تتشبث الولايات المتحدة باحتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لتحقيق حزمة أهداف أبرزها الحد من نفوذ الصين وإيران، وفقا لهارلي ليبمان، عضو مجلس إدارة صندوق الشراكة من أجل السلام في الشرق الأوسط (MEPPA) التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ليبمان اعتبر، في تحليل بمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية (National Interest) ترجمه “الخليج الجديد”، أن “إضفاء الطابع الرسمي على التحالف الإسرائيلي السعودي يمثل متاهة دبلوماسية”.
وأردف: “ومع ذلك، فإن إيجابيات الإبحار في هذه المتاهة متعددة، ويمكن أن تضع الأساس لنظام جديد في الشرق الأوسط، وتكون بمثابة حصن ضد التأثيرات الخارجية، مما يتيح للمنطقة الفرصة لتقرير مصيرها”.
وقال إن “المعادلة الإسرائيلية السعودية هي بوتقة من الاستياء التاريخي بين إسرائيل وإيران ووكلائهما مثل حركة حماس وجماعة حزب الله، والتنافس بين القوى العظمى. ومع ذلك، فإن التهديدات والفرص الاقتصادية المشتركة على وجه التحديد هي التي قد تقرب إسرائيل والسعودية من بعضهما البعض”.
و”حتى في وقت الصراع بين إسرائيل وغزة (حرب مستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، قد تستمر الرياض وتل أبيب في التقارب مع بعضهما البعض. ولدى إدارة بايدن فرصة تاريخية للتوسط في صفقة رائدة تشمل إسرائيل والسعودية والسلطة الفلسطينية، ليس فقط على الرغم من صراع إسرائيل مع حماس ولكن بسببه”، وفقا لليبمان.
ورأى أنه “أيا كانت النتيجة، فإن العواقب المترتبة على القرارات التي اتخذتها إسرائيل والسعودية ستشكل بلا أدنى شك مسار الشرق الأوسط، وبالتالي العالم ككل”.
لعبة جيوسياسية
و”للوهلة الأولى، تبدو فكرة تعاون الحكومة الإسرائيلية اليمينية مع السعودية وكأنها خيال دبلوماسي. وعلى الرغم من مواقفهما بشأن الضفة الغربية والمستوطنات والصراع بين إسرائيل من جهة وحماس وحزب الله من جهة أخرى، فإن إسرائيل والسعودية تظهران علامات خفية على العلاقات المتنامية”، كما زاد ليبمان.
وأضاف أن “هذا التعاون لا يقتصر على المنافع المتبادلة لإسرائيل والسعودية فحسب، بل هو جزء من لعبة جيوسياسية أكبر بين الولايات المتحدة والقوة الناشئة في الشرق، لاسيما في ظل نفوذ الصين (المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة) المتزايد في المنطقة”.
وتابع أن “رحلة حاملات الطائرات والسفن والطائرات (الأمريكية) إلى شرق البحر المتوسط لا تهدف فقط إلى مساعدة إسرائيل (خلال الحرب على غزة)، بل لمنع الصين من استغلال الفراغ الإقليمي للاستفادة من الصراع الإسرائيلي مع حماس وحزب الله”.
وشدد على أن “الصين تحقق تقدما كبيرا في المنطقة، حيث تتعاون بشكل وثيق مع السعودية في مشاريع مختلفة.. ومن خلال دمج السعودية في اتفاقيات إبراهيم (للتطبيع)، تهدف واشنطن إلى بناء إطار من المصالح المشتركة والشراكات التجارية والتحالفات الدفاعية للحد من نفوذ الصين المزدهر في المنطقة”.
أمن واقتصاد
ليبمان قال إنه “رغم أن الصين وإيران قد تسعيان إلى الاستفادة من الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، فمن غير المتصور أن تسمح الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل لإيران وحماس وحزب الله بإحباط آفاق النمو الاقتصادي الذي قد تستفيد منه المنطقة بالكامل”، على حد تقديره.
وتابع: “لن تسمح السعودية لإيران ووكلائها حماس وحزب الله بإحباط احتمال استفادة الرياض من معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة (…) كما تدرك السعودية أهمية التزام إسرائيل تجاه البرنامج النووي المدني السعودي، ولن تسمح لإيران وحماس وحزب الله بعرقلة هذا البرنامج”.
وأردف أن “الاتفاق المحتمل بين الولايات المتحدة وإسرائيل على حصول السعودية على برنامج نووي مدني يوضح التزامهما بالسلام، مع إدراكهما للتداعيات الجيوسياسية لأي تعاون نووي بين الصين والسعودية”.
و”يتوقف التقدم نحو اتفاق السلام السعودي الإسرائيلي على هذه الخطوات الإضافية نحو الأمن المتبادل والتعاون الاقتصادي. ويدفع التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين إدارة بايدن إلى تعزيز التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وإعادة تشكيل مستقبل الخليج على الرغم من الصراع بين إسرائيل وحماس وحزب الله”، كما أضاف ليبمان.
وزاد بأن “السلطة الفلسطينية، التي تراقب الديناميكيات الإقليمية المتغيرة، كانت تهدف إلى عدم التخلف عن الركب، ولذلك سعت إلى الاستفادة من هذا الوضع عبر المطالبة بدعم مالي للسلطة ووقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي”.
المصدر | هارلي ليبمان/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
هل تشبث امريكا بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو لتحقيق حزمة أهداف أبرزها الحد من نفوذ الصين وإيران بالمنطقة ؟ أم إنها ضمن سياسة دمج الكيان الصهيوني بالمنطقة العربية والعالم الإسلامي ؟ وهل الكيان الصهيوني يمكن أن يوافق على المحفزات الأمريكية للسعودية؟ وهل يمكن للمملكة التخلي عن مبادرة الملك عبدالله “المبادرة العربية”؟ أسئلة محقة لهذه الرؤية .