يشكو السوريون في محافظة إدلب، شمال غربي سورية، من ارتفاع أسعار الأدوية وفقدان عدد منها في الصيدليات المنتشرة بالمحافظة، الأمر الذي دفعهم إلى البحث عن حلول بديلة من قبيل التوجّه إلى المراكز الصحية التي توفّر الأدوية مجاناً، مع العلم أنّ ذلك انعكس بدوره سلباً على تلك المراكز مع زيادة عدد المراجعين وقلّة الموارد المتاحة لها.
وضّاح خليل سوري يقيم في مدينة الدانا، شمالي إدلب، يتحدث لـ”العربي الجديد” عن معاناة الأهالي مع ارتفاع أسعار الأدوية خصوصاً أدوية الأطفال، مؤكداً أنّ “ثمّة ارتفاعاً غير طبيعي في الأسعار”. ويخبر خليل أنّه “قبل أيام، قصدت صيدلية لشراء دواء خافض للحرارة ودواء للسعال. الأخير الذي كان ثمنه 900 ليرة سوريّة (نحو 1.70 دولار أميركي) فوجئت بأنّه صار يُباع لقاء سبعة آلاف ليرة (نحو 13 دولاراً). أمّا خافض الحرارة الذي كان ثمنه 250 ليرة (نحو 0.50 دولار) فارتفع إلى 1500 ليرة (نحو ثلاثة دولارات)”. ولا يخفي خليل شعوره الدائم بالقلق في هذا الإطار، موضحاً أنّه بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش لعائلته المكوّنة من أربعة أفراد، وكذلك بدل إيجار منزلهم. ويقول: “في حال مرض أحد أطفالي، قد اضطر إلى قضاء وقت طويل في الصيدليات الخيرية والانتظار في الطابور للحصول على دواء”، مؤكداً أنه “لم يعد لدينا خيار سوى التوجه إلى المستشفيات أو العيادات المجانية للحصول على ما نحتاجه من دواء”.
ويكشف مصدر طبي لـ”العربي الجديد” أنّ “سبب المشكلة الرئيسي هو سيطرة النظام السوري على مصانع الأدوية في منطقة ريف حلب الغربي في خلال العملية العسكرية الأخيرة، علماً أنّ تلك المصانع كانت توفّر الأدوية بشكل رئيسي للمنطقة، وهي بقيت تؤمّن خدماتها للمنطقة إلى حين سيطرة قوات النظام عليها”. يضيف أنّه “كان للعمّال حريّة الوصول إليها حتى من مناطق سيطرة النظام، فيما تقوم عمليات تبادل ما بين كميات من الأدوية التي تنتجها وأدوية أخرى تُنتج في مناطق سيطرة النظام وغير متوفّرة في المنطقة. أمّا في الوقت الحالي، فقد توقّف هذا الأمر”.
ويلفت مصدر طبي آخر بحديث لـ”العربي الجديد” إلى أنّ “المضادات الحيوية ومسكنات الألم وخافضات الحرارة هي في مقدّمة الأدوية المفقودة أو شبه المفقودة في المنطقة، علماً أنّ الأمر ينطوي على خطورة على الأمن الدوائي في المنطقة، إذ إنّ الكميات التي تعمل المنظمات على إدخالها غير كافية لسدّ الحاجة المتزايدة. وفي مقدّمة تلك المنظمات الجمعية الطبية السورية الأميركية التي تعمل على تأمين الأدوية للمنطقة من تركيا”.
من جهته، يقول مصطفى السيد علي الساكن في المنطقة لـ”العربي الجديد” إنّ “الأمور تزداد سوءاً في الوقت الحالي. وأنا على سبيل المثال، اضطررت أخيراً إلى الانتظار ساعات عدّة حتى تمكّنت من إدخال طفلي إلى إحدى العيادات وإجراء معاينة له. وهذا أمر مرتبط بسعر الدواء بالدرجة الأولى”. يضيف أنّه “في إمكان طبيب الأطفال الواحد معاينة نحو 50 طفلاً في اليوم إلى جانب نحو 200 مراجع”. ويشير السيد علي إلى أنّه “لا قدرة لنا على شراء الأدوية أو مراجعة المستشفيات الخاصة وتحمّل تكاليفها، لذلك فإنّ خيارنا الأوحد هو التوجّه إلى العيادات والمستشفيات المجانية”، لافتاً إلى أنّ “الاكتظاظ فيها كبير وننتظر لساعات فيما تحدث مشاكل كثيرة. كذلك فإنّ ثمّة من لا يتمكّن من الحصول على مراجعة في اليوم ذاته. وفي حال استمرّ الوضع على هذا النحو، فنحن أمام أزمة كبيرة”.
في السياق، يوضح مسؤول الرقابة الدوائية، الدكتور مصطفى دغيم، لـ”العربي الجديد” أنّ “غلاء الدواء غير مضبوط حالياً، لكنّنا في مديرية صحة إدلب ونقابة الصيادلة، بالتعاون مع جميع مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات، نعقد ورشاً خاصة من أجل وضع تسعيرة تتناسب مع وضعنا المعيشي في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام، آملين أن تستمر الجهود ونتوصّل إلى صيغة تكون مرضية للجميع في القريب العاجل”.
تجدر الإشارة إلى أنّ قوات النظام السوري سيطرت في الثالث عشر من فبراير/ شباط الماضي على منطقة المنصورة في ريف حلب الغربي، حيث تنتشر مصانع للأدوية، ما تسبّب في خسارة كبيرة للمناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام. كذلك عمدت قوات النظام إلى قصف تلك المصانع وإخراج بعضها عن الخدمة.
المصدر: العربي الجديد