جيمس جيفري: وجود القوات الأميركية مهم في سورية لتنفيذ مهام عديدة

ترجمة: ربى خدام الجامع

لطالما حددت نزاعات معقدة معالم الشرق الأوسط، إلا أن واسطة العقد في تلك المنطقة أصبحت سوريا منذ اندلاع الحرب فيها عام 2011، حيث حاربت القوات الأميركية منذ عام 2014 بشكل رسمي تنظيم الدولة في العراق والشام، بيد أنها تورطت مع أعقد العناصر في هذا النزاع.

عاد الجدل القديم داخل وخارج أروقة الإدارة الأميركية الحالية حول ضرورة بقاء تلك القوات في سوريا وذلك بعد هجوم نفذته ميليشيا مدعومة إيرانياً على قاعدة البرج 22 في الأردن والتي تدعم القوات الأميركية الموجودة في سوريا عبر الحدود، فعقب ذلك الهجوم، طالب الصحفي ثاناسيس كامبانيس بسحب كامل القوات الأميركية من سوريا، وبخلاف غيره الذين ناصروا فكرة الانسحاب، أقر بوجود خطر مستمر يمثله تنظيم الدولة، لكنه تجاهل تماماً الغرض الجيوستراتيجي الآخر لبقاء تلك القوات في سوريا، ألا وهو خلق حالة مواجهة وتنافس مع إيران.

يعلق على ذلك جيمس جيفري الذي شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا أيام وزير الخارجية بومبيو كما شغل منصب المبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة، فيقول إنه يعتقد بأن الحل الذي قدمه كامبانيس لمحاربة تنظيم الدولة بعد انسحاب القوات الأميركية لن يجدي أي نفع، بل يجد هذا الرأي مجافياً للصواب بالنسبة لإيران، كما يصفه بأنه كان متأكداً من حتمية انسحاب القوات الأميركية من سوريا، ولهذا يوافقه في توصياته بشأن تخفيض عدد القوات الموجودة في العراق، أما في سوريا، فيجب على الولايات المتحدة أن تستبقي قواتها هناك، وألا تسحبها إلا عندما يتحسن الوضع الذي أدى إلى إرسال تلك القوات إلى سوريا. ولكن كإجراء مرحلي، يجب على واشنطن أن تتعاون مع أنقرة على تخفيض عدد القوات الأميركية الموجودة بشكل دائم في سوريا، مع إقامة علاقات أكثر استقراراً ورسوخاً بين الولايات المتحدة وتركيا والقوات الكردية التي تدعمها أميركا.

الوجود الأميركي في سوريا

رسمياً تعتبر القوات الأميركية الموجودة في سوريا جزءاً من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة والذي يضم 80 دولة ومقره في العراق، وهي تعمل بشكل قانوني هناك بموجب تفويض من الكونغرس باستخدام القوة صدر كقانون في عام 2001، ثم إن القوات الأميركية دخلت في بداية الأمر إلى شمال شرقي سوريا في عام 2014، وكانت مهمتها تتلخص بدعم وحدات حماية الشعب الكردية، ثم دعم قوات قسد التي حاربت تنظيم الدولة بعدما فقد نظام بشار الأسد السيطرة على المنطقة.

كان نطاق الانتشار الأميركي ودوره في بداية الأمر مربكاً، بيد أن المجهود الحربي الأميركي نجح بشكل منقطع النظير بمحاربة تنظيم الدولة، إلى جانب التصدي للطموحات الإيرانية والروسية في سوريا وما بعد سوريا، وقد بدأت حالة الارتباك تلك بمعارضة نظام الأسد لنشر القوات الأميركية، حتى ولو كانت مهمتها تنطوي على محاربة تنظيم الدولة الذي كان نظام الأسد يحاربه ظاهرياً. كما أن الشراكة الأميركية مع وحدات حماية الشعب أصبحت إشكالية لأن الأخيرة تعتبر الفرع المحلي لحزب العمال الكردستاني الذي يعتبر حركة انفصالية إرهابية بنظر تركيا. ولهذا حظي الانتشار الأميركي في سوريا بتقبل في بداياته من قبل الحكومة التركية، ثم ما لبثت أن عارضته ووقفت ضده.

وسرعان ما سيطرت القوات الأميركية مع شركائها السوريين على كامل شمال شرقي سوريا، إلى جانب إقامة حامية صغيرة لها على الحدود السورية مع العراق والأردن عرفت باسم قاعدة التنف، ويدعم الجنود الأميركيون في القاعدة 22 في الأردن الجنود الموجودين في حامية التنف بسوريا، ولهذا قتل عدد منهم مؤخراً في هجمة نفذتها ميليشيا تابعة لإيران، وهذا ما دفع جيفري للاعتقاد بأن الوجود الأميركي في التنف والقاعدة 22 قد منع نظام الأسد من القضاء على المعارضة في البادية السورية بصورة نهائية، كما تقطع هذه القاعدة خطوط النقل البرية مع إيران، بيد أن هذه النتيجة الثانوية تتمتع بأهمية كبيرة وقد أثارت جدلاً كبيراً عقب قيام هجمات نفذها وكلاء إيران عقب السابع من تشرين الأول الماضي.

طريقة أفضل لتحقيق تقدم في الملف السوري

حدد كامبانيس ثلاث أفكار رئيسية ليثبت صحة مطالبته بانسحاب القوات الأميركية من سوريا، أولها الشراكة بين الأسد وقوات قسد والتي بوسعها أن تقوم بدور الجهة المجابهة لتنظيم الدولة، بيد أن الخطر هنا يتمثل في أن أي تسوية هنا لن تسمح ببقاء الحكم الذاتي لتلك القوات الشريكة للولايات المتحدة كما لن تبقي على مؤسستها الأمنية في شمال شرقي سوريا، وبالطبع، لا بد أن ترحب تركيا بحل الحكومة الكردية، إلا أن ذلك قد يعقد الجهود الأميركية الأوسع الساعية للضغط على إيران.

رأى الصحفي كامبانيس أيضاً بأنه لا دور للولايات المتحدة في احتواء إيران داخل سوريا، ولهذا يصبح أمر الانسحاب الأميركي حتمياً سواء عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما عبر عنه بقوله: “دقائق الساعة تمر” كونه يتوقع للإدارة الأميركية سواء أكان على رأسها دونالد ترامب أو جو بايدن أن تسحب قواتها خلال العام المقبل، لكن جيفري لا يتفق معه في هاتين النقطتين، بل يعتقد بأن الولايات المتحدة ستبقي جنودها في سوريا في نهاية المطاف، بل يتعين عليها فعل ذلك حتماً.

يعتبر الوجود البري الأميركي في شمال شرقي سوريا أمراً ضرورياً لإبقاء تنظيم الدولة تحت السيطرة، ليس فقط في هذه المنطقة، بل في عموم سوريا، وقد اعترف الصحفي كامبانيس بأن هذه المهمة ما تزال ضرورية، ثم إن الحكومة الأميركية تستعين بشمال شرقي سوريا كمنصة لجمع المعلومات الاستخبارية ولشن غارات ضد قيادات تنظيم الدولة في مناطق سيطرة الأسد في الداخل السوري، وهذا ما يبرر أيضاً قيام مهمة ضرورية تتمثل بالسيطرة على الأجواء في شمال شرقي سوريا وفوق قاعدة التنف وذلك بهدف توفير الحماية للجنود الأميركيين الموجودين على الأرض.

يذكر أيضاً أن الولايات المتحدة وقسد يحتجزان خمسة آلاف أسير من تنظيم الدولة و50 ألفاً من أهلهم ممن جرى تلقينهم عقيدة التنظيم، وبوسع هؤلاء إحياء قوة التنظيم وتوسعه في حال إطلاق سراحهم، بيد أن كل ذلك لم يكن ليتحقق ما لم يكن الجيش الأميركي موجوداً على الأرض، إذ بناء على تحليل للوقائع قدمه جيفري حدد هذا الرجل الفترة ما بين عامي 2018 و2019 لتصبح فترة دراسة إدارة ترامب لفكرة الانسحاب، بيد أن انسحاب الولايات المتحدة عسكرياً قد يفتح أبواب شمال شرقي سوريا أمام القوات الروسية والإيرانية وقوات الأسد، وفي ظل هذه الظروف، سيصبح أمر البقاء صعباً بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية، فكيف بمحاربتها لتنظيم الدولة؟

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الحل الذي تقدم به كامبانيس غير ناجع، كونه يقوم على شراكة بوساطة أميركية بين “قسد” والأسد ضد تنظيم الدولة، وهنا يخبرنا جيفري بأنه يدرك ذلك من خلال خبرته، فقد تفاوضت قيادات كردية سورية لسنوات طويلة مع الأسد حول السيناريوهات التي ستعقب الانسحاب الأميركي، من دون أن تحرز أي تقدم في هذا السياق. إذ لم يبد نظام الأسد أي مرونة خلال كل مراحل النزاع مع شعبه الذي امتد لـ13 عاماً، وذلك سواء مع قوات قسد أو مع المعارضة السورية ذات الغالبية العربية.

والأدهى من ذلك عجز نظام الأسد عن محاربة تنظيم الدولة الذي سيطر على مناطق شاسعة من البادية السورية جنوبي نهر الفرات على الرغم من العمليات المشتركة التي نفذتها قوات الأسد وروسيا وإيران لمحاربة إرهاب هذا التنظيم.

إضافة إلى ذلك أصبحت التجمعات العربية السنية في شمال شرقي سوريا، مثل الرقة ودير الزور، والتي تخضع اليوم لحكم “قسد”، بيئة حاضنة لهذه الجماعة، كما تعثرت الولايات المتحدة بشكل مؤسف في المرة الأخيرة التي حاولت فيها أن تجرب الدبلوماسية مع الأسد في عام 2013، وذلك بعد تخوفها من استخدامه للأسلحة الكيماوية، ثم إن المبادرات الدبلوماسية المعنية بالشأن السوري والتي تقدمت بها الجامعة العربية وتركيا لإيجاد سبل مشتركة للمضي قدماً في حل مشكلات عديدة في سوريا لم تتمخض عن شيء، وذلك بسبب تصلب الأسد إلى أبعد الحدود.

التحديات المرتبطة بالانسحاب

قد يقوض الانسحاب الأميركي المصالح الأمنية لعدد من أهم شركاء أميركا من الدول الأوروبية والشرق أوسطية، فقد حذرت الدول الأعضاء في التحالف الدولي وفي حلف شمال الأطلسي من مغبة الانسحاب عندما أمرت إدارة ترامب القوات الأميركية بالانسحاب مرتين من سوريا، معللة ذلك بأنها قد تجد نفسها مجدداً في مواجهة هجمات داعشية مدمرة تستهدف شعوبها تماماً كما حدث في عام 2015 و2016 في كل من باريس وكان وبروكسل وبرلين.

وهذا ما كتب عنه الصحفي عمر أوزكيزيلجيك مؤخراً عبر المجلس الأطلسي، عندما تحدث عن الفراغ الذي سيحدث في شمال شرقي سوريا عقب الانسحاب الأميركي والذي قد يتحول إلى كابوس أمني بنظر أنقرة التي تعتبر شريكاً مهماً لكل من إيران وروسيا، وذلك لأن “قسد” وما يرتبط بها من عناصر حزب العمال الكردستاني، وعناصر تنظيم الدولة والقوات الإيرانية والروسية وقوات نظام الأسد كلها ستتنافس على السيطرة على تلك المنطقة، والأسوأ من ذلك هو تحرك الجيش التركي لملء ذلك الفراغ، مما قد يتسبب بقتال مع “قسد”، وفي ذلك خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في تشرين الأول عام 2019، إلى جانب التسبب بحدوث أزمة كبيرة مع واشنطن.

في مقابلة أجرتها صحيفة الشرق الأوسط خلال شهر شباط مع مظلوم عبدي قائد “قسد” أكد هذا الرجل على أهمية بقاء الوجود الأميركي في شمال شرقي سوريا، وحذر من الفوضى التي ستعم المنطقة في حال سحب الولايات المتحدة لقواتها، كما استبعد احتمال عقد أي تسوية مع الأسد، وأنكر ممارسة إدارة بايدن أي ضغط عليه حتى يقوم بتسوية مع الأسد، وتحدث عن العلاقات السيئة بين أكراد سوريا ونظام الأسد، فكان لكلامه وقع خاص ومهم، نظراً لما حققه من نجاح استثنائي عندما أصبح شريكاً للولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة، والتقدير الذي حظي به في واشنطن وغيرها.

لقد كان كامبانيس على حق من الناحية الرسمية عندما رأى بأن الولايات المتحدة لم تذهب إلى سوريا لتحارب إيران (على الرغم من أن النظام الإيراني يعتقد بأنه يخوض حرباً غير نظامية ضد أميركا من خلال وكلائه وأذرعه وهدفها إسقاط النظام الأمني في المنطقة). ولكن يجب على القوات العسكرية الأميركية ألا تحارب لتغير الوضع الأمني، نظراً لمركزية التهديد الإيراني على المنطقة، وخاصة بعد أحداث 7 من تشرين الأول.

والحق يقال إن معظم العمليات العسكرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية تعتمد على عدم خوض القتال بل على بعثات تقتضي نشر قوات أميركية في مكان معين، وهدفها حرمان الطرف المعادي من استعادة الأرض، ودعم الحلفاء، وإبداء الالتزام والاستعداد المسبق للقتال، وهذا النهج القائم على الوجود العسكري من دون أي قتال بالضرورة ما يزال الوصفة المتبعة مع معظم المنافسات الاستراتيجية القائمة اليوم وعمليات الردع الموسعة كما نصت عليها استراتيجية الأمن القومي التي قدمتها إدارة بايدن لعام 2022.

الصد الأميركي لإيران

بدأت إدارة ترامب بنشر الوجود العسكري في سوريا إلى جانب التنسيق مع الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، وتابعت إدارة بايدن السير على المنوال عينه، وهذا ما قضى على طموحات إيران، بما أن هذا الأسلوب يشتمل على قطع الطريق على مساعي إيران لتحويل سوريا إلى جنوب لبنان آخر مترع بالصواريخ الموجهة ضد إسرائيل، مع تجميد الحرب السورية من دون أي انتصار للأسد، وهذا ما سيدفع إيران لمواصلة دعمها الاقتصادي والعسكري الكبير للنظام، وأخيراً، فإن الوجود الأميركي في التنف على الحدود السورية مع الأردن والعراق يقطع أحد أهم الممرات البرية بين طهران وبيروت.

إن كل من يشكك بأهمية هذه المهمة الثانية عليه أن يتساءل لماذا يبدي خصوم واشنطن في المنطقة كل تلك اللهفة لإنهاء هذه المهمة التي استهدفتها قوات الأسد بهجمات ابتداء من عام 2017، ولا ننسى هنا هجوم مرتزقة فاغنر عبر الفرات في عام 2018، والهجمات الأخيرة الذي نفذتها أذرع إيران ضد القوات الأميركية والتي تحدث عنها الصحفي كامبانيس.

من الأسباب التي تدفع كامبانيس وغيره للتشكيك بفعالية هذه المهمة وحقيقتها هي أنها تشتمل على عمل شبه سياسي غير مباشر تتسم به المهمات التي تنطوي على وجود عسكري، مقارنة بالقتال المباشر الذي قام ضد تنظيم الدولة، بيد أن الغموض الذي يكتنف مهمة الردع الإقليمية الأميركية ضد إيران وتطبيق ذلك على سوريا يعقد تحليل الوضع بنسبة أكبر، إذ في الوقت الذي تصنف فيه القيادة الأميركية الوسطى إيران بأنها التحدي الأكبر في المنطقة، لم توضح إدارة بايدن من خلال سياستها أو أفعالها مدى وقوفها ضد الزحف الإيراني في المنطقة بدءاً من غزة، مروراً بلبنان، فسوريا، فاليمن فالعراق. وفي ظل غياب هذا الوضوح، أصبحت القوات الأميركية الموجودة على الأرض في سوريا وكذلك قوات “قسد” وقوات التحالف تركز على جهود محاربة تنظيم الدولة وليس على احتواء إيران ووكلائها، وذلك لأسباب تتراوح ما بين العملي والعسكري إلى السياسي، كما هي حالة بغداد التي تنطوي على تحالف واضح مع إيران.

لا تسحبوا القوات بل عدلوا وضعها وانشروا نفوذكم

لقد كان كامبانيس على حق عندما أكد بأن الإدارة الأميركية تفكر جدياً بالانسحاب، إلا أن القرار النهائي بهذا الشأن لا ينبغي أن يكون محض افتراض، إذ ظهرت مخططات الانسحاب في عام 2018، لكنها سرعان ما اختفت، ثم إن قسد وجمع الدول المنضمة للتحالف الدولي تقف ضد الانسحاب الأميركي، وكذلك مجلس الشيوخ الأميركي يعارضه إذ صوت ضد مشروع سحب القوات بأغلبية 84 صوتاً مقابل 13 صوتاً مؤيداً للانسحاب في كانون الأول الماضي. وأخبر بعض الناس محللين (ومن بينهم جيفري) بأن قرار الانسحاب قد حسم، في حين ذكر مظلوم في المقابلة التي أسلفنا الحديث عنها بأن المسؤولين الأميركيين أكدوا له بقاء الجنود الأميركيين في شمال شرقي سوريا.

بيد أن أهم فكرة وأشدها حساسية ضد الانسحاب الأميركي من سوريا تتمثل بتلك الحجة التي تتحدث عن التورط الأميركي في التنافس الاستراتيجي على مستقبل النظام العالمي كما حددته استراتيجية الأمن القومي الأميركية لعام 2022، فقد بين الرد الدولي المناهض للانسحاب الأميركي من أفغانستان بأن سحب القوات الأميركية من ساحة القتال مهما أوجدنا له من مبررات (وحجج تبرر بأن الرحيل عن أفغانستان أفضل من الرحيل عن سوريا) يدمر مصداقية أميركا وحالة الردع التي تفرضها في نهاية المطاف، إذن هل ترغب الحكومة الأميركية حقاً وهي في خضم نزاع وشيك مع إيران ووسط حالة من التشكيك بالتزام أميركا بأوكرانيا بإنهاء هذه المهمة التي حققت نجاحاً كبيراً بكلفة ضئيلة على الرغم من الخسائر البشرية التي وقعت مؤخراً؟

لا شك أنه ينبغي على واشنطن أن تشرح بشكل أفضل الأساس المنطقي الذي بنت عليه فكرة الوجود العسكري الأميركي في سوريا والذي يتمثل باعترافها بمهمة احتواء إيران، ولكن في نهاية الأمر، وبصرف النظر عن أي مبرر، سيظل الأميركيون متخوفين من المهمات التي تتطلب بقاءهم تحت النار، ولهذا ستستمر الدعوات المطالبة بسحب تلك القوات من تلك المناطق بما فيها سوريا، ولذلك لا بد من إطلاع الشارع الأميركي على نهاية اللعبة بالنسبة لتلك القوات، وهذا قد يحتاج إلى تهدئة النزاع السوري الأساسي عبر تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بما أن هذا النزاع قد نجم عنه ظهور تنظيم الدولة والتدخل الإيراني وكذلك عدد من الأخطار التي تهدد شركاء أميركا، ولقد بقيت الأمم المتحدة وكذلك الجامعة العربية تمارسان الضغط على الأسد حتى ينفذ هذا القرار، إلا أن جهودهما ذهبت أدراج الرياح حتى الآن.

يواجه نظام الأسد وروسيا، نزاعاً مجمداً ووضعاً اقتصادياً يوصف بأنه أسوأ ما مر على سوريا، ولذلك يمكن للولايات المتحدة أن تشارك موسكو وبشكل فعال في دعم الجهود الأممية والعربية عبر الاستعانة بنفوذها المتمثل بالعقوبات والجهود الدبلوماسية وصولاً إلى تقديم مقترح يقضي بانسحاب القوات الأميركية في نهاية المطاف، وذلك بهدف العمل على التوصل إلى اتفاق شامل.

وفي هذه الأثناء، وبعد تحسن العلاقات بين واشنطن وأنقرة، قد يتحسن التنسيق بينهما على مستوى السياسات المعنية بسوريا، والتي تشمل الوجود الأميركي ومستقبل “قسد” في المنطقة، كما يمكن لذلك أن يشمل تعميق اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في تشرين الأول من عام 2019 بين الولايات المتحدة وتركيا و”قسد”، والتي تحولت في نهاية الأمر إلى اتفاقية تعمل على تنسيق الجهود لمحاربة تنظيم الدولة خلال الفترة ما بين عامي 2014-2015، وهذا ما سمح بانسحاب معظم القوات الأميركية مع الاحتفاظ بأهم المصالح الأمنية لكل طرف فاعل.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رؤية جيمس جيفري تنطلق من رؤيته للدور الوظيفي للقوات الأمريكية بسورية من حماية مصالح امريكا في المنطقة والتي توفرها دويلة”اSرائيل” الكيان الصhيوني ، ولكن ترابط المصالح بين دويلة إSرائيل والـ PKK بشمال شرق سورية معروف لذلك فهي تحقق المصلحة المشتركة لهما ، وأما المبررات الأخرى فهي لذر الرماد على العيون.

زر الذهاب إلى الأعلى