أما آن لهذا الفارس أن يترجّل؟ّ!

د. عبد الناصر سكرية

أما آن لهذا الصبر الإستراتيجي أن يترجّل؟! وكيف نصبر على ما لم نحط به خبرا؟!

عشرات الشهداء ومئات المنازل المدمرة وآلاف العائلات النازحة، ألا يستدعي هذا خطة واضحة محددة المعالم لمواجهة العدوان الصهيوني الوحشي المجرم على لبنان وشعبه وناسه؟ أليس إستعادة الدولة وبناها ومؤسساتها أهم بنود تلك الخطة المطلوبة؟ إذا لم تكن للحرب فلتحمل مسؤولياتها حيال المتضررين والنازحين والشهداء؟ أليست وحدة أبناء الوطن وتماسك بنيانه الإجتماعي عمادها الثاني اللازم؟ أليس العدوان على أيّ أرض لبنانية هو عدوان على كل لبنان؟ أليس كل لبناني معني بالردّ على عدوان بني صهيون المتصاعد المتمادي اللامبالي بأحد؟!

لماذا الإصرار على البقاء في إطارات التقوقع الطائفي والمذهبي والحزبي، فيما يستدعي الصمود في وجه العدوان تضافر كل اللبنانيين، وفي مقدمتهم أولئك الذين يرون في الكيان الصهيوني عدوا للبنان، وخطرا جاثما وجسيمًا عليه؟!

أليست وحدة الصف الشعبي المقاوم، شرطا لازمًا وأساسيًا في أيّ حسابات للحرب أو للصمود أو لمواجهة آثار العدوان، وتخفيف معاناته، والتضامن مع ضحاياه ومواساتهم؟

إذا كانت الرغبة في ردّ العدوان حقيقة غير خاضعة لحسابات فئوية أو إرتهانات إقليمية لدى هذا الطرف أو ذاك، تنطلق من أن دولة الكيان الغاصب خطر محدق خطير، فما هي مبررات التمترس وراء كل ما هو تقسيمي طائفيا ومذهبيا؟

أما من كان يريد إستثمار العدوان الصهيوني لتدعيم مشاريعه السياسية، وإثبات صحة توجهاته المحلية والخارجية؛ فلا يدعم مقومات الصمود والرد والتحدي والبقاء..

إن وجود دولة مؤسساتية فاعلة، تسندها وحدة شعبية واضحة وموضوعية، بعيدة من المشاحنات والمناورات السياسية والفئوية؛ هو الضمان الأول لإمكانية بقاء لبنان، وقدرته على تحمّل تبعات ردّ العدوان والصمود في وجهه..

إن تكبيل العقل المقاوم، بأطر مذهبية أو عصبيات دينية لا يخدم المقاومة، سيما وأن قوى العدوان تكشر عن أنيابها، فترى الآن فرصتها في التوسّع، وبناء إمبراطورية الشرّ والعدوان مملكة “إسرائيل” الكبرى (كيان الأغرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة)، ولبنان جزء متمم لها.. لن ينجو أحد من عدوان مملكة العدوان تلك، وأول المتضررين وجود المسيحيين في لبنان، ودورهم التاريخي والثقافي والحضاري، وحتى وجودهم البشري..

وإذا كانت مسؤولية المبادرة تقع على كلّ أطراف المقاومة، فمسؤولية كل الأطراف الأخرى تجاوز أيّ حسابات حزبية أو سياسية فئوية، والإرتفاع إلى مستوى المسؤوليات الوطنية..

لبنان الوطن والدولة مهدد بالإضمحلال، إذا لم يكن قد دخل فيه فعليا.. فهل من يعتبر ويبادر وينقذ ما قد يكون تبقى؟!

إلا إذا كانوا جميعًا لا يملكون حرية التقرير والتدبير، بالتالي، هم شركاء في مآلات سيّئة لوطن، كان يومًا شعلة ومنارة وريادة..

المصدر: المدار نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى