كيف ستنتصر حماس

عكيفا الدار

باستثناء حفنة من الحالمين جدا مثل اوريت ستروك ودانييلا فايس، فإنهم في اليمين الذي كما يبدو أكثر عقلانية، لا يحلمون بالعودة إلى غوش قطيف. في المقابل، الحديث عن إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة تسبب لهم الكوابيس. فهم لا يثقون بأن الحكومة لن تقوم باعتراض خطة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يطالب بإخراج حل الدولتين من النفتالين. هذا الحل الذي يقدم مع الخط الأخضر ولا ينزلق بشكل جيد في حلق الترانسفيريين. “فرق الطوارئ” للمخربين اليهود الذين يرتدون زي الجيش الإسرائيلي، لا تنتظر اليوم الذي سيأتي بعد الحرب في غزة. وقد بدأت الآن في العمل. لا يمر يوم من دون أن يقتحم اليهود قرية فلسطينية أو أن يقوم اثنان من المستوطنين بتهديد سكانها بمغادرة بيوتهم خلال 24 ساعة. المسؤول عن مركز التسليح، ايتمار بن غفير، قام بتوزيع البنادق على كل مهووس ومجذوم. ضباط وجنود مسؤولون عن أمن سكان المناطق، في أفضل الحالات، هم يراقبون من الجانب، وفي أسوأ الحالات يشاركون في الاحتفال. الانتفاضة الثالثة على الطريق.

في موازاة هجوم الإرهاب اليهودي، تم فتح معركة “دعائية” من أجل إحباط التهديد الأميركي. على هوامش عدد من الشوارع السريعة يمكن مشاهدة إعلان ضخم كتب فيه “السلطة الفلسطينية تساوي حماس”. وفي صورة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وضعت على رأسه عصبة حماس الخضراء. “شباب الصهيونية الدينية” الذين وقعوا على اللافتة ينشرون في الشبكات الاجتماعية فيلما يظهر جنودا مسلحين وهم يسيرون وفي الخلفية شعارات باللون الأحمر كتب فيها أنه، “يوجد للسلطة جيش مدرب جيدا ومزود بكمية من السلاح وفقط هو ينتظر الفرصة لقتل أولادنا وعائلاتنا، على بعد عشر دقائق من كفار سابا وبيتح تكفا وشوهم والعاد وعراد ومطار بن غوريون وبئر السبع ونتانيا وحريش وبيت شيمش ومفسيرت تسيون”. هذه الشعارات ترافقها طبول الحرب: “هل سنعطيهم غزة؟ هل أصيبوا بالخرف؟ السلطة الفلسطينية تساوي حماس. نحن استيقظنا”.

حملة نزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية، يتم نشرها على يد حزب رئيسه هو عضو كبير في الكابنت الأمني. إضافة إلى ذلك يوجد لهذه السياسة شركاء كبار جدا، هم الأكبر، سواء بالاقوال، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أو بالصمت، بني غانتس وأصدقاؤه في المعسكر الرسمي. بعد فترة قصيرة على نشر مقال جو بايدن، الذي طلب فيه من إسرائيل أن تتعامل مع السلطة، أعلن نتنياهو أن السلطة الفلسطينية “بمضمونها الحالي” غير قادرة على تحمل المسؤولية عن قطاع غزة. من المهم معرفة أي مضمون سيؤهل السلطة في نظره؟. “لقد كانوا هناك في السابق”، ذكر من صوت مع خطة الانفصال أحادية الجانب. “لقد رأينا ماذا حدث. تسلموا القطاع (بعد عملية الانفصال). تمت تصفيتهم وإبعادهم بعد بضعة أشهر وحماس صعدت”.

الانفصال أحادي الجانب عن غزة، الذي تجاوز السلطة الفلسطينية، مهد الطريق أمام خصمها الكبير حماس من أجل الفوز في الانتخابات. غض النظر والعجز وتعاون الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي مع مليشيات البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، كل ذلك يكشف مرة أخرى السلطة الفلسطينية. ومرة أخرى يدفع الجمهور الفلسطيني إلى أحضان حماس. هكذا، بالضبط في الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل على إضعاف حماس في الساحة العسكرية، فإن الأخيرة تتقوى في الساحة السياسية الداخلية. الأحاديث عن “نكبة ثانية” وإلقاء قنبلة نووية وقتل آلاف الأطفال في القطاع والمذابح في القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، تقوي مكانة حماس في الرأي العام الدولي.

لا يوجد لدينا أي توقعات من المتهم للقيام بخطوة سياسية، التي يمكن أن تبعد عنا الأحزاب اليهودية العنصرية وتقربه من سجن مع نتنياهو . ولكن ماذا عن غانتس ورئيس الأركان الأسبق غادي ايزنكوت؟ لماذا هؤلاء الذين لهم تجربة ومسؤولية يسلمون بسياسة نتنياهو المجرمة. يقولون: “إن هذا ليس وقتا مناسبا للسياسة والعزل، وأنه يجب عليهم التركيز على الهدف – حرب لتصفية حماس. ولكن سياسة الحكومة – سحق بقايا اتفاق أوسلو والقضاء على احتمالية إنهاء الاحتلال – تضمن انتصار حماس”.

هذا هو الوقت المناسب للتذكير، أنه في الفترة غير البعيدة التي تولى فيها غانتس منصب وزير الدفاع، حرص على الالتقاء بين الحين والآخر مع قيادة السلطة الفلسطينية. وهو لم ينس الانتقادات التي وجهت إليه بسبب ذلك من نتنياهو ومن مصنع السم. في البيان الذي نشر في نهاية اللقاء بين غانتس وعباس عقد في رام الله في تموز (يوليو) العام 2022، جاء أنهما اتفقا على مواصلة التنسيق الأمني الوثيق وتجنب القيام بخطوات تضر بالاستقرار. يمكن الافتراض أنهما لم يقصدا خطوات مثل سيطرة اليهود المسلحين على الأراضي الفلسطينية بحماية جنود الجيش الإسرائيلي. السلطة في المقابل لم تتوقف للحظة عن القيام بخطوات ضد أعضاء حماس الذين خططوا للمس بالإسرائيليين.

قبل فترة غير بعيدة عن ذلك، في مقابلة شاملة أجراها بن كسبيت (“معاريف”، كانون الثاني يناير 2022) مع ايزنكوت، قال الأخير الاقوال الحادة الآتية: “في العقد الأخير سياستنا كانت خاطئة، نقطة. نحن نسمي السلطة الفلسطينية بـ”الفاسدين”، وندير الظهر لها ونعزز قوة حماس بحقائب الأموال أو بطريقة غير مباشرة. انظر إلى غزة: السنوار في الحقيقة، أثبت أن من يطلق على تل ابيب والقدس هو الذي يكسب”.

الجملة الآتية تظهر الآن وكأنها موجهة بشكل مباشر لنتنياهو: “في الحقيقة في هذا اليوم السنوار هو الشريك وأبو مازن هو المنبوذ. بفضل هذه السياسة فإن حماس، من غزة ومن الضفة الغربية ومرورا بشرقي القدس، تؤثر أكثر وتصل أيضا إلى عرب إسرائيل. لذلك أنت الآن تحظى بوضع مريح، لكن هذا أمر مؤقت، وسيمضي”.

في كارثة 7 تشرين الأول (أكتوبر)، تعلمنا بالطريقة التي لا يوجد أكثر منها رعبا إلى أي درجة “الوضع المريح” كان سيمضي. الآن هو وأعضاء حزبه يتحملون مسؤولية أي من أصدقاء نتنياهو في الحكومة سيقودوننا إلى الكارثة المقبلة.

 

المصدر: هآرتس /الغد الأردنية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة نقدية صه.يو.نية أخرى لطريقة معالجة والتعامل مع السلطة الفلسطينية في رام الله أو في غزة ، وسيطرة العقيدة المتطرفة على القيادة العسكرية ومفاصل الحكومة ، عقيدة متطرفة لتحديد اليوم التالي ، بإنهاء الوجود العربي بفلسطين وسيطرة الاحتلال على كامل المفاصل ونبذ فكرة الدولتين .

زر الذهاب إلى الأعلى