تقف قيادة الجيش أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتطالبه بأن يحسم في مسألتين مهمتين: الأولى هي مسألة “اليوم التالي” في غزة: أن يقرر من يريد كبديل سلطوي لحماس. الثانية هي مسألة صفقة شراء سربين من الطائرات القتالية من طراز إف 35 و إف 15 من الولايات المتحدة تتأخران بسبب جدال بين وزير الدفاع غالنت ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. يدور الحديث عن نقطة غليان: في جهاز الأمن يطالبون جدا بقدم سياسية تنهي العمل العسكري، وقرارات– حتى وإن كانت قاسية– لا تتخذ، حسب ما يدعي الجيش فتضيع إنجازاته العملياتية.
الجيش الإسرائيلي يعود للعمل ضد بنى حماس سبق أن ناور فيها مثل جباليا والزيتون ونحن ندفع أثمانا باهظة: خمسة قتلى في نهاية هذا الأسبوع. يدور الحديث عن اجتياحات تنفذها وستنفذها لاحقا وحدات الجيش ضمن الفرق كي تواصل تفكيك قدرات حماس. من أجل الحقيقة المهنية ينبغي أن يقال أن الجيش الإسرائيلي ادعى مسبقا بأن هذا سيكون نمط العمل في غزة حتى بعد أن تخرج الفرق من القطاع – مثل شكل العمل في الضفة الذي تواصل بعد حملة السور الواقي وينفذ لسنوات – لأجل “قص عشب” الهجمات، بحيث لا ترفع الرأس ويعرض سكان الغلاف للخطر.
لكن في الجيش يوضحون بأنه يجب الأخذ بالخيار السلطوي الذي سيأخذ المسؤولية. حماس، يقولون في جهاز الأمن، لا يريدها أحد. وبالتالي، الإمكانيات هي السلطة الفلسطينية أو محافل معتدلة في داخل غزة بدعم من دول عربية. خيار ثالث، يتمثل بحكم عسكري – إسرائيلي، ليس معقولا بسبب المعنى العسكري لحجم القوات التي سيتعين عليها البقاء في المنطقة والمقدرات الأمنية والاقتصادية. وعليه، فنشأ حقا الخياران الفلسطينيان “هما سيئان”، كما يقولون بصدق في جهاز الأمن، “لكن يجب اختيار الأقل سوءًا، إذ لا يوجد غيرهما والخيار القائم – المتمثل بحماس – سيئ جدا لإسرائيل”. “لا توجد حلول سحرية. الأهم هو القرار– وعدم القرار يجر إلى الواقع الحالي”، يقول مصدر عسكري كبير.
مرة أخرى، على سبيل النزاهة، يقال ان خيار محافل فلسطينية محلية معقد للغاية على التحقق. فمن الصعب أن نرى القوة التي ستنشأ تحظى بتأييد جماهيري داخلي، ولا تقاتلها حماس. الخيار الثاني، المتمثل بالسلطة الفلسطينية، سيئ هو الآخر. استطلاعات في الضفة تفيد كم هو التأييد لمذبحة 7 أكتوبر كبير، ولا يزال في جهاز الأمن يقولون إن هذين الخيارين أقل سوءا من الوضع القائم. الذي من غير الصواب أن يبقى اكثر من ذلك إذ إنه يسحق إنجازات الجيش الإسرائيلي حتى الآن. “نحن نعود إلى الأماكن إياها المرة تلو الأخرى، لأنه لا تتخذ قرارات”، يقولون في قيادة الجيش.
مصدر سياسي قال لنا معقبا إن كل حديث عن “اليوم التالي”، في الوقت الذي لا تزال فيه حماس قوة عسكرية منظمة، يمكنها أن تهدد البديل المستقبلي، منقطع عن الواقع بل وحتى شعبوي. لا يوجد سبيل آخر لتحديد إدارة مدنية تحل محل حماس الى أن تنهى المهمة وحماس، كقوة عسكرية تصفى.
والقتال، كما أسلفنا، يتعاظم. الجيش الإسرائيلي يجدد الهجمات في قطاع غزة ويعود الى جباليا في الشمال والى الزيتون في وسط القطاع. في حدث في الزيتون سقط خمسة مقاتلين من كتيبة 931 للناحل، أغلب الظن من ساحة عبوات واشتباك مع مخربين.
في القسم الشمالي من قطاع غزة في جباليا، حيث يعيش الآن بين 100 و 150 ألف نسمة، يمارس الجيش الإسرائيلي ضغطا من الجو ومن البر. بالتوازي يتواصل اجتياح حي الزيتون في جنوب مدينة غزة. اليه أيضا عاد الجيش – للمرة الثالثة حتى الآن. الاجتياح هناك يركز على العثور على أسلحة كثيرة، أساسا في المدارس، والعثور على أنفاق قتالية أخرى لم تدمر بعد.
كما أن الجيش يوسع قليلا العملية في رفح ويدعو المواطنين فيها إلى الإخلاء. حتى الآن ترك نحو 300 ألف فلسطيني رفح منذ بدأ إخلاء المدينة من السكان قبل بضعة أيام، هكذا حسب معطيات الجيش.
في أعقاب الضغط على رفح صعّدت حماس النار نحو منطقة بئر السبع حيث لم تطلق عليها منذ خمسة أشهر. فالتقدير هو أنه كلما تعمقت العملية في رفح ستحاول حماس توسيع النار ربما الى مدى أبعد من ذلك، وفي رفح توجد لحماس صواريخ بعيدة المدى تصل الى وسط البلاد.
جدال آخر مطلوب فيه حسم نتنياهو هو في موضوع شراء الطائرات القتالية. أقرت الولايات المتحدة المشتريات وتنتظر قرار حكومة إسرائيل. وزير المالية سموتريتش يواصل تأخير انعقاد اللجنة الوزارية لشؤون التسلح التي يفترض بها أن تبحث وتقر الصفقة، بزعمه إلى أن يجري بحث في مفهوم الأمن اللازم لدولة إسرائيل. أما غالنت من جهته فيدعي بأنه لا يوجد وقت وهذا التأخير من شأنه أن يؤخر لسنوات أخرى استقبال الطائرات إذ إن الصفقة تتأخر حتى الآن ثلاث سنوات على الأقل، وإذا لم نوقع الآن، فستحصل دول أخرى على الأولوية.
وقال غالنت إن “تأخير المشتريات هو مسّ بأمن إسرائيل، وفي الوقت الذي نقاتل فيه في حرب متعددة الساحات– المعاني واضحة. في الجيش يضيفون بأن هذه ليست طائرات أخرى إضافية بل طائرات تحل محل طائرات قديمة خرجت من الخدمة بسبب عمرها.
لكن مطلب سموتريتش لبحث واسع هو مطلب شرعي. فهو يقول إن “إسرائيل بحاجة لأن تخصص مالا أكثر للأمن لكن ليس لأمن فاشل كما بني في السنوات الأخيرة وفقا للمفهوم القديم لرواد المفهوم المغلوط. صب بحر من المال يبتلع في ثقب أسود لجهاز الأمن، حقا ليس مؤكدا أن هذا المال يمنح لمواطني إسرائيل أمنا حقيقيا. وهنا أيضا العنوان للحسم واحد: رئيس الوزراء نتنياهو. وذلك لأن هذا التأخير يمسّ بأمن الدولة. ليس أقل.
المصدر: يديعوت أحرونوت/الغد الأردنية