كان الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية انتصارا قانونيا لجنوب أفريقيا والفلسطينيين، لكنه لن يوقف المذبحة.
* * *
رفضت محكمة العدل الدولية تنفيذ المطلب الأكثر أهمية الذي قدمه الحقوقيون في جنوب إفريقيا: “يجب على دولة إسرائيل أن تعلق على الفور عملياتها العسكرية في وضد غزة”.
لكنها في الوقت نفسه، وجهت ضربة مدمرة إلى الأسطورة التأسيسية لإسرائيل. لقد اتُّهِمت إسرائيل، التي تصور نفسها على أنها مضطهَدة إلى الأبد، بشكل موثوق بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
الفلسطينيون هم ضحايا “جريمة الجرائم” وليسوا مرتكبيها. والشعب اليهودي، الذي كان في يوم من الأيام في حاجة إلى الحماية من الإبادة الجماعية، يحتمل الآن أنه يقوم بارتكابها. وبذلك، يشكك قرار المحكمة في سبب وجود “الدولة اليهودية” نفسه، ويتحدى الإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل منذ تأسيسها قبل 75 عامًا.
أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ ستة تدابير مؤقتة لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وهي تدابير سيكون من الصعب للغاية -إن لم يكن من المستحيل- تنفيذها إذا استمرت إسرائيل في قصفها الشامل لغزة واستهدافها بالجملة البنية التحتية الحيوية فيها.
دعت المحكمة إسرائيل إلى “منع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية”. وطالب البيان إسرائيل “باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها” لسكان غزة.
وأمرت المحكمة إسرائيل بحماية المدنيين الفلسطينيين. ودعت إسرائيل إلى حماية نحو 50 ألف امرأة يلدن في غزة.
وأمرت إسرائيل باتخاذ “تدابير فعالة لمنع تدمير -وضمان الحفاظ على- الأدلة المتعلقة بمزاعم ارتكاب أعمال تندرج في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من ’اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها‘ ضد أعضاء المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة”.
وأمرت المحكمة إسرائيل “باتخاذ جميع التدابير التي في وسعها” لمنع الجرائم التي ترقى إلى الإبادة الجماعية مثل “القتل، والتسبب في ضرر جسدي وعقلي خطير، وفرض ظروف حياة على المجموعة يقصد بها تحقيق تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة”.
وأُمِرت إسرائيل بتقديم تقرير في غضون شهر واحد لشرح ما فعلته لتنفيذ هذه التدابير المؤقتة.
في المقابل، كانت غزة تتعرض للقصف بالقنابل والصواريخ وقذائف المدفعية أثناء تلاوة الحكم في لاهاي -حيث قتل ما لا يقل عن 183 فلسطينيا خلال الساعات الـ24 التي سبقته.
ومنذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، قُتل أكثر من 26.000 فلسطيني. وأصيب ما يقرب من 65.000 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية. وهناك آلاف آخرون ما يزالون في عداد المفقودين. وما تزال المذبحة مستمرة. هذا هو الواقع القاسي الذي تصعب مواجهته.
إذا ما تُرجِم هذا إلى اللغة الدارجة، فإن المحكمة تقول إن على إسرائيل إطعام الضحايا وتوفير الرعاية الطبية لهم، ووقف التصريحات العلنية التي تدعو إلى الإبادة الجماعية، والحفاظ على الأدلة على حدوث الإبادة الجماعية، والتوقف عن قتل المدنيين الفلسطينيين. وعليها أن تعود فتُبلغ المحكمة عما فعلته بشأن ذلك في غضون شهر.
من الصعب أن نرى كيف يمكن تحقيق هذه التدابير المؤقتة إذا استمرت المذبحة في غزة. وقالت ناليدي باندور، وزيرة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا، بصراحة بعد صدور الحكم: ”من دون وقف إطلاق النار، لن تعمل أوامر المحكمة في الواقع”.
والوقت ليس في صالح الفلسطينيين. سوف يموت آلاف الفلسطينيين في غضون شهر. ويشكل الفلسطينيون في غزة 80 في المائة من جميع الأشخاص الذين يواجهون المجاعة أو الجوع الكارثي في جميع أنحاء العالم، وفقًا للأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن يفتقر جميع سكان غزة بحلول أوائل شباط (فبراير) إلى الغذاء الكافي، حيث يعاني نصف مليون شخص من المجاعة، وفقًا لـ”تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل”، بالاعتماد على بيانات واردة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. وهذه المجاعة هي من هندسة وتدبير إسرائيل.
في أحسن الأحوال، منحت المحكمة -في حين أنها لن تحكم لبضع سنوات بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية- ترخيصا قانونيا باستخدام عبارة “إبادة جماعية” لوصف ما تفعله إسرائيل في غزة. وهذا أمر مهم جدا، ولكنه لا يكفي بالنظر إلى حجم الكارثة الإنسانية الجارية في غزة.
أسقطت إسرائيل ما يقرب من 30.000 قنبلة وقذيفة على غزة -ثمانية أضعاف القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على العراق خلال ست سنوات من الحرب. وقد استخدمت مئات القنابل التي يبلغ وزنها 2.000 رطل لمحو مناطق كاملة مكتظة بالسكان، بما في ذلك مخيمات اللاجئين.
ولهذه القنابل “الخارقة للتحصينات” مساحة قتل يبلغ نصف قطرها ألف قدم. ولا يشبه الهجوم الجوي الإسرائيلي على غزة أي شيء شوهد منذ فيتنام. وسرعان ما أصبح قطاع غزة، الذي يبلغ طوله 20 ميلاً فقط وعرضه 5 أميال، بحكم تصميمه، غير صالح للسكن.
مما لا شك فيه أن إسرائيل ستواصل هجومها بحجة أنه لا ينتهك توجيهات المحكمة. وبالإضافة إلى ذلك، سوف تستخدم إدارة بايدن بلا شك حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن يطالب إسرائيل بتنفيذ التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة الدولية. وإذا لم يؤيد مجلس الأمن هذه التدابير، يمكن لـ”الجمعية العامة” أن تصوت مرة أخرى على الدعوة إلى وقف إطلاق النار، ولكنْ من دون أن تكون لديها سلطة إنفاذه.
في الولايات المتحدة، رفع “مركز الحقوق الدستورية” دعوى باسم “الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فلسطين ضد بايدن” في تشرين الثاني (نوفمبر) ضد الرئيس جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن. وتتحدى القضية فشل الحكومة الأميركية في منع التواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني. وتطلب من المحكمة أن تأمر إدارة بايدن بوقف الدعم الدبلوماسي والعسكري والامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي والاتحادي.
أما المقاومة النشطة الوحيدة لوقف الإبادة الجماعية في غزة، فيوفرها حصار البحر الأحمر في اليمن. وقد شهد اليمن، الذي كان تحت الحصار على مدى ثماني سنوات من قبل تحالف شاركت فيه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، أكثر من 400.000 ألف حالة وفاة بسبب الجوع، ونقص الرعاية الصحية، وانتشار الأمراض المعدية، والقصف المتعمد للمدارس والمستشفيات والبنية التحتية والمناطق السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف.
ويعرف اليمنيون جيدا ما يتحمله الفلسطينيون -منذ العام 2017 على الأقل وصفت وكالات الأمم المتحدة المتعددة اليمن بأنه يشهد “أكبر أزمة إنسانية في العالم”.
سوف تميز مقاومة اليمن -عندما يُكتب تاريخ هذه الإبادة الجماعية- هذا البلد عن كل دولة أخرى تقريبًا. أما بقية العالم، بما في ذلك العالم العربي، فقد التجأ إلى الإدانات الخطابية عديمة الأسنان، أو دعَم بنشاط محو إسرائيل لغزة وسكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن الولايات المتحدة أرسلت 230 طائرة شحن و20 سفينة محملة بقذائف المدفعية والعربات المدرعة والمعدات القتالية إلى إسرائيل منذ هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) التي قتل فيها حوالي 1.200 إسرائيلي.
ويتم شحن الأسلحة والمعدات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل -التي تنفد منها الذخائر- من القاعدة البريطانية “راف أكروتيري” RAF Akrotiri في قبرص، وفقًا لما أفاد به موقع التحقيقات البريطاني Desecret UK. وذكرت صحيفة ”هآرتس” الإسرائيلية أن أكثر من 40 طائرة نقل أميركية و20 طائرة بريطانية، إلى جانب سبع طائرات هليكوبتر للنقل الثقيل، قد طارت إلى قاعدة “أكروتيري” التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، على بعد 40 دقيقة بالطائرة من تل أبيب.
وبحسب ما ورد، تخطط ألمانيا لتقديم 10.000 طلقة من الذخيرة الدقيقة من عيار 120 ملم لإسرائيل. وإذا حكمت المحكمة في النهاية ضد إسرائيل، فإن أهم محكمة دولية في العالم ستكون قد اعترفت بهذه الدول كشركاء في جريمة الإبادة الجماعية.
رفض القادة الإسرائيليون حكم محكمة العدل الدولية. وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى تصوير قرار عدم المطالبة بوقف إطلاق النار على أنه انتصار لإسرائيل:
”مثل كل بلد، لإسرائيل حق أصيل في الدفاع عن نفسها. والمحاولة الدنيئة لحرمان إسرائيل من هذا الحق الأساسي هي تمييز صارخ ضد الدولة اليهودية، وقد تم رفضها عن حق. إن تهمة الإبادة الجماعية الموجهة ضد إسرائيل ليست كاذبة فحسب، بل إنها شائنة، ويجب على الناس المحترمين في كل مكان رفضها”.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: “إن قرار المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يثبت ما كان معروفا مسبقًا: أن هذه المحكمة لا تسعى إلى العدالة، بل إلى اضطهاد الشعب اليهودي. لقد التزموا الصمت خلال الهولوكوست واليوم يواصلون النفاق ويأخذونه خطوة أخرى إلى الأمام”.
وكانت “محكمة العدل الدولية” قد تأسست في العام 1945 في أعقاب المحرقة النازية. وكانت أول قضية نظرتها المحكمة قد قُدمت إليها في العام 1947.
وأضاف بن غفير: “القرارات التي تعرِّض استمرار وجود دولة إسرائيل للخطر يجب عدم الاستماع إليها. يجب أن نستمر في إلحاق الهزيمة بالعدو حتى النصر الكامل”.
أقرت المحكمة، التي رفضت الحجج التي ساقتها إسرائيل لرفض القضية، “بأن العملية العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 قد أدت، من بين أمور أخرى، إلى عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتدمير المنازل والمدارس والمرافق الطبية وغيرها من البنى التحتية الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع”.
وتضمن الحكم بيانًا أدلى به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، الذي وصف غزة في 5 كانون الثاني (يناير) بأنها “مكان للموت واليأس”. وتابعت وثيقة المحكمة:
“… تنام العائلات في العراء بينما تنخفض درجات الحرارة. وقد تعرضت المناطق التي طُلب من المدنيين الانتقال إليها حفاظًا على سلامتهم للقصف. وتتعرض المرافق الطبية لهجمات لا هوادة فيها. والمستشفيات القليلة التي تعمل بشكل جزئي مكتظة بحالات الإصابة بالصدمة، وتعاني من نقص حاد في جميع الإمدادات، وهي مكتظة بالناس اليائسين الذين يبحثون عن الأمان.
”ثمة كارثة صحية عامة تتكشف. الأمراض المعدية تنتشر في الملاجئ المكتظة مع فيضان مياه المجاري. وتلد حوالي 180 امرأة فلسطينية يوميًا وسط هذه الفوضى. ويواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المسجلة على الإطلاق. وقد أصبحت المجاعة قاب قوسين أو أدنى.
”بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص، كانت الأسابيع الاثني عشر الماضية مؤلمة: لا طعام. لا ماء. لا مدارس. لا شيء سوى أصوات الحرب المرعبة، يومًا بعد يوم.
”لقد أصبحت غزة ببساطة غير صالحة للسكن. ويشهد شعبها تهديدات يومية لوجودهم ذاته -بينما العالم يراقب”.
وأقرت المحكمة بما يلي:
“… تواجه نسبة غير مسبوقة، 93 في المائة من سكان غزة مستويات الأزمة من الجوع، مع عدم كفاية الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية. وتواجه 1 من كل 4 أسر على الأقل ’ظروفًا كارثية‘: حيث تعاني من نقص شديد في الغذاء، والمجاعة، وقد لجأت إلى بيع ممتلكاتها وغير ذلك من التدابير المتطرفة لتحمل تكلفة وجبة بسيطة. إن مظاهر الجوع والعوز والموت واضحة”.
وتابع الحكم، مستشهدًا بكلمات فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا):
”لقد أصبحت ملاجئ (الأونروا) المكتظة وغير الصحية الآن ’موطنًا‘ لأكثر من 1.4 مليون شخص. وهم يفتقرون إلى كل شيء، من الطعام إلى النظافة إلى الخصوصية. ويعيش الناس في ظروف غير إنسانية، حيث تنتشر الأمراض، بما في ذلك بين الأطفال. وهم يعيشون في ظل ما لا يمكن العيش فيه، بينما تسير عقارب الساعة بسرعة نحو المجاعة.
”إن محنة الأطفال في غزة مفجعة بشكل خاص. ويعاني جيل كامل من الأطفال من الصدمة وسيستغرقهم الأمر سنوات للتعافي. وقد قتل الآلاف وشُوهوا وتيتموا. وهناك مئات الآلاف محرومون من التعليم. إن مستقبلهم في خطر، مع عواقب بعيدة المدى وطويلة الأمد”.
كما أشارت المحكمة بوضوح إلى تعليقات أدلى بها العديد من كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الذين يدعون إلى الإبادة الجماعية، بمن فيهم رئيس الدولة ووزير الدفاع. وتشكل البيانات التي يدلي بها المسؤولون الحكوميون وغيرهم عاملاً حاسمًا في إثبات عنصر “النية” عند السعي إلى إثبات جريمة الإبادة الجماعية.
اقتبست المحكمة وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي أعلن -بعد يومين من الهجوم الذي قادته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر)- أنه أمر بفرض “حصار كامل” على مدينة غزة مع “عدم السماح بالكهرباء ولا الطعام ولا الوقود”.
وقال غالانت للقوات الإسرائيلية التي احتشدت حول غزة في اليوم التالي: “لقد أزلت جميع القيود… لقد رأيتم ما نقاتل ضده. نحن نحارب حيوانات بشرية. هذا ’داعش‘ غزة. هذا هو ما نقاتل ضده… غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل. لن تكون هناك ’حماس‘. سنقضي على كل شيء. إذا لم يستغرق ذلك يومًا، فسيستغرق أسبوعًا، وسيستغرق أسابيع أو حتى شهورًا، وسوف نصل إلى جميع الأماكن”.
واقتبست “محكمة العدل الدولية” قول الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ: “ليس صحيحًا هذا الخطاب عن كون المدنيين غير مدركين وغير متورطين. هذا غير صحيح على الإطلاق. كان بإمكانهم الانتفاض. كان بإمكانهم القتال ضد ذلك النظام الشرير الذي استولى على غزة في انقلاب. لكننا في حالة حرب. نحن في حالة حرب. نحن ندافع عن بيوتنا”.
وتابع هرتسوغ “نحن نحمي منازلنا. هذه هي الحقيقة. وعندما تحمي أمة وطنها، فإنها تقاتل. وسنقاتل حتى نكسر عمودهم الفقري”.
قامت بتلاوة القرار الرئيسة الحالية لمحكمة العدل الدولية، القاضية جوان دونوغو، وهي محامية أميركية كانت تعمل في وزارة الخارجية الأميركية ووزارة الخزانة قبل انضمامها إلى المحكمة الدولية في العام 2010.
وجاء في البيان: “من وجهة نظر المحكمة، فإن الوقائع والظروف المذكورة أعلاه كافية لاستنتاج أن بعض الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا على الأقل، والتي تسعى إلى الحصول على الحماية بشأنها معقولة. هذا هو واقع الحال فيما يتعلق بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية والأعمال المحظورة ذات الصلة المحددة في المادة الثالثة، وحق جنوب أفريقيا في التماس امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية”.
يتضح من الحكم أن المحكمة مدركة تمامًا لحجم الجرائم الإسرائيلية. وهذا يجعل قرار عدم الدعوة إلى الوقف الفوري للنشاط العسكري الإسرائيلي في غزة وضدها أكثر إثارة للإحباط والقلق.
لكن المحكمة وجهت ضربة مدمرة إلى السحر الغامض الذي استخدمته إسرائيل منذ تأسيسها لتنفيذ مشروعها الاستعماري الاستيطاني ضد السكان الأصليين لفلسطين التاريخية. لقد جعلت المحكمة وصف الإبادة الجماعية، عند تطبيقه على إسرائيل، ذا مصداقية.
*كريس هيدجز Chris Hedges: صحفي حائز على جائزة بوليتزر للصحافة، كان مراسلاً أجنبيا لمدة 15 عاما لصحيفة ”نيويورك تايمز”، حيث شغل منصب مدير مكتب الشرق الأوسط ورئيس مكتب البلقان للصحيفة. عمل سابقا في الخارج لكل من صحف “دالاس مورنينع نيوز”؛ و”كريستيان ساينس مونيتور”؛ و”الراديو الوطني، وهو مضيف برنامج “تقرير كريس هيدجز” الحواري. نشر هذا المقال أولاً على موقع “شيربوست” SheerPost.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Even Genocide Won’t Be Stopped
المصدر: الغد الأردنية/ (كونسورتيوم نيوز)
محكمة العدل الدولية أصدرت قرارها بتوصيات ستة لتنفيذها يتطلب وقف إطلاق نار فوري ، الكيان الصهيوني مع فائض القوة التي منحتها له أمريكا والدول الغربية جعلته يهمل وينتهك كل القرارات والمواثيق والعهود الأممية، فهل أمام شعبنا المكلوم أمام هذا العهر الأممي والغربي خاصة وخذلان الأنظمة العربية والإسلامية سوى التوكل على الله وعلى قوته الذاتية .