نيويورك تايمز: هل ستترك حركة الدفاع عن غزة أثرها على جيل أمريكي كما فعلت فيتنام؟

إبراهيم درويش

تساءلت صحيفة “نيويورك تايمز” إن كانت الحرب في غزة ستعلّم جيلاً جديداً في أمريكا كما علّمت حرب فيتنام جيلاً بأكمله سابقاً.

وجاء في التقرير أن حركة الاحتجاج في الجامعات التي أدت لإنهاء حرب فيتنام في السبعينات من القرن الماضي، قد تقود إلى الأمر نفسه في حرب غزة.

وأعد التقرير مايكل واينز، حيث نقل عن ريتشارد فلاكس، تذكره التحديات لبناء حركة احتجاج أثناء حرب فيتنام والتي كانت عمودا لجماعة “طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي” ذات الميول اليسارية والمعادية للحرب.

وقال إن حركة “طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي” بدأت  بفكرة: “نريد طريقا جديدا لأن نكون مع اليسار، ومفردات جديدة واستراتيجية جديدة”.

وساعد فلاكس في كتابة مانفستو الحركة أوما عرف ببيان ميناء هورتون في 1962، وقال: “عرفنا أننا على الطريق الصحيح، ولا أعتقد أننا كنا متغطرسين”.

وبعد 60 عاما، فلدى إيمان عابد نفس التحديات في حرب غزة، وتقول: “لوقت طويل، لم نكن قادرين على جعل فلسطين موضعا للناس لكي يهتموا به”. وعابد هي المنسقة والمديرة للحملة الأمريكية من أجل حقوق الفلسطينيين، والتي تعمل مع الجماعات المؤيدة لفلسطين، وتضيف: “لكن الناس يهتمون بها لأنهم يرونها، وهم يشاهدونها على حسابات التواصل الاجتماعي ويراقبون الأخبار”.

وتعلق الصحيفة أنه من المبكر الحديث فيما إن كان النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني سيعلّم هذا الجيل كما حدث أثناء المعارضة لحرب فيتنام مع شباب في عمرها قبل نصف قرن. وبالنسبة للذين درسوا وعاشوا حرب فيتنام فالمقارنة قوية: القصف الجوي والدمار على منطقة صغيرة، وانقسام جيلي بشأن أخلاقية النزاع، وحس بأن الحرب تقدم تيارات سياسية وثقافية وثقة لا تتزعزع بين الطلاب الذين يتعاملون مع قضيتهم بإيمان مطلق.

لكن الاختلافات واضحة، فحرب غزة بدأت بهجوم قامت به حماس ضد إسرائيل، والحرب الحالية لا تقاتل فيها أمريكا كما في فيتنام، حيث خسرت آنذاك 58000 جندي.

ويرى مايلز رابورت، وزير خارجية ولاية كونكيتكت، الذي انضم لحركة المعارضة لحرب فيتنام وهو طالب بجامعة هارفارد في الستينات، أن هناك تشابها، لكنّ الحركتين مختلفتان بشكل أساسي من ناحية اللحظة. فالولايات المتحدة خاضت حرب فيتنام من أجل إظهار أنها القوة العظمى، أما إسرائيل فتقول إنها تخوض حربا وجودية. لكن هناك الكثير من التشابه عندما يتم النظر إلى الحربين من الناحية الأخلاقية.

وقد عبّر عن هذا المشاركون في المسيرات المؤيدة لإسرائيل، كما فعل مؤيدو الحرب في الجامعات الأمريكية أثناء فيتنام. ولكن رابورت يرى أن الحركتين تعبران وبشكل غريزي عن التضامن المبدئي مع الطرف الضعيف، و”هذا متعلق بحس التضامن مع الناس الذي يقاتلون من أجل بلدك الحر من أي وجود استعماري”.

ومنذ فيتنام، تظاهر طلاب الجامعات عدة مرات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وضد مقتل الرجال والنساء السود في 2014 و2020، ولكن حملة مناهضة للحرب على غزة متواصلة بشكل لم يحدث من قبل.

ويقول لون تران (28 عاما) أمريكي- فيتنامي، والمدير الوطني لجماعة يسارية اسمها “الغالبية الصاعدة” إن هناك مقارنة بين فيتنام وغزة. ولم يقابل جده أي جندي أمريكي في الحرب، أما جدته فقد قاتلت ضد القوات الامريكية مع قوات الشمال، ويقول: “عندما أسمع الفلسطينيين يقارنون فيتنام ودور الولايات المتحدة والاستعمار، فهذا يثير دهشتي وهي رابطة واضحة” و”أشعر بها في جسدي والكثير من أبناء مجتمعي الفيتنامي يشعرون بها في أجسادهم، أي مقاومة الحرب ومقاومة الاحتلال”.

وبالنسبة للنقاد، فمسيرات اليوم تعكس إفراطا وليس قيم حركة المناهضة لحرب فيتنام، حيث يهتف بعض المشاركين هتافات يعتبرها البعض دعوة لإبادة اليهود، تماما كما دعم متظاهرون جيش فيتنام الشمالي أثناء الحرب. ويتهم نقاد حركة المناصرة لفلسطين بالنفاق؛ لأنها قد تهمش قضايا مثل حركة المثليين والمرأة.

وينظر اليهود لتظاهرات المناصرين لفلسطين بنوع من الخوف، كما يقول مدير مركز برانديس لحقوق الإنسان بموجب القانون، كينيث برانديس، ويشير إلى أن التظاهرات المناصرة لفلسطين كانت موجودة قبل غزة. واعتبر أن الحركة التي يدعمها الطلاب معادية للسامية، رغم وجود طلاب يعتقدون أنهم يدعمون بالمشاركة فلسطين. واتهم الجامعات بالرد الضعيف والجبان.

ولكن حركة الاحتجاج المعارضة لحرب غزة تستفيد من تراث حركة المعاداة لفيتنام مثل شعارات “كم من الأطفال قتلتم اليوم؟”. وقال فلاكس إن طلاب الستينات لم يكن أمامهم مثال لتقليده. وأضاف أن “الكثير من الأساليب التي اختُرعت أصبحت جزءا من حقيبة الأدوات في نشاط الجامعات”.

وقال دانيال مايلستون، المحامي المتقاعد من نيويورك: “ليس من الواضح الرهان لك ولي في النزاع” وكان من الداعين لوقف حرب فيتنام.

وبالتأكيد، فأساليب التجميع وتحضير المواد اللوجيستية اليوم هي أسهل من الماضي، وسهلتها منصات التواصل الاجتماعي، والتعليمات التي ترسل مباشرة لحسابات الناشطين. كما تغير شكل التظاهرات عن فترة فيتنام، التي كانت غالبيتها من البيض، وهو ما يعكس حرم الجامعات في الستينات. أما في 2023، فهي حضرية وتضم طلابا من الملونين الذين يتعاطفون مع فلسطين. كما يشكل غير الطلاب غالبية المتظاهرين اليوم.

وقال مايكل كازين، الأستاذ بجامعة جورج تاون: “الحركات لا تظهر من لا مكان”، فحركة معاداة حرب فيتنام نشأت نتيجة مذبحة شاربفيل في جنوب أفريقيا عام 1960، أما احتجاجات غزة، فتعود لمعاداة المسلمين بعد 9/11 والظلم المستمر لهم.

وعندما نزل السود احتجاجاً على مقتل شاب أسود في فيرغسون بولاية مونتانا في 2014، قدم الفلسطينيون النصيحة حول كيفية التعامل مع الغاز المسيل للدموع. وأصبح اليوم طلاب جامعة كاليفورنيا- سانتا بربارة، من السود واللاتينو، عصب حركة التأييد لفلسطين كما يقول البروفيسور فلاكس.

المصدر: “القدس العربي”

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كان لجماعة “طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي” ذات الميول اليسارية والمعادية للحرب دور كبير بالضغط لإنهاء الحرب الفيتنامية قبل 60 عاماً ، فهل من المبكر الحديث إن كانت الحرب الصهيونية الغربية بقيادة أمريكا على الفلسطينيين ستأثر على هذا الجيل كما حدث أثناء الحرب الفيتنامية ؟ وسائل التواصل والإعلام الحر والحراك الطلابي سيكون له دور ضاغط ومؤثر .

زر الذهاب إلى الأعلى