سعود السنعوسي ؛ روائي كويتي متميز، قرأنا له روايتين: ساق البامبو، وفئران أمي حصة، وكتبنا عنهما.
تبدأ رواية سجين المرايا بتقرير الطبيب النفسي غازي يوسف عن حالة مريضه عبد العزيز داوود العبد العزيز، يخبره به أنه ليس مريضا ، وأنه يقترح عليه أن يكتب حكايته ليتحرر من ماضيه وينتصر لمستقبله. عبد العزيز يأخذ بنصيحة طبيبه ويبدأ بسرد حكايته.
عبد العزيز شاب كويتي في العشرينات من عمره، يعيش وحيدا، تسكنه حالة من الوحدة المزمنة والحزن العميق، جعلته منعزلا عن الواقع بالكامل، بعد ما مر بتجارب قاسية في حياته ، حيث افتقد والده أولا ؛ والده الذي لم يكن إنسانا عاديا؛ انه احد رجال المقاومة الكويتية للاحتلال العراقي للكويت، والذي قبضت عليه السلطات العراقية على الحدود بين الكويت والسعودية ، حيث كان يود أن ينقل عائلته الى السعودية ويعود هو للمقاومة، لكنهم يقبضون عليه ويعدمونه امام ابنه عبد العزيز وزوجته، وهذا ما أثر على عبد العزيز كثيرا وهو طفل ابن الثماني سنوات، وبقي عبد العزيز وحيد امه وبقيت كل شيء في حياته، ثم لتموت بعد سنوات، ويعيش عبد العزيز وحيدا يجتر احزانه ويأسه من الحياة بعد ان فقد امه وابوه. يعمل عبد العزيز في احدى المؤسسات ليؤمن لقمة عيشه ، ويقضي وقته بالقراءة وسماع الموسيقى والذهاب للسينما أحيانا . تبدأ حياته بالتغير عندما يجد هاتفا منسيا في قاعة السينما، ويأخذه ، وتتصل به صاحبته بعد وقت وعرف اسمها ريم، واتفقا على كيفية إعادة الهاتف لها، سيقع في جاذبية صوتها، لكنه يعجز عن التعبير عن نفسه، وسيعطي الهاتف لوالدها الذي يحترمه وخاصة بعد ان عرف انه ابن الشهيد، وكان أبوها من رفاقه أيام المقاومة. وتبدأ ريم بإرسال رسائل له عبر الجوال، ومن بعد يتحدثان، وبعد ذلك يلتقيان، وليعيش عبد العزيز مشاعر حب يعجز عن توضيحها لريم، وريم تصبر عليه وتدفعه للخروج من عزلته والتحرر من حزنه، وهو عاجز عن تجاوز حالته، رغم أن هذا الحب كان بالنسبة له ؛ الضوء الوحيد في ظلمة حياته، لكنه سيعجز عن التقدم من ريم اكثر، تزوره في منزله ويعجز ويتعفف عن الاقتراب منها جسديا، ويعدها ويعد نفسه أن يبني معها حياة زوجية رائعة، لكنها تتركه دون إيضاح ، سيعاني كثيرا ويعود اكتئابه له ، لكن حبها لا يتركه، لذلك قرر أن يغادر إلى بريطانيا، حيث يقضي وقتا يريح نفسه، ويتعلم الإنكليزية أكثر، ليصبح مثلها ، كما أنه سيحب كل هوايتها لتعود اليه. في بريطانيا يسكن مع امرأة في منزلها، وجارته شابة إنكليزية، سيعيش تجربة تعيد تطوير فهمه للحياة، فالمرأة وحيدة وزوجها متوفي وابنها لا يزورها ، وتعيش مع كلبها، وتؤجر غرفتين من منزلها لتعيش، هي سعيدة ، حيث تأخذ من الحياة ما تعطيها وتتكيف، وفي الغرفة الثانية تعيش فتاة انكليزية، تعمل نادلة لتعيش، لا أهل لها ولا تعرفهم اصلا ولا منزل، مع ذلك تعيش وتجد لنفسها ما تسعد به ومعه، وكذلك ذلك الرجل الذي جعل من منزلة جنة للزنابق وخلق لنفسه وغيره فرصة للسعادة…. تعلم عبد العزيز الكثير في سفرته الى بريطانيا، واكتشف ان عنده الكثير قياسا بغيره، وانه يستطيع ان يعيش حياة سعيدة مع ريم عندما يعود. حيث قرر أن يعبر عن نفسه، ويغادر اكتئابه، ويصارحها بحبه؛ وأنه سيبني معها حياة جميلة، يعتز بوالده ، فقد قام بدوره، وسيبقى يذكر أمه بالخير، ينقد ما يراه من أخطاء اجتماعية، ويقوم هو بالصحيح قدر طاقته. يعود ليلتقي بحبيبته، لكنه لن يجدها كما كان يتمنى، فهي أخفت عنه اسمها الحقيقي، و كانت تحب قبله ومعه شاب آخر، لم تستطع أن تكون له ، كما أنها لم تتخلى عنه، وعند ساعة الحقيقة التحقت بالاخر لانه كان قد اخذ عذريتها قبل التعرف عليه، أصيب بخيبة جديدة، لكنها لم تستطع أن تعيده لماضي وحدته وحزنه. سيلتقي بالطبيب النفسي الذي يتبناه ويساعده أن يتجاوز محنته، وينصحه أن يكتب حكايته ليحرر من أعباء معاناته كلها. وهكذا حصل..
.في قراءة الرواية نقول: إنها الرواية الاولى لسعود السنعوسي، حيث ابدع في أسلوب السرد، الربط بين العام والخاص، وتطور الشخصيات، ونجح بإعطائنا مؤشرات ضمنية للقارئ، تجعلها رواية ذات مهمات إنسانية: الوعي ، الدور الايجابي بالحياة، الحب، التعلم من الآخرين، التكيف مع شروط الحياة، واكتشاف الافضل دوما، والعمل له…
.13.1.2018…
رواية “سجين المرايا” للروائي الكويتي “سعود السنعوسي” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “أحمد العربي” الرواية هي سرد من المريض “غازي يوسف” الذي يخبره طبيبه بأنه ليس مريض ويقترح عليه أن يكتب حكايته ليتحرر من ماضيه وينتصر لمستقبله. ابداع في أسلوب السرد، والربط بين العام والخاص، وتطور الشخصيات