يعيش أكثر من 3 ملايين مواطن سوري بين نازح ومقيم شمال وغرب سوريا، حالة من القلق والترقب الدائمين، أمام المتغيرات الدولية في الملف الإنساني والمتعلق بالمساعدات المقدمة للنازحين، خصوصاً في أعقاب قرارات متتالية من مجلس الأمن، بشأن تمديد إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري. وهذا ما حصل بعد التصويت الأخير السبت، على مشروع قرار حدد باب الهوى الحدودي مع تركيا، منفذاً وحيداً لإدخال المساعدات الإنسانية، فقدْ فقد السوريون منفذين بداية هذا العام، وهاهم يخسرون منفذاً ثالثاً. فماذا ينتظرهم بعد سنة إن بقي الوضع على ما هو عليه؟
وقالت وكالات الإغاثة العاملة في سوريا، في بيان مشترك: «ستزداد في شمال غربي سوريا، حيث تم إغلاق شريان حيوي عبر الحدود… صعوبة الوصول إلى ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص يعتمدون على الغذاء والدواء الذي تقدمه الأمم المتحدة عبر الحدود». وأضاف البيان: «لن يتلقى كثيرون الآن المساعدة التي يحتاجون إليها. ستهدر أرواح، وستزداد المعاناة». وقال البيان الذي نقلته «رويترز»: «هذه ضربة مدمرة مع تأكيد أول حالة إصابة بـ(كوفيد – 19) في إدلب، المنطقة التي ضعفت بنيتها التحتية في مجال الصحة بشكل كبير».
وفي بيان منفصل، قالت منظمة أطباء لحقوق الإنسان إن قرار مجلس الأمن أغلق «الطرق المباشرة أمام مئات الآلاف من النازحين السوريين الذين هم في أمس الحاجة للغذاء والدواء».
وكانت روسيا والصين، قد قالتا، إن من الممكن الوصول إلى شمال سوريا من الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وإن شحنات المساعدات عن طريق تركيا تنتهك السيادة السورية. وقال لويس شاربونو مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»: «أذعن أعضاء المجلس ومنحوا موسكو ما تريده؛ أي تخفيض آخر كبير في المساعدات الموجهة عبر الحدود إلى السوريين البائسين الذين يعتمدون عليها من أجل البقاء على قيد الحياة».
وأثارت محاولة موسكو تسييس المشاريع الإنسانية، مخاوف السوريين، من تأثر تلك المشاريع الهادفة إلى مساعدة ملايين النازحين ممن فقدوا منازلهم في مناطق مختلفة في سوريا، ما اضطرهم إلى اللجوء للمخيمات الحدودية مع تركيا. واعتبر الناشط السياسي وعضو في الهيئة السياسية بحماة، محمد فريجة، أن روسيا والصين، تسعيان لعرقلة الجهود الدولية التي من شأنها مساعدة السوريين النازحين والمهجرين، والحد من جرائم وممارسات النظام والعمليات العسكرية ضد الشعب السوري، لافتاً إلى أن الملف الإنساني، هو الملف بين ملفات الشأن السوري الذي يمكن النازحين من العيش على المساعدات الإغاثية، ريثما يتوصل المجتمع الدولي إلى حل سياسي يلزم النظام بالتنازل عن الحكم. واتهم فريجة، روسيا، بمحاولة اللعب على وتر الابتزاز السياسي على حساب المساعدات الإنسانية، بحجة أن هذه المساعدات تقوض سلطة نظام الأسد على أراضيه، لكن الهدف، بحسب رأيه، تجويع الشعب السوري عبر حصاره، بعد فشلها وحليفها النظام السوري في الحلول العسكرية والسياسية.
ولفت إلى مكر روسيا الذي لا يخفى على السوريين والمجتمع الدولي، من إصرار على دخول المساعدات عبر منافذ نظام الأسد، لتخفيف الحصار عنه، بعد تطبيق قانون قيصر عليه وعلى داعميه، وإنقاذه من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وانهيار العملة الوطنية.
أما الناشط الحقوقي أكرم جنيد فيرى أن روسيا تحاول إبراز النظام على أنه قادر على إدارة سوريا، وقيادتها. وفي الملف الإنساني، تحاول التضييق على الشعب السوري لإرغامه على التسوية مع النظام، مستخدمة «أسلوب التجويع»، الذي بات سياسة مكشوفة. ويذكّر جنيد بتدخل روسيا في قرار مجلس الأمن رقم 2504، في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، وفرضها إيصال المساعدات الدولية إلى السوريين عبر منفذين فقط من أصل أربعة؛ هما «السلامة وباب الهوى»، ولمدة 6 أشهر، فقط، مع إغلاق معبري اليعربية مع العراق والرمثا مع الأردن. وأضاف أنه بعد نجاحها في فرض قرار دولي، السبت، بمواصلة تقديم المساعدات من خلال باب الهوى الحدودي، فقط، فإن ذلك سيسمح لروسيا بمواصلة تسييسها للمساعدات الدولية واستخدامها ورقة ضغط للمساومة على قبول المجتمع الدولي ببشار الأسد رغم جرائمه، وإرغامه على التعاون مع النظام.
من جهته، يقول حمود الحسين، مدير مخيم الفقراء في منطقة دير حسان، على الحدود التركية: لو كان مجلس الأمن قد أخفق يوم السبت، في التوصل إلى قرار يقضي بتمديد المساعدة للسوريين، لكنا شهدنا أكبر كارثة إنسانية، حيث ملايين النازحين يعيشون من دون مصدر دخل أو مصدر غذائي، سوى السلال الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة بشكل شهري للنازحين، وفي حال فقدانها، لن يكون أمامهم سوى الموت جوعاً، فضلاً عن انعدام الدواء وحليب الأطفال حينها.
المصدر: الشرق الأوسط