلياً اللجنة المحلية لمخيم اليرموك، التي كانت الجهة الإدارية المسؤولة عنه منذ منتصف الستينات. يُفسر هذا الإجراء السابق على صدور المخطط بعامين، تفرّد المحافظة في وضع المخطط الجديد، في غياب أي جهة تمثل مصالح وحقوق اللاجئين في ملكياتهم العقارية، وعدم افساح المجال لأي لاجئ أصالة عن نفسه أو من خلال وكيله القانوني، سواء في التواصل مع لجان تقييم الأضرار، أو إبداء آرائهم أو اعتراضاتهم المسبقة، على المعايير التي اتبعتها الشركة العامة للدراسات الهندسية، في تصنيفها المخيم وفق نسب الأضرار، مع أن أولوية الأهالي هي إعادة بناء أو ترميم مساكنهم، وليس فرض وقائع عقارية جديدة، تحول دون حفاظهم على حقوقهم العقارية لمكتسبة. لا غرابة أن يفقد أهالي المخيم ثقتهم بأن يمكّنهم المخطط من صون حقوقهم تلك، وهم يشاهدون وبكل حرقة وألم، منذ إعادة سيطرة النظام على المخيم في أيار/مايو 2018، مواصلة قواته عمليات تعفيش بيوتهم ونهب محتوياتها، وسرقة كافة مواد وتجهيزات البنية التحتية، وتدمير البيوت الصالحة للسكن لسرقة الحديد منها!!

سادساً: في ضوء ذلك يبقى الاعتراض على المخطط، ضمن مهلة (30) يوماً من تاريخ صدوره، والتي تنتهي في نهاية شهر تموز/ يوليو الجاري، الباب الوحيد الذي يجب أن يطرقه الأهالي لتقديم اعتراضاتهم القانونية على المخطط، رغم تضاؤل الآمال بأن يؤدي ذلك إلى وقف المخطط من الجهة التي أصدرته، سيما وأن اللجنة التحكيمية المختصة بالنظر بطلبات الاعتراض، والمؤلفة من قاضٍ يعينه وزير العدل وثلاثة أعضاء يمثلون الدولة، وعضو يمثل المالكين، لا تشكل حَكماً يُعتد به لإنصاف الأهالي المتضررين من المخطط، لأنها لا تتمتع بالاستقلالية المطلوبة للنظر بموضوعية في حيثيات الاعتراضات، ومثل هذه اللجان – كما تعارف عليها السوريين في زمن النظام- ليست أكثر من مراجع صورية وشكلية، لإسباغ الشرعية القانونية على أعمال تعسف السلطة. ثمة من يراهن أيضاً على نتائج أعمال اللجنة التي شكّلتها الهيئة العامة لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين، والمُكلفة بدراسة المخطط الجديد من كافة النواحي، بأن تقدم توصيات من شأنها تصحيح الخلل الفادح في المخطط، بيدَ أن سكوت الهيئة على إلغاء اللجنة المحلية لمخيم اليرموك، وعن إلغاء مخطط العام 2004، وعدم تدخلها في كافة المراحل التي سبقت إصدار المخطط، رغم أنها الجهة الرسمية التي تدير شؤون اللاجئين في سورية، واستخدامها المعروف من قِبل النظام، للتغطية على سياساته الظالمة بحق اللاجئين، جميعها أسباب ترجح صعوبة الرهان على دورها في معالجة الآثار الكارثية للمخطط.

سابعاً: ثمة ترابط وثيق بين القيود التي فرضها قانون التنظيم العمراني رقم 10 لعام 2018، على إجراءات إثبات الملكية العقارية للسوريين ومن في حكمهم، والمخطط الجديد لمخيم اليرموك، يتضح ذاك الترابط بتجريد فئات كبيرة من المهجرين عن مخيم اليرموك، من إمكانيات إثبات ملكياتهم العقارية، بسبب الاشتراطات الأمنية التي وضعها القانون رقم (10) واستحالة العودة الآمنة للكثيرين ممن يعتبرهم النظام من المعارضين له. لاسيما أن ما يقارب نصف أبناء المخيم من الفلسطينيين، أصبحوا خارج سورية، كما أن التضييق الأمني على من تبقى منهم في أحياء يلدا وببيلا وبيت سحم المجاورة للمخيم، ما يكشف عن حجم الضغوطات والعراقيل، لتفريغ المخيم من سكانه، وليس توفير مقومات عودة الأهالي كما يرد في المخطط التنظيمي. ما يشجع ويغطي على سلوك النظام في هذا المنحى، تصريحات إعلامية صدرت في الآونة الأخيرة عن العديد من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، تتساوق مع تزييف المخطط الجديد لحقائق التركيبة السكانية للمخيم، من خلال ادعائهم أن مخيم اليرموك أرض سورية، وأكثرية سكانه من السوريين، فيما الأقلية من اللاجئين الفلسطينيين. وهي عدا أنها تصريحات منافية للحقيقة، لأن التقديرات الإحصائية تشير أن أعداد الفلسطينيين في المخيم قرابة 250 ألف نسمة، وبنسبة تتراوح بين 75 و80% من إجمالي سكانه. فإن تلك التصريحات تندرج أيضاً في سياق تمرير المجزرة العقارية التي تحدث باسم المخطط الجديد، والتي تطال أبناء المخيم من فلسطينيين وسوريين على حدٍ سواء.

أخيراً: لعلً الانطباع السائد لدى أبناء مخيم اليرموك، وبقية المخيمات الفلسطينية التي نالت نصيبها من جرائم النظام، يتسم باليأس والإحباط، بسبب عدم توفر آليات قانونية محلية ودولية قادرة على ردع النظام، من توغله في استباحة حقوق السوريين ومن في حكمهم، ومنها حقوقهم العقارية، التي يجري اليوم انتهاكها بإجراءات تتنافى مع المواثيق والقوانين الدولية التي تكفل تلك الحقوق، وتخالف الدستور السوري الحامي لحق الملكية، والذي لا يكف النظام عن ضربه عرض الحائط.

ليس من قبيل المبالغة، أن تستحضر كارثة المخطط التنظيمي، في أذهان أبناء مخيم اليرموك، الكارثة التي أحدثها عشية النكبة الفلسطينية عام 1948، قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي، الذي سلب حقوق آبائهم وأجدادهم، وجرّدهم من أراضيهم التي تم الاستيلاء عليها عنوةً، واليوم يُعيد نظام الأسد سلب حقوقهم وشطب هويتهم، بوسائل التدمير، والقتل، والاعتقال، والتهجير، والتعفيش، ويستكمل بإعلانه المخطط الجديد، دوره الفاضح في تغيير هوية مخيم اليرموك وتصفيته مادياً ومعنوياً. ما يطرح على أبناء المخيم من فلسطينيين وسوريين، أن يرفعوا عقيرة أصواتهم دفاعاً عن هوية هذا المكان الذي جسّد التعايش الأخوي الفلسطيني السوري بأرقى صوره، وقدم الغالي والنفيس دفاعاً عن فلسطين وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، والعمل الدؤوب على تعرية النظام وحلفائه، عمّا اقترفوه من انتهاكات جسيمة، بحق مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية في سورية، وفضحهم أمام كافة المنابر الحقوقية والإنسانية على الساحة الدولية، وإقامة حملات مدنية منظمة، تنقل رسالة تشبث أبناء اليرموك بمخيمهم إلى العالم أجمع.

المصدر: موقع مصير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى