“هجوم من أجل الدفاع الذاتي ضد تهديد على وشك أن يحدث”، هكذا اعتبرت الإدارة الاميركية الهجوم الذي نفذه سلاح الجو الاميركي في يوم الاحد ضد موقع لاطلاق المسيرات قرب مدينة كركوك في العراق، الذي قتل فيه خمسة أشخاص. من هذا الموقع، الذي تستخدمه المليشيات الشيعية “المقاومة الإسلامية في العراق” – وهو الاطار الذي يشمل بضع مليشيات تابعة لإيران والتي اقيمت بعد بداية الحرب – تم إطلاق مؤخرا عدة مسيرات ضد أهداف أميركية في سورية. ويبدو أن الولايات المتحدة قد قررت تجاوز “خط أحمر” آخر في حربها ضد التنظيمات المؤيدة لإيران، التي تعمل في العراق.
هذه ليست المرة الأولى التي تهاجم فيها قوات أميركية أهداف في أراضي العراق. فقد سبق هذا الهجوم هجوم آخر في 23 تشرين الثاني في قاعدتين لمليشيات “حزب الله العراق” (التي هي غير مرتبطة بحزب الله اللبناني)، الذي فيه قتل ثمانية أشخاص من المليشيا وأصيب عشرة أشخاص. الرد الأميركي جاء بعد أكثر من 60 هجوما تم الابلاغ عنه على أهداف أميركية أصيب بها إصابات طفيفة حوالي 60 جنديا أميركيا.
الهجوم جاء أيضا بعد أن سمعت في الكونغرس وفي وسائل الإعلام انتقادات شديدة على الرد الأميركي المتساهل الذي لا ينجح في ردع المليشيات. وحقا حتى الهجوم في الشهر الماضي امتنعت الولايات المتحدة عن مهاجمة أهداف يوجد فيها أشخاص في العراق. الرد العسكري الأميركي تركز على سورية، التي تشكل في الأصل الساحة الحرة للعمل العسكري للولايات المتحدة واسرائيل وتركيا وروسيا.
سبب ذلك هو الخوف من أن التصعيد العسكري في العراق يمكن أن يؤدي إلى ابعاد نحو 2000 جندي أميركي تم وضعهم في القواعد هناك والذين هدفهم العلني هو العمل ضد داعش. هذا لأن التواجد الأميركي في العراق يعتبر بؤرة للمواجهات السياسية بين الحركات السياسية في العراق وبين الحكومة، وبينها وبين النظام في إيران الذي يسعى إلى طرد أي تواجد أميركي من حوله. رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، حذر شخصيا الرئيس الأميركي جو بايدن من هجوم في بلاده خوفا من أن الضغوط السياسية التي تستخدم عليه ستضطره الى اتخاذ قرار لا يريده. صحيح أنه ليس كل المليشيات المؤيدة لايران مشاركة بدرجة متساوية في المعركة ضد الأهداف الأميركية. ولكن ايضا هذه المليشيات، التي حتى الآن اظهرت الدعم اللفظي فقط، توجد الآن على لوحة اهداف الهجمات الأميركية، التي منذ بداية الحرب في غزة تضع تحديا آخذ في الازدياد أمام تعقد العلاقات بين واشنطن وبغداد.
لكن ليس فقط الإدارة الأميركية هي التي اضطرت إلى السير على حبل دقيق أمام مبعوثي إيران، بل إيران أيضا وجدت نفسها في معضلة لم تستعد لها في أعقاب الحرب في غزة. افتراض إيران حتى الآن كان أن الولايات المتحدة ستكتفي باستعراض الردع المخيف على شكل إطلاق حاملات الطائرات، والمساعدات العسكرية والدعم السياسي لإسرائيل. ولكنها ستمتنع عن فتح جبهة عسكرية أخرى في منطقة الشرق الأوسط. هذا الافتراض يعتمد على الانشغال الكثيف لواشنطن في الحرب في اوكرانيا وفي الردع السياسي الذي تضعه الصين وروسيا امامها. الرسائل التي انتقلت بين واشنطن وطهران شملت في الحقيقة التهديد ضد أي تدخل لإيران في الحرب. ولكن في المقابل كان يمكن لايران أن تشعر بأن الضغط العلني على اسرائيل بأن لا تفتح جبهة شاملة في لبنان، استهدف بالأساس منع انزلاق الحرب في غزة الى ساحات اخرى يمكن أن تجبر الولايات المتحدة على التدخل بشكل مباشر.
تقدير الوضع هذا، الذي رسم طبيعة وحجم المواجهة المحدودة نسبيا بين اسرائيل وحزب الله، وهامش العمل لحزب الله في العراق، مكن إيران حتى الآن من الشعور بأنها محمية من هجوم مباشر عليها بأنها طرحت نفسها ليس فقط وكأنها غير مشاركة في الحرب، بل كجهة حتى لا تسيطر على قرارات مبعوثيها. “هذه المجموعات، في العراق وفي سورية، التي تقوم بمهاجمة المصالح الاميركية، تتخذ قراراتها بنفسها”، قال وزير الخارجية الايراني، حسين امير عبد اللهيان، في مقابلة مع شبكة “سي.بي.اس” في منتصف شهر تشرين الثاني.
في حين أن الحوثيين في اليمن والمليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان تبادر الى هجمات ضد اهداف اميركية واسرائيلية فان ايران تتبنى المبدأ الكلاسيكي الذي يتمثل في الحرب غير المتكافئة أو الحرب الدفاعية، الذي بحسبه دولة المواجهة الرئيسية، اي ايران المتدنية من ناحية عسكرية عن خصمها، تمتنع عن مواجهة عسكرية مباشرة، وتستخدم بدلا من ذلك المبعوثين الذين يقومون بضرب الاهداف التي هي نفسها تحظر من المس بها.
المصدر: هآرتس/الغد الأردنية
نظام ملالي طهران وأذرعته الطائفية الإرهابية من حلف المقاولة والمماتعة ضمن بروباغندا مشاركة المقاومة الوطنية الفلسطينية بمقاومة الاحتلال تقوم بعمليات عسكرية غير ممنهجة وغير ذات جدوى لتقول نحن نقاوم وهم يخذلون شركائهم بالحلف ، وليس لجر القوات الأمريكية لمعارك جانبية مثل مسردب الضاحية والعامود .