نال انسحاب حكومة بشار الأسد من دعم استيراد الأعلاف وتمويله، من صناعة الدواجن التي كان يعمل خلالها 1.2 مليون سوري، وتؤمن نحو 54% من إجمالي استهلاك السوريين من اللحوم، ليأتي أخيراً بحسب مصادر من دمشق، توقف المصرف الزراعي “بالمطلق” عن تقديم القروض للمربين، عاملاً إضافياً لعزوف المربين وإغلاق المزارع، بعد أن وصل سعر طن العلف إلى مليون ليرة سورية (الدولار 1250 ليرة، وفي السوق السوداء 2300 ليرة).
وأدى هذا الأمر، بحسب المصادر، إلى تراجع عرض الفروج والبيض في الأسواق وغلاء السلعتين بأكثر من 100% خلال أقل من أسبوعين، ليصل سعر البيضة الواحدة إلى 125 ليرة سورية وسعر كيلوغرام شرحات الدجاج إلى نحو 5 آلاف ليرة سورية، وسعر كيلو سودة الدجاج إلى 3000 ليرة، فيما لم يزد سعره قبل أسبوعين على 1200 ليرة، وسعر الفروج المشوي إلى 8500 ليرة، وشطيرة الشاورما إلى 1000 ليرة، وكيلو الشاورما إلى 11 ألف ليرة سورية.
وتؤكد المصادر لـ”العربي الجديد” غياباً مطلقاً للرقابة على الأسواق، رغم حالات التسمم الغذائي الكثيرة، وتفاوت الأسعار بين المحال في السوق الواحد، فضلاً عن انتشار فروج “مجهول المنشأ والصلاحية باسم نتر بالأسواق” تحضر منه الوجبات الجاهزة، مثل كباب الفروج والشاورما.
وتكشف المصادر عن أن المصرف الزراعي في سورية توقف أخيراً عن جميع القروض التي كان يقدمها لمربي الدواجن، ما دفع المربين إلى الاحتجاج واعتبار ما يجري “خطة حكومية لقتل هذه الصناعة” ليأتي إجراء المصرف كـ”ضربة قاضية” بعد انسحاب المصرف المركزي الشهر الفائت، من تمويل مستوردات الأعلاف ومستلزمات الإنتاج ورفع سعر الدولار من 700 إلى 1250 ليرة سورية للمستوردين.
واحتجّ مربو الدواجن في مدينة طرطوس الساحلية “غربي سورية” على ارتفاع أسعار الأعلاف وتوقف المصرف الزراعي عن تقديم القروض، ورفعوا بحسب مصادر إعلامية، شكوى خطية إلى اتحاد الفلاحين في المحافظة، متسائلين “عن الجهات التي تقف وراء تدمير صناعة الدواجن. وهل هو القطاع الخاص سبب ارتفاع أسعار طن العلف إلى مليون ليرة، أم غياب وزارة الزراعة وتجاهل كل ما يخدم هذا القطاع من دعم وغيره؟” .
واعترض مربو الدواجن على خطوة المصرف الزراعي بإيقاف القروض لقطاع الدواجن، حتى ما يسمى قرض خدمة صوص، الذي لا تتجاوز مدته ستة أشهر فقط، مؤكدين أنه كان يساعد مربي الفروج بعض الشي، مناشدين “هل من جهة حريصة تعيد الأمور لنصابها قبل أن يتم القضاء على هذا القطاع ومن ثم على الإنتاج المحلي من اللحوم البيضاء وحرمان المواطن إياها، علماً أن سعر كيلو الفروج يرتفع يوماً بعد يوم، ولم يعد بإمكان الكثير من المواطنين شراؤه بعد أن توقف نحو سبعين بالمئة عن تربية الفروج؟”.
ويؤكد مربي الدواجن السابق، حسن موحد من ريف إدلب لـ”العربي الجديد” أن مزارع تربية الدجاج في محافظتي إدلب وحماة، أغلقت بشكل كامل، بسبب غلاء جميع مستلزمات الإنتاج واستحالة تأمين الدواء و”ارتفاع أسعار الأعلاف والكهرباء والفحم الحجري وصعوبة الحصول على الصوص جعلت من هذه المهنة مقامرة وخسائر مؤكدة”.
ويضيف أن طن الإعلاف ارتفع من 240 ألف ليرة نهاية العام الماضي إلى 600 ألف ليرة قبل شهر ليصل اليوم إلى أكثر من مليون ليرة، طبعاً إن توافر.
ويبين موحد لـ”العربي الجديد” أن الفروج في المناطق المحررة، في شمال غرب سورية، يأتي من تركيا بأسعار معقولة، أو أقل من أسعار مناطق النظام على الأقل”، وجميع الأسعار باتت أعلى من قدرة السوريين الشرائية، وقد أُزيحت اللحوم عن موائد معظم السوريين”.
وبحسب تقارير سورية رسمية، خرجت منشآت تربية الدجاج عن العمل في مدن شمال شرق سورية “دير الزور، الرقة والحسكة” بشكل كامل، لتبقى بعض المزارع في محافظات حماة وإدلب وريف دمشق، قبل أن يعزف المربون أخيراً بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف.
وتشير المصادر الرسمية إلى تراجع تربية الدواجن في سورية التي كانت قبل عام 2011 تشغل وتعيل نحو 1.2 مليون سوري، حيث كانت مساهمة لحوم الدواجن تبلغ نحو 54% من إجمالي استهلاك السوريين من أنواع اللحوم، وتساهم منتجات القطاع بتوفير نحو 42% من استهلاك المواطن من البروتين الحيواني، وزادت صادراته على 15 مليار ليرة عام 2010، قبل أن تتحول سورية اليوم إلى مستورد للفروج وبيض المائدة، من إيران وتركيا، بعد أن كان الإنتاج 180 ألف طن من لحم الفروج ونحو 3 مليارات بيضة مائدة.
وتلفت المصادر إلى انسحاب “وزارة الزراعة ممثلة بالمؤسسة العامة للدواجن” من تربية الدواجن، بعد غلاء أسعار الأعلاف وفرض تسعيرة منخفضة على إنتاجها، حيث كانت تضم المؤسسة 11 منشأة فيها 20 خطاً إنتاجيا ًمنها 10 خطوط لإنتاج بيض المائدة و5 خطوط لإنتاج الفروج و3 خطوط لإنتاج صوص الفروج، وخطان لإنتاج صوص البياض.
المصدر: العربي الجديد