عن عودة السيد المسيح

يفكر السيد المسيح بالعودة الى مسقط رأسه في بيت لحم .. ولكنه يتذكر فجأة أن مدة جواز سفره قد انتهت .. وان السلطات اليهو دية وضعت إسمه على قائمة الممنوعين من دخول فلسطين .. وفرضت على أمه الإقامة الجبرية .. فيبحث عن شقة خالية في بيروت تتناسب مع مكانته التاريخية .. يأخذه السماسرة الى عمارات الرملة البيضاء و شارع فردان .. يطلبون منه إكراما لعينيه, و تقديرا لسمعته العالمية, 25 ألف ليرة بدل إيجار سنوي .. يجيبهم أنه قد عرف الصلب مرة واحدة ولا يريد أن يصلب مرة اخرى…

يشعر السيد المسيح.. بالجوع.. والتعب.. والخيبة.. فيتسلل إلى حديقة الصنائع.. وينام… يرى في أحلامه جبال الجليل, وبحيرة طبريا, و نهر الأردن.. و يتذكر المغارة التي ولد فيها في بيت لحم, وفراش القش الذي نام عليه, يتذكر الأرض الطيبة, و الخراف البيضاء, وأشجار البرتقال والزيتون .. رائحة أمه.. يجئ حارس الحديقة مع الفجر ويطلب منه مغادرة المكان, لأن أنظمة البلدية تمنع النوم في الحدائق العامة.. يحمل السيد المسيح جوعه, وتعبه, وخيبة آماله.. ويمشي باتجاه البحر..

البواخر تفرغ حمولتها… ألوف الصناديق تتكوم على رصيف المرفأ حاملة بضائع عيد الميلاد من أشجار, وألعاب, وثياب, ومشروبات, و ديوك حبش…

كل الصناديق مستوردة بإسمه.. ولكنه لا يملك واحدا منها…

كل أشجار السرو والصنوبر تضاء بإسمه.. ولكنه لا يستريح تحت واحدة منها…

كل ديوك الحبش … تذبح على إسمه .. وتحشى باللوز والزبيب على إسمه .. ولا يستطيع أن يأكل قطعة منها…

أيها المسيح العظيم

إني اعتذر لك, باسم بيروت, وبإسم كل العواصم التي تأكل على حسابك, وتشرب على حسابك, وتسهر و ترقص على حسابك…

أيها المسيح العظيم

إنني أدعوك الى منزلي, فهل تقبل دعوتي إلى العشاء؟

منسوب للشاعر نزار قباني

مجلة الأسبوع العربي 7\1\1974

 

تنويه: لم يتسن لي التأكد من المعلومة و اذكر أنني قرأت مجلدي الاعمال الكاملة لنزار و لا اذكر أني قرأت هذا النص سابقا

لكن لا يمنع انه نص قوي و معبر سواء كان لنزار او غيره من بطون العرب

المصدر: صفحة بسام شلبي

تعليق واحد

  1. أيها المسيح العظيم إني اعتذر لك, باسم بيروت, وباسم كل العواصم التي تأكل على حسابك, وتشرب على حسابك, وتسهر و ترقص على حسابك…كلمات جميلة بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح “النبي عيسى” توضح وضع بيت لحم والجليل . ميلاد مجيد لأخوتنا المسيحيين .

زر الذهاب إلى الأعلى