تعليقًا على مقابلة رويترز لمحمد دحلان، وإطلالة على معركة غزة

د. مخلص الصيادي

محمد دحلان رجل  لا يستطيع أن يرى خارج نطاق مدرسته التي أنتجت “أوسلو”، وبالتالي فإنه يقيس الأحداث والتطورات كلها من هذه الزاوية.

هو لا يدرك، ولا يستطيع بحكم التربية والارتباط أن يدرك أن “أوسلو” أصلا كانت خطوة في الاتجاه الخاطئ، ولدت متساوقة مع “كامب ديفيد” المصرية،أي مع فكرة أن الحل كل الحل بيد أمريكا، وهذا لا يكون إلا بالرضا الصهيوني.

إنه لم يدرك أن “المقاومة” للمشروع الصهيوني، مشروع الكيان الاسرائيلي، هي الأصل. وأن تجلياتها وأشكالها وهيئاتها كانت بنت ظروفها الوطنية ليس أكثر.

من قبل مرحلة الشهيد عز الدين القسام  القسام، إلى مرحلة حركة فتح والجبهات الشعبية، إلى انتفاضة الحجارة وما تلاها الى ولادة حماس والجهاد، كل هذه أشكال وهيئات وتجليات لروح المقاومة، وأن “القضية الفلسطينية”، رهن بالشعب الفلسطيني، وروح المقاومة والجهاد عنده، وهذه الروح ذات منابع وجذور دينية، وقومية، ووطنية. واجتماعية، وأن الحل الوحيد الممكن، لا يكون في حل الدولتين، وإنما في تحلل الكيان الصهيوني، وعودة فلسطين إلى شعبها، ومحيطها، وثوبها التاريخي، والروحي. والعقدي، وأن هذا الحل هو الأقرب للتطبيق، والأقل تكلفة لكل الأطراف، وهو الوحيد الذي يملك  إمكانية الديمومة.

هل هناك طريق آخر لإنها هذا “الصراع”، نظريا نعم هناك طريق آخر وهو الطريق الذي يستهدف “إبادة الشعب الفلسطيني”، ومن ثم الشعب العربي، ومن ثم إزالة كل أثر قدسي لفلسطين والأقصى في عقل ووجدان وبنية المسلمين في العالم.

هذا هو الطريق الآخر الممكن، إن كان هناك من يتصور أن هذا “طريق ممكن”.

وهنا تستعيد الرؤية التي طرحها جمال عبد الناصر نضارتها حينما قال: “إن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى، ولسوف تبقى، حتى تعيد تأسيس وطنها الفلسطيني، وحتى يمارس هذا الوطن دوره في النضال الشامل لأمته العربية”.

ومن هذه الزاوية تحديدا تصبح “،المقاومة الفلسطيني”، هي وجه فلسطين، والمعبرة عن الشعب الفلسطيني، ويصبح تأييد هذه المقاومة هو المعيار لكل موقف، ولكل التزام وطني أو قومي أو ديني، أو إنساني، وتصبح “قدسية المقاومة” من قدسية القضية الفلسطينية.

منذ بدأ العدوان الصهيوني على غزة”الاسرائيلي – الغربي” على غزة فإن إعلام “قوى العدوان، والمرجفين” ينطلق في الحديث عما سيكون بعد انهاء المقاومة في غزة. وتحقيق هدف في هذا العدوان، وكأن انتصارهم في هذه المعركة أمرا مفروغا منهم، ثم يأتي سؤالهم:

**هل ستبقى غزة تحت٩ الاحتلال الاسرائيلي  المباشر ؟.

**هل ستسلم لسلطة عباس؟.

 **ما هو دور دحلان وأمثاله ؟.

** هل سيطلب من مصر وضع غزة تحت سيطرتها؟.

**وتساؤلات عدة من هذا القبيل.

وهذا الحديث جزء من خديعة إعلامية ونفسية لا أكثر.

حقيقة الأمر غير هذا، وهم يدركون ذلك، قوى العدوان تدرك أنها لن تستطيع أن تنهي المقاومة، والذين يصدقون ذلك إنما يخدعون أنفسهم. المقاومة مستمرة. ولها النصر في نهاية المطاف.

صحيح أن الثمن عال جدا، لكن ارتفاع الثمن مؤشر على أن فشل قوى العدوان في الوصول لأغراضها، سيكون له نتائج جد خطيرة، ومؤثرة على مسار الصراع كله، على الكيان الصهيوني، وعلى علاقة الامبريالية الغربية وهو الصانع لهذا الكيان، وعلى النظم المحلية والاقليمية المرتبطة به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى