عرضت وزارة الخارجية الامريكية ترجمة لمقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست للرئيس الأمريكي جو بايدن في 6/12/2023.
المقال جاء بعنوان ” جو بايدن: أمريكا لن تتراجع أمام تحدي بوتين أو حماس”
وواضح من العنوان أن الرئيس يعرض موقف إدارته من القضيتين الرئيستين اللتين تواجههما إدارته، وهما الحرب في أوكرانيا، والهجوم على غزة، وهو يضع معالجة هذين الملفين في مسار الدور الأمريكي على مستوى العالم، وفي مسار تشكيل النظام الدولي والهيمنة الأمريكية على هذا النظام، لذلك فإنه يتطرق إلى قيم هذا النظام، وضرورة أن تكون هذه القيم انعكاسا لما تراه الولايات المتحدة.
والسؤال الأساس الذي ينطلق منه الرئيس الأمريكي في تناول هذين الملفين تمت صياغته على النحو التالي “هل سنواصل تحقيق رؤيتنا الإيجابية للمستقبل بإصرار وتصميم، أو أننا سنسمح لأولئك الذين لا يشاركونا قيمنا أن يجروا العالم إلى مكان أكثر خطورة وانقساما؟
وهو يرى أن بوتين وحماس يقاتلون لأجل هدف مشترك، وبالوسائل نفسها: “يقاتل كل من بوتين وحماس من أجل هدف مشترك هو محو ديموقراطية مجاورة لكل من بلديهما من على الخريطة”.
إن المتمعن في مقال الرئيس “بايدن” سيفجع من ضحالة وفقر “الرؤية والفكر السياسي” المطروح، والذي يفترض أنه يعبر عن فكر وتوجه الرئيس الأمريكي، أي عن سياسات الولايات المتحدة وما يريد الرئيس أن يسير عليه في هذه المرحلة، في الفترة القادمة، أي في فترة رئاسة ثانية يتطلع للفوز بها في انتخابات نوفمبر القادم.
وإذا كان تناول رؤية بايدن لحدث غزة، يغنينا ـ في ظروف وقتنا الراهن ـ عن تتبع ما سواه مما ورد في المقال، لكننا لن نغفل العديد من النقاط الأخرى التي جاء عليها والتي تتصل بالملف الفلسطيني، وسنضع تعليقنا في نقاط محددة:
1ـ يعتبر الرئيس الأمريكي أن لبوتين وحماس هدف واحد قائم على “محو ديموقراطية مجاورة لكل من بلديهما”، وهنا نساءل، هل يعتبر بايدن حماس/ غزة كيانا لدولة، كما الدولة الروسية. هذا موقف لم تعلنه من سابق أي إدارة أمريكية، ولم تتصرف على أساسه. وغزة التي تقودها حماس بقيت خاضعة للحصار الإسرائيلي/ الغربي برا وبحرا منذ العام 2005، ثم من قال للرئيس بايدن بأن حماس تريد أن تمحو دولة “إسرائيل الديموقراطية”، ومتى كانت ” دولة إسرائيل” أصلا ديموقراطية، هل ينسى أو تنسى إدارته، أن العالم وصف ” الصهيونية” ـ التي تقوم “إسرائيل ” على أساسهاـ بأنها شكل من أشكال التمييز العنصري وذلك في القرار الأممي رقم 3379 لعام 1975، وأنه لم يتم التراجع عن هذا القرار إلا بضغط امريكي مباشر وفي إطار التحضير لمؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بهذا الشأن رقم 86/46 في 16 ديسمبر 1991.
يجب أن توجد فلسطين “دولة حرة مستقلة” حتى يمكن إجراء مقارنة بينها وبين روسيا او أوكرانيا، قبل ذلك فهي ” دولة محتلة”، من قبل ” الكيان الإسرائيلي الصهيوني العنصري”، ولا مجال لأي مقارنات صحيحة واعية بهذا الشأن، وعلى الإدارة الامريكية أن تسمي الأمور بمسمياتها إن أرادت فعلا أن تصل الى نتيجة تبني عليها سلاما في المنطقة.
2 ـ بعد هذه المقدمة سيفجع المتابع بكم من الأكاذيب التي يعود الرئيس الأمريكي إلى تردادها، بعد أن هجرها أصحابها الذين أطلقوها، وتراجع بعضهم عن المشاركة في الترويج لها معتذرا بالتسرع وبظروف الصراع التي لم تتح له التأكيد والتمحيص.
بايدن يتحدث في مقاله عن الأطفال والرضع الإسرائيليين الذين ذبحهم وشوههم مقاتلو حماس في هجوم السابع من أكتوبر، وعن اتخاذ حماس من المستشفيات والمدارس والمساجد مقرات لمقاتليها، وسواتر لأنفاقها، ومستودعاتٍ لأسلحتها، وعن الترويع الذي مورس ضد “الأسرى / الرهائن” الذين وقعوا بيد مقاتلي حماس في عملية طوفان الأقصى، وأخذوا إلى غزة.
وقال في مقاله إنه يعتبر أن ما وقع للأطفال والمدنيين والأمهات والآباء والأجداد الإسرائيليين على يد حماس يمثل أسوأ ما وقع ” للشعب اليهودي ” منذ “المحرقة” أي المحرقة النازية، وإذا كان ما يقوله الرئيس يعتقده بحق ـ وأنا ممن يشك بذلك ـ فعلينا أن “نشكك” بحقيقة تلك المحرقة النازية من الأساس. فهذا الذي يعرضه بايدن كله كذب، كذب صريح، تراجع عنه الصحفيون الذين أطلقوا شرارته الأولى، وعجز عن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو عن تقديم أدلة عليه، لتبرير قصف المستشفيات وخصوصا مستشفى الشفاء، وكذبته شهادات الأسرى من المدنيين الإسرائيليين الذين تم الافراج عنهم، والذين قدموا شهادات عن حسن تعامل حماس معهم أحرجت المسؤولين الإسرائيليين والاعلام الإسرائيلي.
3 ـ الغريب أن بايدن الذين يدين بلا هوادة هجوم السابع من أكتوبر، والذي استهدف مراكز في مستوطنات غلاف غزة، ومواقع عسكرية وأمنية، وقتل خلاله 1400 إسرائيلي معظمهم من المستوطنين والجنود ـ وبعضهم لا يُعرف ما إذا كانوا قد قتلوا بنيران المهاجمين الفلسطينيين أم بنيران القوات الإسرائيلية ـ ، يعبر عن تفهمه للجرائم التي ارتكبتها وما تزال قوات العدو الصهيوني في غزة ضد الأطفال والنساء والمدنيين والمرضى والعاجزين، حينما اعتمدت قصف الأحياء والعمارات والمستشفيات والمساجد والمدارس، ومراكز الإيواء، وحتى حينما يعبر عن تأثره مما أصاب الأطفال في غزة لا يشير إلى مسؤولية القوات الإسرائيلية، ولا يشير إلى أن ما تقوم به هذه القوات يعتبر من جرائم الحرب المحرمة، لا يشير إلى أن حصار غزة ومنع الطعام والدواء والماء والكهرباء عنها واعتماد سياسة تهجير السكان، يعتبر بحد ذاته جريمة حرب، لا يشير إلى دور الولايات المتحدة في مساعدة حكومة نتنياهو على تنفيذ هذه السياسية، ومشاركتها فيها، لا يشير إلى السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة وهي تمنع صدور قرار من مجلس الامن يفرض وقف إطلاق النار.
إن أكثر من 17000 شهيد فلسطيني سقط حتى الآن من المدنيين معظمهم من الأطفال، والنساء، والعاجزين، والمرضى، والعاملين في الطواقم الصحية، وطواقم الصحفيين، والإغاثة الأممية، ومن هؤلاء قتل 130 من العاملين في الأمم المتحدة، وقد أبيدت عوائل بالكامل، كل هذا لم يلفت كثيرا اهتمام الرئيس الأمريكي، وقد امتنع عن تحديد المسؤولية في ارتكاب هذه الجرائم، وقدم تبريره لذلك، مع مطالبة رقيقة بضرورة تجنب المدنيين بقدر الممكن.
بل إنه وهو يتحدث عن جرائم المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية لا يصفهم بالإرهابيين، وإنما يصف بعضهم بالمتطرفين، مع العلم أن هؤلاء يقومون بقتل وتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على بيوتهم وأراضيهم وأملاكهم. وقد قتل المئات من الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر على أيديهم وأيدي قوات الاحتلال، وبايدن يكتفي بمطالبة حكومة نتنياهو أن تحاسب هؤلاء المتطرفين على ما يقومون به!، ويهدد هؤلاء بمنع منحهم تأشيرات دخول للولايات المتحدة عقوبة لهم على جرائمهم!.
4 ـ إن الاستراتيجية التي يطرحها “بايدن” لا تبدأ من وقف جرائم الاحتلال، وإنما من القضاء على حماس، وإنهاء وجودها في غزة، ولا تبدأ من الاعتراف بدولة فلسطينية حرة ومستقلة، وإنما تبدأ بتأكيد التضامن مع إسرائيل مع تأكيده على أهمية حل الدولتين باعتباره طريقا للسلام.
وواضح أن بايدن يبني هذه الاستراتيجية على عنصرين متناقضين: عنصر الدعوة إلى إقامة نظام ديموقراطي في جانب السلطة الفلسطينية المرتقبة، وعنصر القضاء على حماس ووجودها في غزة، والسؤال المطروح والذي يعرف بايدن، وتعرف السلطة الفلسطينية الممثلة بالرئيس محمود عباس الجواب عليه، هو: ماذا لو جاءت الديموقراطية ب “حماس” إلى رأس السلطة الفلسطينية، هذا كان في المرات السابقة، وسيكون بالتأكيد في المستقبل إذا توفرت الحرية والمصداقية للعملية الديمقراطية.
إن بايدن يريد ديموقراطية على الطراز والهيئة التي تنفذ له رؤيته، ولا يريد ديموقراطية تنفذ إرادة الشعب المعني بها، يريد ديموقراطية للفلسطينيين كديموقراطية المستبدين من حكام العالم الثالث، الذين توجدهم وتدعمهم القوى الخارجية.
بايدن يظن أن حماس والقسام وكتائب الأقصى وتنظيمات الجهاد هي المشكلة، ولا أدري مقدار الصدق في هذه الرؤية، ـ أقول الصدق وليس الصحة ـ .
مشكلة كبيرة إن كان الرئيس صادقا في هذا الاعتقاد، ومشكلة مروعة إن كان غير ذلك.
حينما أدت السياسات الغربية والقرارات الدولية إلى زرع المشروع الإسرائيلي على أرض فلسطين، والذي تحول تدريجيا إلى كيان دولة، وإلى تشريد الشعب الفلسطيني، لم تكن حماس موجودة، لكن مقاومة الشعب الفلسطيني كانت موجودة، ولم تتوقف، صحيح تغيرت رايات المقاومين، لكن ” الفعل المقاوم” لم يتغير، حماس الآن، وأخواتها، تتصدر الصورة في هذه المرحلة، لكنها بما تقوم به تعبر عن جوهر الفعل الفلسطيني نفسه، وهو فعل “المقاومة”، لم تستطع مسيرة “كامب ديفيد”، ومؤتمر مدريد للسلام 1991، ولا “اتفاقية أوسلو” 1993 ، ولا الاتفاقيات الشقيقة، ولا اتفاقات التطبيع الأخيرة أن تصرف أو تتجاوز فعل “المقاومة” التي يتمسك به الشعب الفلسطيني.
إن المشكلة ليست حماس، لكن المشكلة في حقيقتها ماثلة في وجود الشعب الفلسطيني، فهو العقبة الرئيسية والصخرة الصلبة التي تقف في وجه هذه المسيرة كلها، الشعب الفلسطيني يريد حقه في أرضه ووطنه ودولته ومستقبله، يريد أن يصوغ ذلك كله بإرادته، هو لم يطرح في أي مرحلة من مراحل نضاله إبادة اليهود، وليست هذه الفكرة في القاموس الفلسطيني أو العربي، ولا في قاموس الشعوب الإسلامية، بل هي فكرة وممارسة وليدة الغرب العنصري، وهي التي تلطخ تاريخ هذا الغرب.
لقد تبنى بايدن في برنامجه المطروح رؤية نتنياهو تجاه غزة والمقاومة الفلسطينية، باعتبارها تمثل الحل الجذري للقضية الفلسطينية، ولهذا الصراع، وهو واهم في هذا التصور وهذا البرنامج، كما أن نتنياهو واهم حين يعتقد أن التخلص من هذا القائد المجاهد أو ذاك يحل المشكلة، أو أن تصور غزة وفلسطين بدون حماس والمجاهدين تصور ممكن التحقيق.
يتوقع بايدن أنه برأ ذمته حين كتب في مقالته:” منذ البداية دعت إدارتي إلى احترام القانون الإنساني الدولي وتقليل الخسائر في الأرواح البريئة إلى الحد الأدنى “وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين”، أو أنه أراح ضميره حين عبر عن حزنه لما يصيب المدنيين!.
أين يصرف هذا الكلام؟ ومن يصدقه، ومن يقيم له وزنا؟ إذا كانت كل الأسلحة والذخائر بأنواعها المختلفة التي تقتل المدنيين بمختلف أصنافهم تأتي من واشنطن، بل إن واشنطن لم تكتف بذلك، بل بادرت بالمشاركة المباشرة في عمليات جيش العدو، وقامت بحماية حكومة تل ابيب من غضب المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية.
5 ـ ومن غريب ما يعرضه بايدن ويقدمه في برنامجه أن واشنطن وحلفاءها الخمسين ” الناتو ومن حوله” كان لهم الدور الفاعل، وسيكون لهم الدور الفاعل في صيانة الأمن والسلام الدولي، وأنهم نجحوا في ذلك سابقا، وسيفعلون في المستقبل الأمر نفسه.
ولا أدري هل يعتبر بايدن أن ما فعلته الولايات المحتدة في غزوها أفغانستان مع حلفائها الذين وصل عددهم إلى 43 دولة كان نجاحا، ونصرا، وساهم في تحقيق السلام في تلك البلاد، وقد جاء انسحابها المذل أمام تقدم قوات طالبان شاهدا على مدى إنجازها وعلى نجاعة ما أنجزت!.
ام هل كان ما فعلته وحلفاؤها في العراق كان إنجازا أرسى السلام والأمن في المنطقة، وقد أقامت غزو العراق على كذبتين كبيرتين: وجود برنامج نووي عراقي، ووجود صلات للنظام العراقي مع تنظيم القاعدة المسؤول على هجمات 11 سبتمبر، وقد اعترفت كل المصادر الأمريكية والغربية بأن كل ما قدم في هذا الاطار لم يكن خطأ، وإنما كان “كذبا متعمدا”، ثم كان من نتائج هذا الغزو تفكيك الدولة العراقية، وتدميرها، وقتل أكثر من مليون عراقي، وتسليمه هذا البلد في نهاية المطاف إلى إيران، هل هذا هو النجاح المحقق للأمن والسلام في المنطقة ليضرب به المثل.
6ـ ما ورد في مقال الرئيس بشأن مشاعر الكراهية والتوتر والعنف التي تطل برأسها على خلفية الحرب على غزة، وإدانته ل”معاداة السامية وكراهية الإسلام” كان يمكن أن يمثل موقفا إيجابيا لو أنه بني على أساس سليم، لكن في هذا الربط شيء من “الخبث الفكري”، وقد ساهمت السياسات الأمريكية في إحياء روح “المعاداة للسامية” في أوساط الحركات الشعبية في الغرب وعبر العالم، حينما ربطت بين هذا المفهوم، وبين الموقف من ” الكيان الصهيوني”، فجعلت الموقف من الصهيونية تعبيرا عن العداء للسامية، ومؤخرا صدق مجلس النواب الأمريكي في السادس من ديسمبر الجاري على قرارـ غير ملزم ـ بهذا الشأن، مع العلم أن الصلة منفية بين الموقفين، فالصهيونية عنصرية بطبيعتها، وقد صعد العدوان الإسرائيلي على غزة وما يرتكبه من جرائم يوميا من العداء للصهيونية وللكيان الصهيوني في العالم كله، لكن ما صلة هذا بفكرة ومفهوم العداء للسامية، ولماذا يجري جمع هذه الظاهرة مع “العداء للإسلام”، وخصوصا وأن جزءاً كبير من صناعة العداء للإسلام يديرها صهاينة ويمين غربي عنصري متطرف.
إن الوقوف أمام ظاهرة العداء للإسلام في المجتمع الغربي يجب أن يتضمن مواجهة الصهيونية نفسها، والتصدي لطبيعتها العنصرية العدوانية، ودون ذلك فكل محاولة للوقوف ضد ظاهرة العداء للإسلام تكون محاولة مزعومة.
7 ـ ويبقى ملفتا للنظر فيما طرحه الرئيس بايدن بشأن الملف الفلسطيني عموما، والصراع الدائر في غزة أنه غيب دور إيران ومحورها عن تصوره وخطته، وكأنه لا أثر لها فيه، مع العلم أن هذا المحور موجود بقوة، من خلال وجود حزب الله، ومن خلال علاقات المقاومة مع هذا الحزب، ومع إيران، ومن خلال ما أعلنه هذا المحور من سابق بشأن مفهوم “وحدة الساحات”.
يبدو أن الغياب هنا يحمل تقديرا، ويحمل رسالة، وكأن بايدن يريد أن يقول إن إدارته راضية عن موقف هذا المحور من العدوان الراهن على غزة، وهو يتوقع استمرار هذا الموقف المبني على “الغياب التام” عن تطورات هذا الوضع، والغياب عن الحلول التي تسعى واشنطن لفرضها هناك، وإذا صح هذا الاستنتاج فإنه يكون أوضح موقف للإدارة الأمريكية من دور المحور الإيراني في الشأن الفلسطيني.
في الختام
يبني الرئيس بايدن رؤيته وبرنامجه على مفهوم أن ” القوة تصنع السلام الذي يريد” لكن استراتيجيا هذه نظرة خاطئة، ف”السلام تصونه القوة لكنها لا تصنعه”، والسلام ليس وليد مصلحة دولة معينة، أو تحالف دول، وإنما وليد توفر عنصر “العدل” في التعاطي مع كل المشاكل ومع مكوناتها، وحين يكون الهدف بناء مجتمع دولي مستقر فإن الأمر يحتاج إلى توفير قيم مشتركة ومصالح مشتركة بين أمم هذا الكوكب المثخن بالجراح، وليس فرض قيم ومصالح عليه بحكم القوة والجبروت.
بشكل مكثف ” السلام يصنعه العدل وتصونه القوة” هذا هو جوهر الموقف الصحيح الذي عشنا عليه، وأقمنا عليه حضارتنا عبر التاريخ كله.
نحن في أمس الحاجة للأمن والسلام والحرية والديموقراطية والعدل، لكن للأسف فإن الولايات المتحدة وهي القوى العظمى تفتقد القدرة على رؤية هذه الحقيقة، كما تفتقد الإدارة التي تقودها للقيام بواجبها في اتجاه هذا الهدف، لذلك فإن تلبية هذه الحاجة ما زال هدفا بعيد المنال جدا.
تعليق ونقد علمي واقعي لمقال “جو بايدن”: “أمريكا لن تتراجع أمام تحدي بوتين أو حماس” أن القوة لا تصنع السلام لأنه خطأ استراتيجي لنظرية خاطئة لأن ”السلام تصونه القوة لكنها لا تصنعه”، والسلام ليس وليد مصلحة دولة معينة، أو تحالف دول، وإنما وليد توفر عنصر “العدل” والعالم بحاجة للأمن والسلام والحرية والديموقراطية والعدل والولايات المتحدة ليست مؤهلة بذلك لغلبة مصالحها على العامة .