عبر “مفاجأة كاملة” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أجبرت “حماس” إسرائيل على القتال بشروط الحركة وفي أرضها، وقد تستمر الحرب في قطاع غزة لفترة طويلة، وستشهد تغييرات هائلة في تفكير الطرفين، بحسب جورج فريدمان في تحليل بمركز “جيوبوليتيكال فيوتشرز” الأمريكي (Geopolitical Futures).
فريدمان تابع، في التحليل الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أن “حماس أدركت أن المخابرات أمر أساسي بالنسبة لإسرائيل، إذ مرّت الأخيرة بفشل مخابراتي سابق أصابها بصدمة عميقة”.
ولفت إلى أنه “في أكتوبر 1973، عبرت القوات المصرية قناة السويس، وتحركت في عمق شبه جزيرة سيناء (التي كانت تحتلها إسرائيل)، وتمكنت من تهديد جنوب إسرائيل، كما انتقلت سوريا إلى مرتفعات الجولان (المحتلة) لتهديد شمال إسرائيل”.
وأضاف أن “المخابرات الإسرائيلية فشلت تماما في توقع الهجوم، ولعدة أيام بدا أن بقاء إسرائيل على المحك (…) ومنذ ذلك الحين، أصبحت استراتيجية إسرائيل تتلخص في كشف الهجمات وهزيمة أعدائها بسرعة قبل أن تخسر مموليها الدوليين (بقيادة الولايات المتحدة)”.
مفاجأة كاملة
“وحولت إسرائيل نظامها المخابراتي إلى ما تعتقد أنه قادر على كشف الأخطار المحتملة، لكن حماس تمكنت من شن هجوم مفاجئ لم تتوقعه إسرائيل بينما كانت حكومتها مشتتة بسبب نزاعات سياسية داخلية”، كما زاد فريدمان.
وأوضح أن “استراتجية حماس تطلبت أن تعمي المخابرات الإسرائيلية عن القوة التي يتم بناؤها في غزة وإعدادها للقتال، وبالفعل حققت المفاجأة الكاملة وأسرت نحو 250 إسرائيليا، على اعتقاد أن هذا سيجبر إسرائيل (يوجد في سجونها نحو 8 آلاف فلسطيني) على الحذر في أي هجوم مضاد”.
واعتبر أن “حماس أخطأت في تقدير الرد، إذ اختارت إسرائيل استراتيجية الحرب الشاملة، ما أدى إلى سقوط قتلى من كافة الأطراف”.
و”قد أُجبرت إسرائيل على القتال بشروط حماس وفي أراضيها، ومع احتمال أن يكون الإسرائيليون غير متوازنين؛ مما قد يُعرّض إسرائيل نفسها للخطر، فالمعلومات المخابراتية غير الموثوقة والاستهانة بقدرات حماس لم تترك لإسرائيل سوى خيارات قليلة”، وفقا لفريدمان.
آمال مذهلة
فريدمان قال إن “الأمر الحتمي بالنسبة لإسرائيل هو تدمير حماس وردع التدخل من جانب القوى العربية الأخرى (…) ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تبنت حماس موقفا دفاعيا”.
لكن بوتيرة شبه يومية، تطلق “حماس” وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى صواريخ على إسرائيل، وتبث مقاطع فيديو تظهر قتل ضباط وجنود إسرائيليين وتدمير آليات عسكرية لجيش الاحتلال.
وأردف فريدمان أنه “كان على إسرائيل أن تضمن عدم وقوع هجوم مفاجئ آخر من حماس، ولم يكن بوسعها الاعتماد على المعلومات المخابراتية، لذلك اختارت الهجوم على حماس”.
وتابع: “كان أمام إسرائيل خيار استخدام المدفعية الثقيلة والقوة الجوية أو إرسال قوات برية مدعومة بالدروع الثقيلة والقوة الجوية، والخيار الأخير سيؤدي إلى خسائر فادحة لإسرائيل وهزيمة محتملة.. وقد اختارت نشر قوات برية في الشمال (توسعت إلى الجنوب حتى مدينة خان يونس) في محاولة لكسر حماس”.
و”حتى الآن، لم يحقق أي من الطرفين ضروراته (…) والحرب لم تنته، والقتال قد يستمر لفترة طويلة، ولكن آمال حماس في ذلك مذهلة (بالانتصار على الاحتلال) وستكون هناك تغييرات هائلة في تفكير الجانبين”، كما ختم فريدمان.
المصدر | جورج فريدمان/ جيوبوليتيكال فيوتشرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
قراءة تحترم لطبيعة ودوافع حرب قوات الكيان الصهيوني على غزة ومقاربتها مع حرب 6 أكتوبر، فشل المخابرات الصهيونية بتوقع حدوثهما بحيث بدا أن بقاء إسرائيل على المحك (…) لتصبح استراتيجية إسرائيل تتلخص في كشف الهجمات وهزيمة أعدائها بسرعة قبل أن تخسر مموليها الدوليين (بقيادة الولايات المتحدة)” لذلك إستطاعت المقاومة الفلسطينية جر قوات الاحتلال لمعركة وفق شروطها .