قراءة في كتاب : حكاية من هذا الزمن

أحمد العربي

ضمن سلسلة شهادات سورية التي نشرها بيت المواطن التي توثق نثرا او شعرا او انطباعات او على شكل قصة او نصوص نشرت باوقات مختلفة تتعلق بالثورة السورية. كتب الناشط دلير يوسف شهادته تحت عنوان حكاية من هذا الزمن.

اعتمد دلير يوسف في شهادته على أسلوب السرد بلغة المتكلم. عبر كتابة اقرب لحوار ذاتي يوثق انطباعات وذكريات مرت معه دون ضابط زماني او مكاني. ما يجمع خيوط شهادته انه احد ناشطي الثورة السورية وقد انتقل في أغلب المدن الثائرة و شارك مع الناشطين حراكهم الثوري السلمي تظاهر وغيره.

نحن هنا نجمع خيوط حكاية دلير يوسف لنعيد طرحها بتركيز و لنصل الى رسالته التي أراد أن يوصلها لنا من خلال شهادته…

دلير يوسف من احدى مدن شمال شرقي سوريا والده كردي سني وامه عربية شيعية. يعني أنه يحوي في ذاته اغلب المكونات الشعبية السورية ويتفهم ضمنا ماذا يعني وطن واحد وشعب واحد متنوع عبر مكوناته الدينية والمذهبية والاثنية. هذا الوطن يحيى بتساوي كل المكونات عبر المواطنة والحقوق والواجبات والعمل للحياة الافضل…

انخرط دلير بالحراك الثوري حيث هو مما ادى لأن يعتقل ويعذب ويكتشف هول التعامل القمعي الوحشي لأجهزة الأمن مع المتظاهرين والمعتقلين الذين قد يموتون في المعتقلات تحت التعذيب…

ينتمي إلى الشمال الشرقي السوري. لكنه عاش وكبر في دمشق. لذلك ترى انتماؤه عميق وأصيل لدمشق المكان والتاريخ النموذج المجتمعي الحي على كل المستويات…

كما ينتمي دلير الى لبنان وخاصة بيروت. من لم يذهب الى لبنان من السوريين ولم يكن له حكاية هناك. زيارة او سياحة والاغلب ذهب ينتزع لقمة عيشه من فم الحاجة والعوز. لبنان حيث اغلب أهله  لم يكونوا ودودين مع السوريين بحسب رأي دلير. لعل السبب تاريخ قمع النظام السوري للّبنانيين عبر عقود سابقة. ومن الممكن إحساس المواطن اللبناني أن السوري قادم ليشاركه لقمة عيشه حيث يقبل السوري العمل في اي شروط وبأي أجر. الجوع كافر والمنافسة تحوي بعض العداء والنبذ والكره. مع ذلك نرى دلير يرتبط مع لبنان صميميا ووجدانيا. فيها الثقافة والفن والمسرح والأغاني الثورية…

انتصر دلير للثورة السورية واعتبرها ثورته تماما كما هي ثورة أطفال درعا المستباح دمهم وأهلهم الذين ثاروا لكرامتهم. وهو كردي سوري كان يعيش ظلما من النظام وقع على الأكراد السوريين بعضهم حرم من الجنسية. ومنعوا من اي نشاط ثقافي كردي. انتمى لثورة اهلنا في حمص زارهم وشاركهم أغاني القاشوش. قبل ان ينتقم منه النظام المجرم ويقتله. زار حماة واكتشف بها العنقاء التي خرجت من رمادها بعد مذابح الثمانينات. كان له دور ما مع الثوار. يدخل من لبنان الى سوريا تهريبا. وكذلك يخرج من سوريا الى لبنان تهريبا. مطلوب للأمن وهذه المرة أن قبضوا عليه فلن يخرج حيا. مع ذلك بقي ينتقل بين بلدات الثورة السورية. تذكر دوما الثائرة وايقونتها رزان زيتونة وزملائها المخطوفين…

تحدث عن الحب كحاجة والحبيبة التي تتركك ولو بعد حين والمرأة التي لا يكتمل الوجود الإنساني إلا معها…

تحدث عن الغربة التي اوصلته الى اكثر من عاصمة أوروبية…

يبدو أن بلادنا لم تعد تتسع لابنائها. احتلها النظام وحلفاؤه الذئاب آكلي لحم الشعب السوري. لذلك هرب دلير بروحه الى اوروبا ولكن بقي محملا بكل ما يجعله نموذجا عن الوطن الذي يحب وليس الوطن الذي يقتل ابناءه…

تنتهي حوارات دلير الذاتية كما بدأت طازجة صادقة معبرة مؤثرة . تفتح أفقا للأمل ولو ان واقع حالنا نحن اغلب السوريين الآن:  مشردين في بلاد الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى