وسط شارع مكتظ بمئات النازحين والباعة الجوالين في غرب مدينة رفح، تنتظر هند أحمد (29 عاماً) مرور سيارة أجرة تقلها مع أطفالها الثلاثة للانتقال من غرفة تتشاركها مع خمسين شخصاً في مدرسة إلى خيمة أقامها زوجها.
وتقول هند التي كانت تحمل بيد أصغر أطفالها وبالأخرى فرشة إسفنجية ربطتها بحبل وكيس من القماش وضعت فيه بعض الملابس: “نقيم في فصل مدرسي منذ أكثر من شهر، لكن الوضع أصبح كارثياً إذ نتشارك الغرفة مع أكثر من خمسين شخصا، فقررنا الرحيل والعيش في خيمة رغم البرد”.
نزحت العائلة بعد أسبوعين من الحرب من شمال غزة إلى عدة مناطق في القطاع كان آخرها مدينة رفح التي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون نازح.
وأضافت: “ما يحدث غير منطقي، ليفتحوا لنا المعابر، لا يوجد في غزة مدارس ولا أي من مقومات الحياة، فقدنا منازلنا وأعمالنا وكل شيء”.
في هذه الشوارع المزدحمة، يتنقل السكان بين المناطق على عربات تجرها حيوانات مع ارتفاع سعر الوقود عشرة أضعاف.
ويفترش جانبي الطرق عشرات الباعة الجوالين الذين يعرضون للبيع المساعدات التي تصل إلى القطاع بأسعار مرتفعة، من بينها معلبات وفرش وأغطية وخيام، حتى أن كيس رقائق البطاطس بلغ سعره 8 شواكل بعد أن كان بشيكل واحد.
وتنتشر القمامة في أرجاء المدينة، أمام المدارس المكتظة بالنازحين وبين الخيام حيث أقام النازحون حمامات غير متصلة بشبكات الصرف الصحي التي دمرها القصف، وإنما تصب في حفر ترابية أو في براميل بلاستيكية تنسكب على الأرض ما أن تتجاوز سعتها.
وعلى بعد أمتار، تجلس ايمان حجي (36 عاما) وهي أم لخمسة أطفال، على عربة يجرها حمار ينقل عليها زوجها الأشخاص لكسب لقمة العيش.
وتقول: “بقينا أول شهر من الحرب في غزة، لكن أطفالي خافوا واضطررنا للهروب إلى مدينة خانيونس ثم انتقلنا مجددا قبل أيام إلى رفح. نمنا في الشارع أول ليلتين ثم تبرع لنا فاعل خير بخيمة نعيش فيها الآن”.
ونصبت العائلة الخيمة على بعد عشرات الأمتار من الحدود مع مصر.
وأضافت: “يقولون إنهم سيدفعون بنا نحو سيناء، نحن لا نريد ذلك، أريد فقط العودة لمنزلي” الذي غادرته “من شدة الخوف”، لكن “قد أذهب لسيناء من أجل أطفالي”.
أمل بخيمة
أمام مقر وكالة أونروا في غرب مدينة رفح، ينتظر عبد الله حلس (24 عاما) في سيارته التي كدس داخلها أغطية وفرشا أسفنجية، آملاً بالحصول على خيمة تؤويه مع عائلته التي نزحت مجددا من مدينة خانيونس بشمال مدينة رفح.
عند اندلاع الحرب، نزح الشاب مع عشرات من أفراد عائلته من غزة للعيش في مقر أونروا في مدينة خانيونس، لكن العائلة اضطرت لمغادرته بعد أن حاصرته القوات الإسرائيلية التي أمرت النازحين بإخلائه.
يقول الشاب وهو يحاول حبس دموعه: “لا أعرف أين سنذهب أو سننام، أطفال ونساء ومسنون من العائلة في الشارع، نبحث عن مكان أو خيمة”.
وعلى غرار مئات العائلات التي اتخذت من الخيام مأوى لها في غرب جنوب المدينة الساحلية على مسافة قريبة من الحدود المصرية، إثر نزوح غالبيتها من مدينة خانيونس خلال الأيام الأخيرة، فر ياسر الأستاذ (23 عاما) وهو طالب في السنة الرابعة في كلية الهندسة في جامعة الأزهر في مدينة غزة.
وقال الشاب: “نزحنا إلى هنا مع حوالى مائة شخص من العائلة، هربنا من أقصى شمال قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب وها نحن اليوم في أقصى جنوب القطاع، لم يبق أمامنا مكان نلجأ إليه”.
لكن الشاب يؤكد: “لن نغادر هذا المكان حتى لو دخل الجيش الإسرائيلي ومتنا” موضحاً: “لن أغادر مجبرا خلال الحرب، الجميع مثلي لن يجبرونا على الخروج من أرضنا، قد أفكر بمغادرة غزة بعد الحرب لاستكمال تعليمي…لكن هذا القرار سيكون باختياري”.
وعلى تلة رملية تبعد خمسين متراً تقريباً، جلس عدد من الفلسطينيين من بينهم كريم المصري (40 عاما) الذي نزح من بلدة بيت حانون في شمال القطاع مع زوجته وأطفاله الأربعة، إلى مدينة رفح بعد أسبوع من اندلاع الحرب.
يقول: “تمر المساعدات التي تصل إلى القطاع من هنا، أجلس وأنتظر توقف شاحنة لتلقي بعض المساعدات، أحصل أحيانا على صندوق مساعدات سقط أرضاً”.
ويضيف الرجل الذي يتقاسم مع عائلته غرفة في مدرسة قريبة، مع نحو خمسين شخصا إن “الوضع في المدرسة كارثي، نأتي إلى هنا كل يوم هرباً من الازدحام والتلوث لننتظر المساعدات”.
المصدر: العربي الجديد/فرانس برس
اين تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية ؟ أين تعهدات الولايات المتحدة ؟ وزعماء الأنظمة العربية والاسلامية الـ 57 الذين اجتمعوا بقمة الرياض ؟ أين الإنسانية والأممية من معاناة شعبنا بغزة ؟ إنها وصمة عار بجبين العالم .