رؤية سياسية لـ “حماس” لوقف الحرب تثير الجدل

خليل موسى

هنية دعا إلى “فتح مسار يقود لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس”

أثار طرح حركة “حماس” رؤيتها السياسية لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي تضمنت الدعوة “لفتح مسار سياسي يقود لقيام دولة فلسطينية” حالة من الجدل بين الفلسطينيين والعديد من العواصم الإقليمية والدولية. فبينما اعتبر مسؤولون وخبراء الرؤية محاولة من الحركة “للتصدي للمحاولات الإسرائيلية – الأميركية – الأوروبية لشيطنتها وإخراجها من الحركة النضالية الفلسطينية”، أشار آخرون إلى أن ذلك يأتي في “سياق سعيِ الحركة لتحقيق مكاسب سياسية لهجومها” المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

تصور شامل

وطالب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية بضرورة “وضع حد للمجزرة والإبادة الجماعية فوراً”، وكشف هنية عن تقديم حركته “تصوراً شاملاً يبدأ بوقف العدوان، وفتح المعابر، مروراً بصفقة لتبادل الأسرى، وانتهاء بفتح المسار السياسي لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وحق تقرير المصير”.

لكن هنية أوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يماطل ويخادع جمهوره بوعود زائفة” في إشارة إلى توعده بالقضاء على “حماس” وحكمها لقطاع غزة، وشدد هنية على أن الفلسطينيين “لن يسمحوا له بتحقيق تلك الوعود”. وقال “فشلت حكومات إسرائيل المتعاقبة في تحقيق أي من تلك الوعود”.

ثمن وقف النار

وأوضح مسؤول فلسطيني رفيع المستوى إن حركة “حماس” “تحاول تقديم نفسها بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية والقبول بها وذلك كثمن لوقف إطلاق النار”، وأشار إلى أن الحركة تسعى من وراء تلك الرؤية “إلى أخذ ثمن لوقف إطلاق النار، وهو ليس ثمناً على الإطلاق، فهذا ليس تنازلاً منهم حتى يحصلوا على ثمن”. وتابع المسؤول الفلسطيني أن تل أبيب وواشنطن وعواصم أوروبية وعربية أصبحت ترفض التعامل مع الحركة باعتبارها حركة “غير ذات صلة”. وعبر المسؤول الفلسطيني عن استهجانه لتقديم “حماس” مشروعاً سياسياً قدمته حركة “فتح” ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل 35 سنة “إذاً، في ما تختلف حماس عن فتح، ولماذا تعارض البرنامج السياسي لمنظمة التحرير؟”.

أضاف أن “حماس” رفضت خلال اجتماع مدينة العلمين المصرية قبل أشهر حل الدولتين على “حدود عام 1967 والشرعية الدولية والمقاومة الشعبية”، سائلاً “هل كنا بحاجة إلى تدمير ثلث منازل قطاع غزة، ونزوح مئات الآلاف من أهلها حتى نصل لهذه القناعة ونطلب التفاوض؟”. واتهم المسؤول الفلسطيني “حماس” بعدم قراءة الواقع “فكل الحديث عن مستقبل غزة مفصول عن الضفة الغربية”.

في الأثناء، شدد محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي “الجهة الوحيدة التي تمثل الشعب الفلسطيني، وصاحبة البرنامج السياسي، والتي تقود الفعل السياسي الفلسطيني”، وأشار الهباش إلى أن أي محاولة لإلغاء ذلك “لا تصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني”، مضيفاً أن المنظمة تشكّل “جذر نضال الشعب الفلسطيني، وهي من حملت لواء الدفاع عنه”. واستعبد الهباش أن تكون “حماس” بتقديم رؤيتها السياسية تحاول طرح نفسها بديلاً عن منظمة التحرير، مشيراً إلى أن الباب ما زال مفتوحاً أمامها للانضمام إلى المنظمة “لتشكيل مواقف موحدة للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني”.

رسائل

ورأى أستاذ قسم العلوم السياسية في جامعة “الخليل” بلال الشوبكي أن إسرائيل ليست في وارد التعاطي مع أي رؤية سياسية لحركة “حماس”، وقال الشوبكي إن طرح رؤيتها السياسية لإنهاء الحرب يأتي بهدف “توجيه رسائل لإسرائيل والعالم بأنها حركة مقاومة فلسطينية، ولديها مسار سياسي مقبول يتوافق مع الشرعية الدولية، وبأن الحركة ليست عدمية، وتسعى وراء القتل فقط”، وشدد الشوبكي على أن رؤية “حماس” ربما جاءت “بنصيحة من أطراف إقليمية كدولة قطر التي تحتضن المكتب السياسي للحركة”، مشيراً إلى أن موافقة “حماس” على حل الدولتين يعود إلى عام 2017 بعد انتقال مكتبها السياسي إلى الدوحة، ورجح الشوبكي أن يكون هجوم “حماس” على إسرائيل، الشهر الماضي، يهدف إلى “تحريك ملفات سياسية عالقة مع إسرائيل، مشبهاً إياه بحرب أكتوبر عام 1973.

نقطة التقاء

وتابع الشوبكي “ليست حرب حماس من لا شيء، وليست حرب اللا شيء”، مضيفاً أن هجومها جاء بسبب “تراكم اعتداءات إسرائيل وتهويدها القدس، ومواصلتها الاستيطان، ورفضها إقامة دولة فلسطينية”. واستعبد الشوبكي أن تشكل رؤيتها نقطة لالتقاء حركتي “فتح” و”حماس”، مشيراً إلى أن التجارب السابقة لا تشجع على ذلك.

وكان عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق قد اتهم أطرافاً نافذة في السلطة الفلسطينية بـ”تشجيع إسرائيل على محاصرة حماس وإخراجها من المشهد السياسي”. ووصف أبو مروزق هذه المواقف بـ “المخزية والمعيبة”، قائلاً إن الحركة “تدافع عن شرف الأمة الإسلامية وأمنها القومي”. وأشار إلى أن “كسر حماس وهزيمتها سيفتح الباب أمام عربدة إسرائيل في العالم العربي”.

واعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن “إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية، وبأنها قطعت شوطاً كبيراً في شيطنة حركة حماس، وتحويلها إلى حزب نازي، وتحريض العالم ضدها”. وأوضح أن “حماس” “تحاول صد محاولات إسرائيل لشيطنتها”، مشيراً إلى أن ذلك “لن يؤثر على الإسرائيليين”، وأشار أيضاً إلى أن “حماس تشعر بأن السكين وصلت إلى رقبتها، وأن الغرب كله تواطأ ضدها للقضاء عليها في قطاع غزة ومحاربتها في الضفة الغربية والعالم”، مضيفاً أن محاولاتها للتصدي لذلك “لن تُغيّر من قرار تل أبيب وواشنطن رفض التعامل معها”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يبدو بأن الإسلام السياسي لا يخرج عن أجندته مهما كانت المعارك والمواجهات، إقصاءين يضعون لأنفسهم حق التحدث باسم الأمة ويطلبون من الآخرين اللحاق بهم ، لا يعرفون العمل الجماعي والعمل الوطني ، “حماس” تكرر تجربة الآخرين بطرحها التحدث باسم الفلسطينيين لتحقيق مطالب شعبنا الفلسطيني .

زر الذهاب إلى الأعلى