ملخص البحث:
يحاول البحث التعرّف إلى بعض المؤشرات الرئيسة الدالة على تصدّع العلاقة بين النظام والسوريين المقيمين في مناطق سيطرته، من خلال استطلاع رأي عيّنة من السوريات والسوريين حول مدى التغيرات الحاصلة بينهما، وبخاصة بعد انهيار النظام اقتصاديًا ووصوله إلى مرحلة الإفلاس، في السنتين الأخيرتين 2022 -2023، ومحاولة تمويل بقائه من جيوب السوريين، وتحوّله إلى محض جابٍ ضريبي وفارض للإتاوات لتمويل بقائه في الحكم.
يطرح البحث جملة من الأسئلة، تتكثف حول مؤشرات الهوة الحاصلة بين النظام والسوريين نتيجة عجز النظام عن أداء وظائفه، وإلى أي مدًى ستتوسع تلك الهوة مع استمرار الانهيار الاقتصادي، وما هي تأثيراتها؟ وحول إمكانية انتشارها الأفقي والعمودي في مناطق سيطرة النظام، وإمكانية انتظامها ضمن أطر جماعية فاعلة ومؤثرة، وهل سيكون من شأنها الضغط على النظام باتجاه القبول بتسوية سياسية؟ أو اللجوء إلى خيارات أخرى؟
يحاول البحث استشراف خيارات النظام، وفق تقديرات أفراد عيّنة الدراسة المستطلعة في مناطق النظام، ووفق عقليته وتكوينه، فهل سيلجأ إلى استخدام العنف في تعامله مع الاحتجاجات الجديدة، وبخاصة في الساحل السوري، إن حصلت؟ أم سيلجأ إلى وسائله الأمنية المعتادة لإخضاع الحاضنة من خلال خلق التوترات الأمنية والطائفية والعرقية وخلق الفوضى تحقيقًا لمقولته “أنا أو الفوضى الشاملة”، ضمن منهجه السائد تاريخيًا بـ “مقايضة الأمن بالذل والخضوع”، أم سيُفاجئ الجميع ويقدّم مضطرًا تنازلات حقيقية ذات تأثير فاعل في المستويين السياسي والمعيشي.
ويحاول البحث التطرّق إلى مصير الاحتجاجات على المدى الأطول، في حال تعرّضت الموجة الأولى منها للإخضاع والقمع مع استمرار الانهيار الاقتصادي الشامل.
اعتمد البحث منهج المسح الاجتماعي بالعينة، من خلال تصميم استبانة خاصة بالبحث، واعتماده أداة رئيسة لجمع البيانات، من خلال مقابلة (345) حالة من السوريات والسوريين في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك من أجل تحليل مؤشرات تصدّع العلاقة بين السوريين والنظام، والوصول إلى النتائج الآتية:
1- وصف أفراد عينة البحث الوضع المعيشي بأنه وصل إلى مرحلة الجوع في السنة الأخيرة، وأقروا بأثر هذا الوضعي المعيشي المزري على الأمن المجتمعي، وأنه مرتبط بغياب الحريات السياسية في سورية، أي إن هذا التدهور المعيشي مرتبط بالنظام الاستبدادي السوري الحالي، وكذلك بالفساد المستشري في مؤسساته الحكومية. والمسؤول الأول عن هذا الفساد والتدهور المعيشي هو بشار الأسد وعائلته.
ووضح البحث ردة فعل أفراد عينة البحث على زيادة الأجور والرواتب الأخيرة، بأن الحياة المعيشية تدهورت أكثر من السابق، نتيجة زيادة أسعار المحروقات ورفع الدعم عنها، ومن ثم كانت صدمة وخيبة أمل لدى أفراد معظم حاضنة النظام.
كذلك أكد معظم أفراد عيّنة البحث أن الحوالات المالية الآتية من السوريين في الخارج أفادت النظام اقتصاديًا، وخففت حدة التدهور المعيشي لدى السوريين عمومًا.
أما رأي أفراد عينة البحث، في ما سّمي سياسة “الخطوة مقابل خطوة”، من الدول العربية في تحسين الوضع المعيشي وانفراجه عبر المساعدات العربية، فقد رأوا أنها غير مجدية، لسبب وحيد هو أن النظام السوري كعادته لن يلتزم بها. وهذا مؤشر على عدم ثقة السوريين والعرب في هذا النظام.
2- أكد أفراد عينة البحث معظمهم أن أسباب الاحتجاجات الجديدة، وبخاصة في محافظة السويداء، تنقسم إلى أسباب مركبة معيشية وسياسية، وفي الوقت نفسه توقعت حصول مزيد من الاحتجاجات في مناطق سيطرة النظام وانتقالها إلى مدن أخرى لم يسبق لها الانخراط في أي احتجاجات.
وكذلك، أكد أفراد عينة البحث معظمهم أن السوريين الذين كانوا مؤيدين للنظام السوري عام 2011 أغلبهم لم يعودوا مؤيدين له في الوقت الحاضر، خصوصًا أن السلطات السياسية التابعة للنظام كانت عاجزة عن القيام بدور إيجابي في تهدئة التوترات الحاصلة بين النظام والسوريين في مناطق سيطرته، وهناك مزيد من الاحتجاجات المقبلة على الأرض أو في وسائل التواصل الاجتماعي، وإن تأخرّت فالسبب هو القبضة الأمنية في بعض المناطق.
وأبدى أفراد عينة البحث أغلبهم رغبتهم في المشاركة في الاحتجاجات المطلبية إذا حصلت، وأن هذه الاحتجاجات ستستمر، وإن قمعتها الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وتعود أسباب تذمّر السوريين واحتجاجاتهم في الأشهر الأخيرة، من منظور أفراد عينة البحث، إلى خيبة الأمل من تحسّن المستوى المعيشي، وعدم حصول حل سياسي، وتنامي الشعور بأن النظام استخدم المؤيدين له من السوريين أدوات لحماية أسرته والدائرة الصغيرة المحيطة به، وأن هؤلاء السوريين الذين دافعوا عن النظام عام 2011 يدفعون اليوم ضريبة هذا الدعم، لما آلت إليه الحالة المعيشية والاجتماعية من تدهور لديهم.
وكذلك، توقع أغلب أفراد عينة البحث إمكانية انتقال الاحتجاجات الفردية في مناطق الساحل السوري إلى احتجاجات جمعية، ومن المتوقع أن تقمعها أجهزة أمن النظام، فهو لا يفرق بين المدن حين تتهدد سلطته من أي طائفة، وإن كان من المحتمل قمعها بطريقة مغايرة.
4- أما عن الحل السياسي المطلوب في سورية، فأجاب أفراد عينة البحث أغلبهم أنه يكون بتغيير النظام الحالي، والانتقال إلى نظام سياسي جديد. وكذلك، هناك فرصة إلى حد ما للحوار بين السوريين من أجل الوصول إلى الحل السياسي. واتضح من وجهة نظر أفراد عينة البحث أن هناك علاقة بين فشل الحل السياسي والاحتجاجات الحالية.
وبالنسبة إلى الأجسام السياسية الجديدة (حركة 10 آب، حركة الشغل المدني، الحركة الشعبية في سورية، لجنة تنظيم الإضراب والحراك – قاوم-… الخ) التي برزت في أثناء الاحتجاجات، فقد تباينت الآراء بين من وجدها ضرورة سياسية ومجتمعية وناتجة من تدهور الأوضاع المعيشية وتواكب الاحتجاجات الجديدة، ومن نظر إليها بعين الشك والريب.
وقد ربط أفراد عينة البحث معظمهم استمرار الأزمة السورية باستمرار هذا النظام الحالي في الحكم. وحول توقعات أفراد عينة في حال تحقق سيناريو تنحي بشار الأسد عن الحكم، تباينت الآراء، فهناك من توقع حصول الفوضى، لعدم وجود أي قوة منظمة بديلة قادرة على تسيير السلطة، وهناك من توقع أن الجيش سيكون البديل لفترة انتقالية. وهناك رأي آخر قال إن القوى الإسلامية ستكون هي البديل القادر على تنظيم صفوفه سريعًا وبدعم خارجي، وفي الوقت نفسه لم يتوقعوا حصول انقلاب عسكري.
وحول الموقف الإيراني، من حصول تغيير للنظام السوري الحالي، توقع أفراد عينة البحث أغلبهم أنها ستتدخل عسكريًا من خلال ميليشياتها لمنع التغيير. وكذلك التوقع نفسه بالنسبة إلى الموقف الروسي.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه:
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة
نظام طاغية الشام فقد حاضنته الشعبية مرحلة وراء مرحلة ولأسباب اقتصادية وأمنية وانتشار الفساد والسرقات والإتاوات ، ليصل الانهيار الاقتصاديً لمرحلة الإفلاس في السنتين الأخيرتين 2022 -2023، ومحاولة تمويل بقائه من جيوب السوريين لتمويل بقائه في الحكم وبالحلول الأمنية ، قراءة ودراسة بحثية واقعية .