استهداف القيادات الإيرانية بسورية ولبنان.. || الاغتيالات تكشف عمق نفوذ الحرس الثوري

سلط الزميل بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، علي الفونة، الضوء على ما كشفته الاغتيالات الأخيرة لقيادات وأفراد في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني والمليشيات المتحالفة معه في سوريا وجنوب لبنان، مشيرا إلى أن عدد تلك الاغتيالات بلغ 219.

وذكر الفونة، في تحليل نشره موقع المعهد وترجمه “الخليج الجديد”، أن حزب الله اللبناني وحده تكبد خسائر بشرية بلغت 170 شخصًا، قوات الحشد الشعبي العراقي بواقع 16 قتيلا، إضافة إلى  10 مواطنين إيرانيين، و8 مقاتلين من حركة حماس، و7 مقاتلين من حركة الجهاد الإسلامي، ومقاتلين لبنانيين من حركة أمل، بينما خسر لواء فاطميون الأفغاني والحزب القومي الاجتماعي السوري عضوا واحدا.

وجميع الإيرانيين العشرة، الذين قتلوا في سوريا، خدموا في الحرس الثوري، فيما لم يُقتل أي عضو في الجيش الإيراني، ما ينوه الفونة إلى أنه نمط متكرر للخسائر الإيرانية في الحرب الأهلية بسوريا، إذ قُتل 561 مواطنا إيرانيا في الفترة من يناير/كانون الثاني 2012 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بينهم 8 فقط خدموا في الجيش الإيراني، والبقية كانوا من أفراد الحرس الثوري.

ومن بين القتلى العشرة في الحرس الثوري، خدم اثنان في القوة الجوية للحرس، وكان أحدهما قائدًا ميدانيًا لفيلق القدس، إضافة إلى 6 من ضباط وعناصر استخبارات الفيلق.

القوة الجوية

ويرى الفونة أن وجود ضباط من القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني في سوريا ليس مفاجئًا، إذ يُشار إلى العميد، محمد حسين زاده حجازي، الذي شغل منصب الرجل الثاني في قيادة فيلق القدس من عام 2020 حتى وفاته بسبب السرطان في عام 2021، بلقب “أبو برنامج الصواريخ اللبناني” تقديراً لجهوده في إنشاء مجمع الصواريخ الخاص بحزب الله في سوريا.

كما شارك العميدان في الحرس الثوري: محمد علي عطائي شورشه وباناه تقي زاده، في جهد مماثل بسوريا قبل مقتلهما في غارة جوية إسرائيلية مشتبه بها في 2 ديسمبر/كانون الأول.

وأدت غارة جوية في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023 في دمشق، نُسبت لإسرائيل، إلى مقتل العميد راضي موسوي، وهو قائد ميداني رفيع المستوى في فيلق القدس.

وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي، أدت غارة إسرائيلية أخرى إلى مقتل 6 من أفراد استخبارات فيلق القدس، بما في ذلك رئيس مخابرات فيلق القدس في سوريا.

وكما هو الحال مع جنرالات القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني، يرى الفونة أن وجود ضباط استخبارات فيق القدس والحرس الثوري الإيراني في دمشق أمرا عاديا، فمنذ بدء الحرب الأهلية في سوريا، عزز الحرس وجوده في البلاد، التي لا تعمل فقط كممر بري يربط إيران والعراق بلبنان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ولكنها سمحت أيضًا لطهران بإنشاء موطئ قدم عسكري ليس بعيدًا عن الحدود السورية الإسرائيلية.

وهذه الحدود تعتبرها إيران “جبهة خاملة” يمكن تفعيلها في حالة حدوث مواجهة مباشرة مع إسرائيل، ولذا مثل موسوي وضباط استخبارات فيلق القدس اختراق الحرس الثوري الإيراني لسوريا وأهمية سوريا في حسابات طهران الاستراتيجية.

تنسيق ميداني

والأكثر إثارة للاهتمام في هذا الإطار، بحسب الفونة، هو أن ممثلًا عراقيًا لقوات الحشد الشعبي قُتل أيضًا في غارة 20 يناير/كانون الثاني، ما يشير إلى درجة معينة من الاتصال والتنسيق بين الحرس الثوري وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية.

وتوفر المعلومات الأساسية عن القائد الميداني لفيلق القدس ورئيس استخبارات فيلق القدس الذي قُتل في سوريا، والتي ظهرت في مصادر مفتوحة بعد الهجمات، مزيدًا من الأفكار حول النمط الوظيفي لضباط فيلق القدس، بحسب الفونة، مشيرا إلى أن موسوي عمل تحت غطاء “الملحق الثقافي” في السفارة الإيرانية بدمشق، بعدما حل محل العميد، جواد غفاري، الذي ترك منصبه في نوفمبر/تشرين الأول 2021، “ربما بسبب خلافات مع القيادة العسكرية السورية”.

ولا يُعرف الكثير عن سجل موسوي في الحرس الثوري الإيراني، ولكن وسائل الإعلام الإيرانية قدمته، منذ اغتياله، على أنه مسؤول اتصال رئيسي لحزب الله اللبناني و”عنصر مركزي في المقاومة الإقليمية”، وخبير لوجستي رئيسي قام بتأمين عمليات نقل الأسلحة. من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية”.

وفي السياق، يشير الفونة إلى أن المعلومات مفتوحة المصدر حول حجة الله أوميدفار، والمعروف أيضًا باسم: يوسف أوميد زاده والحاج صادق، الذي شغل منصب رئيس استخبارات فيلق القدس في سوريا، محدودة أيضًا، لكن القليل من المراجع تساعد في إعادة بناء تصور عن حياته المهنية.

ففي عام 1982، تطوع أوميدفار للخدمة على الخطوط الأمامية للحرب الإيرانية العراقية، وقضى معظم فترة الحرب في دعم المتمردين الأكراد وحزب الدعوة الشيعي في قتالهم ضد نظام البعث، وجرى إرساله إلى سوريا في الأيام الأولى من الحرب الأهلية، وربما كان من بين 48 مواطنًا إيرانيًا احتجزتهم قوات المتمردين كرهائن وتم إطلاق سراحهم لاحقًا في عملية تبادل للأسرى.

ويخلص الفونة إلى أن الاغتيالات التي تستهدف المهندسين المهرة والقادة المتمرسين وعملاء الاستخبارات الإيرانيين تؤثر سلباً على الحرس الثوري وفيلق القدس بلا شك، مشيرا إلى بعض المؤشرات على أن إيران تسحب موارد بشرية قيمة من الأذى المحتمل في سوريا، ومع ذلك فليس هناك ما يشير إلى أن إيران تغير جهودها لمواجهة التهديد الإسرائيلي المحتمل.

المصدر | علي الفونة/معهد دول الخليج العربية بواشنطن – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هل دقة عمليات الكيان الصهيوني باستهداف قيادات بالحرس الثوري لملالي طهران يدل على عمق نفوذ الحرس الثوري بسورية ولبنان فقط أم أيضاً عمق نفوذ الكيان الصهيوني ليحدد المعلومات الدقيقة عن هؤلاء القيادات ليتم إغتيالهم؟ قراءة موضوعية لهذه الآغتيالات .

زر الذهاب إلى الأعلى