كثير مما ذكر في المقال صحيح لكنه بعضه كان خاطئا، وحمل المقال أحكاما خاطئة، والسبب في ذلك اعتماد المنهج الطائفي في رؤية وضع طائفي، وفارق كبير أن ترى الطائفية وتدينها، وبين أن تراها في واقعك ولدى خصمك وتعتمدها في صراعك وتحليلك ورؤيتك.
كل ما ذكر عن الإسلام ونشره وفتوحاته، والقول أنه “سني”،صحيح لكنه لا يقابله الحديث عن الشيعة، فالفتوحات اسلامية، والسنة هم الإسلام : دولة، وحضارة، وفقها، وعددا، وقادة.
ومن هذه الزاوية فكل الفتوحات فتوحات قامت بها دولهم.
لكن ألم تقع معارك طاحنة بين الحكام والدول “السنية”، بعضها ببعض، اليس هناك حكاما “سنة”، تعاونوا مع الغازي الأجنبي؟. لمن يريد الجواب ليبحث في مواقف هؤلاء الحكام والأمراء في الأندلس زمن أمراء الطوائف، وفي بلاد الشام زمن لحروب الصليبية.
ثم ما دلالة ذكر المقال دعم “الشيعة” لمحمد علي” السني” – إن صح وجود هذا الدعم – ، مع العلم أن الدول الأوربية المتصارعة حينها بين بعضها البعض، اتحدت فيما بينها على مواجهة جيش محمد علي في الشام، وإجباره وقف زحفه على الأناضول، وعلى التقهقر إلى مصر، وعرضت عليه اتفاقية / معاهدة لندن 1840 وفيها ما يضمن له ولأسرته حكم مصر شريطة أن لا يتدخل فيما هو خارجها.ومحمد على، والعثمانيون الذين حاربهم “سنة”.
وفي إطار هذا العرض الطائفي ننسى أن الشيعة العرب كانوا عنصرا رئيسا فاعلا في ثورات العراق ضد البريطانيين،
وننسى أيضا أن من السنة العراقيين من أتوا على دبابات المحتل الأمريكي. مثلهم مثل الأحزاب الشيعية التي جاء زعماؤها على الدبابات نفسها.
وقد تكرر هذا المشهد في التاريخ كثيرا.
المشكلة الراهنة لا تنبع من شيعة وسنة، ولا من سنة وعلويين، أو دروز، أو اسماعيليين، وإنما تبع من أنظمة حكم طائفية تعمل على استغلال التنوع الطائفي داخل المجتمع الواحد عبر الترهيب والترغيب، لتدعيم وجودها السلطوي، وهي تقدم “الترهيب والترغيب”، لكل الطوائف، لكنها لا تستطيع أن تفي بتكلفة إغواء ” كل السنة”، لأنهم يمثلون عموم الشعب أو الثقل الأكبر فيه، والأغلبية بالطبيعة لا تغوى، فيعمدون إلى “المعابين” منها، الذين أعمتهم مصالحهم الخاصة عن مصالح وحقوق الأمة، فيتجهون بالإغواء إليهم، ونحن في سوريا نرى هذا بوضوح، ويمكن أن نشير إلى شخوصه ورموزه بالأصبع.
وقد لحظ ابن خلدون هذه الظاهرة وهو يبحث في تطور المجتمعات، صعودها وانحطاطها.
ثم إن القضية هذه “الطائفية” بات لها خطرها المميز حينما اختلطت وعمدت بنظرية” ولاية الفقيه، الفقيه الولي” وهي نظرية اعتمدت إيرانيا، وباتت الطريق الفارسية لمحاولة اختطاف الشيعة، ولممارسة العنصرية الطائفية ضد السنة.
إن الذي يتصور أن الثورة السورية الراهنة قامت لمواجهة “النظام العلوي”، مخطئ لأنه يضفي على الحراك الثوري السوري مفاهيم وافكارا لم تكن فيه أبدا.
الناس قاموا ضد نظام “طائفي مستبد فاسد”، وفي مواجهته للحراك الثوري بات أيضا نظاما قاتلا ارتكب جرائم ابادة، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم محرمة بكل الشرائع والقوانين.
المجتمع السوري، ووقائع
التاريخ السوري، قبل نظام “البعث/الأسد”، لم يعرف الطائفية، ولم يدر صراعا أو تفرقة أو تمييزا على أساس طائفي، أو ديني، ولم يكن موقف المجتمع السوري هذا إلا تعبيرا وتمثيلا حقيقيا للموقف الإسلامي، (وهو بالمصطلحات الجارية سني) في بناء المجتمع.
لأن إسلامنا الذي يقف ضد الطائفية، يعلمنا الفرق بين الخلافات في العقائد، والشرائع، والفرق، وبين جعل هذه الخلافات مصدرا للتمييز داخل المجتمع، وللاستئثار بالسلطة والثروة والمكانة. وبممارسة القهر والظلم والتعدي على الآخرين، وهذه كلها من وجوه للطائفية حكمها.
الفتوحات إسلامية والسنة هم الإسلام : دولة، وحضارة، وفقها، وعددا، وقادة ، المشكلة الراهنة لا تنبع من شيعة وسنة، ولا من سنة وعلويين، أو دروز، أو اسماعيليين، وإنما تنبع من أنظمة حكم طائفية تعمل على استغلال التنوع الطائفي داخل المجتمع الواحد عبر الترهيب والترغيب، لتدعيم وجودها السلطوي والتاريخ السوري، قبل النظام “الأسدي” لم يعرف الطائفية، ولم يدر صراعا أو تفرقة أو تمييزا على أساس طائفي، أو ديني ، تعقيب علمي دقيق .