تركيا… والعدوان على غزة

أحمد العربي

اولا: لم يكن مفاجئا هجوم المقاومة الإسلامية حماس الفلسطينية على غلاف غزة وعموم الكيان الصهيوني في ذات الوقت من حيث الأسباب والموجبات. غزة في حالة حصار يخوض الكيان الصهيوني عليها حرب معلنة بجميع الوسائل والأساليب. فهي تمردت على الكيان الصهيوني الى درجة فرضت عليه الانسحاب الإجباري للكيان من غزة عام ٢٠٠٥م. واستمرت الصراعات تارة باردة وتارة متفجرة على مدى السنوات اللاحقة. وفي كل مرة تنتهي الحروب دون الوصول لحل ينهي الصراع وأسبابه البعيدة.

الكيان الصهيوني يريد ان يفرض امرا واقعا على اهلنا في فلسطين بابتلاع الأراضي وترسيم الكيان الصهيوني على كامل فلسطين والاستيطان والحصار والاعتقال ومطاردة المقاومين واستملاك الأراضي وتهديم منازل الفلسطينيين لأسباب كاذبة وواهية. الكيان مدعوم من أمريكا والغرب عموما. مع صمت متواطئ من روسيا والصين واغلب دول العالم الفاعل..

ثانيا :الفلسطينيين ممثلين بالمقاومة حماس وفتح وبقية القوى .. ترى مع كل الفعاليات الفلسطينية ان حكومة محمود عباس في رام الله التي من المفترض انها حكومة تمثل الفلسطينيين على الاقل في الضفة الغربية ، هي مجرد خيال مآتة ودورها سلبي في القضية الفلسطينية كشرطي عند الكيان الصهيوني.

 ونحن نعرف ان الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج متوافق على الحد الادنى الذي قبلته الثورة الفلسطينية على يد ابو عمار ياسر عرفات وهو حل الدولة الفلسطينية على أرض ١٩٦٧م وعاصمتها القدس الشرقية…

الفلسطينيين لا يوجد من يدعمهم بمطالبهم دوليا. وبعض العرب يدعمونهم بتأمين سبل العيش بحده الأدنى. والآخرين صامتين بتواطؤ مع أمريكا والغرب . بينما الكيان الصهيوني تدعمه أمريكا والغرب في كل افعاله الاجرامية بحق اهلنا في فلسطين في الضفة وغزة وارض ١٩٤٨م منذ تأسيس الكيان الصهيوني الى الآن…

تصرفت حماس المقاومة وفق هذه الخلفية من انعدام الافق للوصول لحل لقضية الشعب الفلسطيني بالتوافق مع الكيان الصهيوني أو عبر المجتمع الدولي. حصار وتجويع واعتداءات مستمرة على غزة وعلى شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية واعتداءات في القدس والأقصى الشريف. لذلك ارتأت حماس أن الحل هو بتفعيل المقاومة حتى تفرض حقوق الشعب الفلسطيني بالقوة…

كانت الهجمة المقاومة من قبل حماس في طوفان الأقصى مفاجئة للكيان الصهيوني وللعالم أجمع. في توقيتها ودرجة عنفها ونجاحها وارعاب الكيان واتساع نطاق الهجوم والعدد الكبير للقتلى والمصابين والمأسورين. مما جعل الكيان الصهيوني يصاب بالسعار، قام بحرب إبادة لشعبنا الفلسطيني في غزة. نجح في القتل والتدمير . حوالي العشرة آلاف ضحية واضعافهم جرحى وتدمير اكثر من نصف البنية العمرانية في غزة دمرت… هدف الكيان إجبار الفلسطينيين على النزوح خارج غزة. حيث رفض أهلنا في غزة الترحيل، كما رفضت مصر والأردن ذلك… والمقاومين مازالوا يوجعون الكيان الصهيوني بمزيد من قتل جنوده وأسرهم وتدمير آلياتهم…

مازالت المعركة مستمرة…

ثالثا: تركيا تاريخياً ومنذ السلطان عبد الحميد اتخذت موقفاً ضد زرع الكيان الصهيوني في فلسطين. وبعد تأسيس الكيان التزمت تركيا جانب القبول بالكيان لكونه اصبح امراً واقعاً مقبولاً دولياً من الغرب والشرق خاصة وأنها كانت ولا تزال منتمية لحلف شمال الأطلسي…

في عهد أردوغان وحزب العدالة والتنمية اخذت مواقف تركيا من القضية الفلسطينية تقترب من المطالبة بالعدالة في التعامل مع حقوق الفلسطينيين. وخاصة عندما تتصاعد الصراعات بين الكيان والمقاومين في غزة. وزاد التوتر بين الكيان وتركيا بعد مهاجمة سفينة مرمرة التركية التي كانت تحضر مساعدات للمدنيين في غزة. في عام ٢٠١٠م ضمن أسطول الحرية الذي ذهب لفك الحصار عن اهل غزة ايضا… وحيث وقع عدد من الضحايا ، كان الموقف التركي قاسيا من الكيان الصهيوني ولم يتنازل عن حقوق الضحايا ولا عن الاعتذار من الدولة التركية عن هذا الاعتداء. وهذا ما حصل بعد سنوات…

رابعا: التفتت تركيا في عهد الرئيس أردوغان الى تصفير المشاكل مع كل العالم وخاصة دول الجوار. و تقوية مصادر تمويلها. لذلك تواصلت مع الكيان الصهيوني للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في حوض البحر الأبيض المتوسط. وباشرت بذلك. لذلك حصلت زيارات متبادلة بين مسؤولي الكيان الصهيوني والدولة التركية. وكانت زيارة اردوغان الى الكيان وزيارة نتنياهو الى تركيا على جدول الاعمال…

نحن نرى أن إجرام الكيان الصهيوني في غزة سيعيد حساب التعامل بين تركيا والكيان الصهيوني في البحر المتوسط والبحث عن النفط والغاز.

خامسا: طوفان الأقصى وتداعياته والهجوم الصهيوني الهمجي على غزة وأهلها. وضع تركيا ورئيسها أمام التزامها الاخلاقي والانساني والحقوقي للفلسطين مجددا. وظهرت مواقف التنديد وبدأت تتصاعد المواقف. شعبيا ورسميا. حتى وصل الرئيس إلى إعلان تشطيب نتنياهو من اجندة التعامل السياسي من قبل الرئيس أردوغان مع الكيان الصهيوني. اضافة اعلان التزام تركيا أن تعمل جاهدة لأن تساعد في تحقيق مطلب الفلسطينيين بخلق دولتهم على جزء من فلسطين…

هذا على المستوى البعيد…

سادسا: اما على المستوى المباشر فقد تحركت الجهات الاغاثية التركية وكذلك الدولة وبدأ بشحن اسطول جوي إغاثي إلى مصر حيث يتم عبورهم عبر معبر رفح الى غزة المنكوبة.

كما بدأ الرئيس أردوغان حملة دولية وتواصل مع مصر وقطر والإمارات والسعودية وغيرهم من دول العالم. والعمل لحصول لقاء وزراء المؤتمر الإسلامي. كل ذلك لتخفيف الضغط عن غزة. ووقف إطلاق النار وإيقاف حرب الإبادة الموجهة عليها…

أخيرا :الحالة في غزة تتحرك على الأرض ولا نتائج نهائية على اي صعيد:

مازالت حرب الإبادة من الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة مستمرة…

مازال الغرب وأمريكا يدعمون الكيان الصهيوني في عدوانه على أهلنا الفلسطينيين بالمطلق.

مازال الرئيس أردوغان يصعد في مواقفه. يعد ويتوعد ويعمل بالمجال الدولي والاغاثي…

مازال الكيان يلقى الضربات من المقاومة ومازالت المقاومة تنتصر على الأرض بشكل مبهر يعوض بعضا من أوجاع أهلنا في غزة…

الاحداث في حالة سيولة وأفقها مفتوح على كل الاحتمالات..

6
0

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى