التحالف الدولي على الإرهاب

أحمد العربي

بداية : الوقائع.

.أولا . إن استمرار الثورة السورية ما يزيد عن كل هذه السنوات .دون اي تقدم حقيقي بالحسم لصالح النظام أو الثورة. وواقع الحال ينبئ باستمرار الحالة سنوات .ان استمرت بذات توازن القوى. بما لذلك من كلفة انسانيه على الشعب السوري.. مما يعطي قناعة ان الدوائر الدولية تريد ما حصل في سوريا أن يحصل ويستمر..

. ثانيا. إن مسار الثورة السورية سياسيا وعسكريا (ائتلاف ومؤسساته وثوار الأرض) .كان مصاب ومنذ البدء بمشكلة الانفصال بين السياسيين  والثوار وبشكل مقصود. وان ذلك جعل كل منهما في واد والتواصل والتأثير المتبادل يكاد يكون معدوم.. وجعل الائتلاف يرتبط بمن انشأه اكثر من ثورته وشعبه . الا دعائيا ونظريا. وكذلك الثوار ومع الزمن أصبحوا يرتبطوا بالداعمين اكثر من الثورة والشعب. وهذا ما جعلهم ابعد عن التوحد وسلوكياتهم عشوائية وتخدم استمرار الصراع وليس حسمه لصالح الشعب والثورة..

.ثالثا . إن وجود داعش والنصرة ليس سحرا .فهم اصلا متجذرين في تربة العراق ولهم خلايا نائمة أو على استعداد للالتحاق بهما في سوريا. خاصة بعد أن تحولت الثورة للعمل المسلح ضد النظام . وكان للدعم الذي حصلتا عليه من متبرعين ودول بالسر والعلن . فرصة لنموهم وتضخمهم .وخاصة أن ذلك قد اقترن مع تجفيف الإمداد المالي والعسكري للجيش الحر. على اختلاف تشكيلاته ومسمياته.. مما اعطى الفرصة لموت الجيش الحر موضوعيا. في كثير من المواقع . وتضخم داعش والنصرة بشكل غير طبيعي. واحتلالها لفراغ العمل العسكري في أغلب سوريا..

رابعا .كان للدول الداعمة للثورة السورية دورا   في هذا الحضور لداعش والنصرة أيضا .وكذلك للنظام وداعميه ذات الدور. الممارسة الطائفية للنظام ووحشيته ودمويته ك(علوي وشيعي) طبعا مع وجود حزب الله وميليشيات عراقية وجيش ايراني. جعل الحس الطائفي السني يستحضر ويعامل بالمثل.. يضاف له تصرفات وحشية من داعش والنصرة تصل لمستوى سلوك النظام تزيد الهوة المجتمعية. وتقدم صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين للنظام العالمي الذي يستثمر ذلك..

.خامسا . أن استراتيجية النظام العالمي شرقه وغربه اصبحت واضحه في سوريا والعراق .بتحويل الربيع العربي و مطالبه المشروعة الديمقراطية والحرية والعدل.الى حرب اهلية طائفية. ليتسنى له الحضور والتحكم وتحديد مسار الحل وممارسته ايضا.. لذلك تركت داعش والنصرة تصل لما وصلت له سواء بالصمت عن الامداد او بالتغول على الثورة في سوريا والعراق. او نهب الثروات من نفط ومال وغيره  .او الحصول على السلاح بمسرحية هروب الجيش العراقي واحتلاله نصف العراق تقريبا. واكثر من نصف الاراضي المحررة في سوريا..

. سادسا . كل الأطراف استثمرت داعش ونموها وتصرفاتها. النظام المستبد السوري وكذلك نظام المحاصصة الطائفي العراقي .تحججوا بداعش وأنها وراء خراب البلاد .وغطوا على استبدادهم ودمويتهم وتخريبهم للبلاد وقتلهم للعباد. واعلنوا انهم ضد الارهاب الداعشي .والعراق كسلطة دخلت في الحلف الدولي بعد مسرحية سوداء ابعدت المالكي. والنظام السوري ما زال ينتظر أيضا أن يعاد تأهيله ويُقبل كطرف في الحرب على الإرهاب..

.سابعا . كذلك حلفاء النظام السوري .روسيا وإيران وحزب الله .. استثمروا ما تفعله داعش لتبرير ما يفعله النظامين في سوريا والعراق .وقبلت روسيا والصين أن يكون هناك حربا على الإرهاب . مغطين بذلك فعل النظامين العراقي والسوري.. ولو انهم ما زالوا مترددين بقبول ضرب داعش في سوريا . مشترطين أخذ الموافقة والمشاركة من النظام السوري . حيث يعاد له الشرعية التي أصبحت مفتقدة . من باب الحرب على داعش على الأقل.. وهنا يلحظ اختلاف جزئي بين قبول النظام السوري بضرب داعش في سوريا . ورفض إيران وروسيا وحزب الله ذلك..

.ثامنا.  ان امريكا والغرب لاحظوا ان داعش قد كبرت اكثر من المطلوب .فهي تهدد الدولة المركزية في العراق .وكذلك منطقة الحكم الذاتي الكردي شمال العراق. وضربت هيبة امريكا والغرب من خلال ذبح الصحفيين الأمريكيين والغربيين. وأنه لا بد من التدخل للعب دور مباشر على مسرح العمليات في سوريا والعراق .من باب محاربة الإرهاب. والتقطت لحظة توافق دولي وتم استصدار قرار دولي في ذلك.. وبدأ التجهيز والعمل بالعلن وبدأت الضربات بقوة تطال كل مواقع داعش والنصرة وغيرهم .في سوريا والعراق أيضا..

. تاسعا . لم يُعرف بالضبط حدود التدخل الدولي ضد الارهاب في سوريا والعراق. لذلك جعلت كل الأطراف السياسية والثوار في موقف حرج .وعدم وضوح رؤية. الائتلاف لم يستشر بالمباشر. ولذلك صدرت تصريحات علنية لبعض وجوه الائتلاف متناقضة ومتسرعة. وكذلك القوى الثورية المسلحة بين مؤيد ومندد .وهذا انعكس على شعبنا في الداخل فخرج بعضهم يتظاهر ضد التدخل الدولي . والمحزن المبكي بالموضوع بان بعض التظاهرات طالبت بداعش.. ان شعبنا يئس من كل العالم …

.  عاشرا . إن الملفت للنظر هو دخول دول عربية مباشرة (لنسمها حلف أمريكا ). في الحرب على الإرهاب .فهي زيادة عن الإمداد المادي فان طيرانها شارك بالضرب وهو توريط مباشر بالواقع السوري. وهي رسالة متعددة الأطراف للنظام السوري بأن العرب الآخرين جاهزين للحرب. ولو من باب الحرب على الإرهاب. ونفس الرساله موجهه لروسيا وإيران والعراق. لذلك نراهم رافضين التدخل في سوريا دون قبول النظام. متخوفين ايضا بان تكون معركة ضرب الإرهاب. مقدمة للتدخل في سوريا لاسقاط النظام او اجباره على التنازل بتوافق على حل سياسي .من باب التفويض الدولي..

. حادي عشر . ان قرار أمريكا بدعم المعارضة السورية المعتدلة. وتحوله للتنفيذ وكذلك قبول السعودية ان تدرب مقاتلين سوريين على أرضها .ضمن المشروع الأمريكي . وان موقف أمريكا والغرب الواضح جدا ان الحرب على الإرهاب لا تعني اعادة تأهيل للنظام السوري .واعتباره سببا للإرهاب ويجب ان يرحل.. وهذا ما يخيف النظام وحلفائه.. وكذلك استمرار دعم بعض القوى المسلحة .والقول ان الارض التي ستخرج منها داعش سيملؤها الثوار. يعني مع مؤشرات اخرى ان مرحلة أخرى قادمة في الملف السوري . قد تعني رحيل النظام وبداية التحول الديمقراطي في سوريا..

ثاني عشر . إن رصد التحاق السعودية  والامارات وقطر والاردن بالعلن بهذه الحرب يعني انهم اصبحوا شركاء بها وبكل تداعياتها.. وان موقف تركيا المتردد بالمشاركة المباشرة قبل إخلاء رهائنه عند داعش .ثم استعداده بالمشاركة وحصوله على تفويض جديد من البرلمان بعد إطلاق سراحهم .ومطالبة تركيا بمنطقة حظر جوي ومنطقة عازلة وآمنة في سوريا كلها او بعض اجزائها. ومطالبتها بتوجيه الاتهام للنظام السوري عن وجود الإرهاب واستمراره .وأن إسقاطه هو أصل الحل. وكذلك موقفها من تصرف نظام المالكي وما بعده في العراق . حيث التحاصص الطائفي أو خضوع لحضور ايراني (كمحتل) في سوريا والعراق. هي مقدمات تغيرات نوعية ستحصل على الأرض. وبكل الأحوال هي لمصلحة الشعب السوري وثورته وتسحب من النظام السوري أوراق قوة وقد تؤدي لسقوطه او انصياعه للرحيل وفق توافقات سياسية..

ثالث عشر.أن توسع داعش على الأرض في العراق حيث صارت على اعتاب بغداد .وحيث ما زال الجيش العراقي ينهزم امامها. وما زال المكون السني العراقي لا يجد من حكومته الجديدة. اي جدية في حل مشكلة تمركز السلطة والدولة في يد المكون الشيعي. مع تحالفها مع إيران والنظام السوري. وكأن التغير فقط بشخص المالكي ليكون العبادي . دون اي تغير في السياسات. جعل أهلنا في الثورة العراقية اقرب للتحالف مع داعش رغم كل التحفظات عليها . منهم للسلطة العراقية والتحالف الدولي الذي جاء لضرب داعش..

أربعة عشر . وكذلك الحال بالنسبة للتجييش الإقليمي والدولي .حول حصار عين العرب ومحاولة احتلالها من داعش . وكأنها نهاية المطاف دوليا وإقليميا. وكأن كل ما حصل في سوريا على يد النظام السوري لم يكن في حسبان أحد. وان محاولة استخدام ما يحصل في عين العرب لإحراج تركيا لتدخل دون دراسة الموقف وتحديد المطلوب هو زج تركيا بصراع غير محدد المقدمات والنتائج. وان إحراج تركيا من خلال تحريك المكون الكردي تحت دعوى العصبية لنصرة أكراد عين العرب. واتساع الاحتجاجات وكذلك التخريب وحصول قتلى بالعشرات. هو عمل مسيء بالمباشر لتركيا. التي تعاملت معه بحزم ولم تنتظر فبادرت لضرب مواقع لحزب العمال الكردستاني. ومنعت التجول واعتبرت أن الأمن التركي هو خط احمر ممنوع على أحد أن يتجاوزه.. مما جعل تركيا في عين العاصفة.. وأكدت موقفها انها لن تكون طرفا في الصراع إلا إذا كانت شروطها محققة .حول اسقاط النظام السوري .واعادة اصلاح جذري للسلطة العراقية .ومنطقة حظر جوي ومنطقة آمنة .وعمل دولي متوازي لتحقيق كل ذلك…

الموقف :

.اولا. ليس من مصلحة الشعب السوري وثورته .إعلان قبول او رفض الحرب على الارهاب بشكل مفتوح .بل يكون الموقف مشروط ..

. ثانيا . ليس من السياسة والمصلحة ان نعلن رفضنا للحرب على الارهاب لاننا بذلك نحارب العالم ومنهم حلفائنا (على علاتهم). بل نقبل مع التحديد بأن سبب الإرهاب هو النظام السوري. ونظام المحاصصة الطائفي العراقي. وان العمل على إسقاط النظام الاستبدادي السوري. هو المدخل لانهاء الارهاب في سوريا.. وكذلك الحال في العراق .بإلغاء نظام المحاصصة الطائفي .والعودة الدولة الوطنية الديمقراطية في العراق. و اخراج ايران من العراق وسوريا كحضور عسكري وسياسي.(محتل) واقعيا…

ثالثا. مطلوب من المعارضة السورية وخاصة الائتلاف وكذلك الثوار المتواصلين مع الداعمين الإقليميين والدوليين. أن يتبينوا موقف الحلف ضد الإرهاب وتقديم الصورة لشعبنا لكي يطمئن ويحدد موقفه الصحيح وفق المعرفة والمصلحة..

رابعا. هناك احتمال ان يكون حلف محاربة الإرهاب مجرد محاولة تعديل حالة الصراع لتكون تحت السيطرة  تستمر لأجل غير محدد .علينا أن نطرح هذا الاحتمال ونرفضه .لأنه يعني استمرار قتل وتشريد شعبنا وتدمير بلدنا وخسارة مستقبلنا أيضا..

خامسا. علينا ان نعلن ان داعش بممارستها قد استعدت الشعب السوري .وأنها لاتعبر عن الاسلام لا كدين ولا كممارسة لصالح البشر . وان ضرب داعش وانهائها هو مصلحة  للثورة السورية بالمباشر وعلى المدى البعيد.

سادسا. اننا مطالبون بأن نسارع لخلق تحالفات وطنية سورية باعلى مستوياتها.لنكوّن أكبر وأوسع تمثيل سياسي للشعب السوري وثورته بالائتلاف ومع كل القوى السياسية السورية .التي تتوافق على اسقاط النظام ومحاسبته وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية.. ونصدر مواقف ناضجة وغير متناقضة وتعبر عن شعبنا العظيم وثورته..

سابعا.علينا ايضا ان نعمل بكل إمكانياتنا لأجل التوحيد العسكري للثوار على الأرض لكي يتم استلام زمام المبادرة .والتصرف وفق المطلوب للتعامل مع اي متغير . وأن يكون هناك ربط بالمباشر بين السياسيين والثوار وخلق مرجع مشترك يقود الثورة فعلا وليس امنيات..

ثامنا.علينا ان نوضح ان داعش الان تحت النار وكذلك النصرة و اي فصيل يطرح الحل الإسلامي اقصاء او تكفير .وانه مطلوب من الكل ان يعلن انتمائه الوطني الديمقراطي .وأنه مع شعبه في مطالبه بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية .وان يتم تجاوز الطائفية والاثنية والمناطقية والعصبيات الضيقة.. وذلك ليس ارضاء للغرب بل لانه الاصل والاصح.. وأنه مطلوب منا خلق دعوة تنوير ديني مستمر لأبنائنا لحمايتهم من داعش والنصرة . وتحديد دورهم في مجتمعهم وثورتهم وليس أدوات في يد أطراف تستخدمهم ضد شعبهم وثورتهم ودينهم ايضا.. ولو أن النصرة ما زالت تقف مع الثورة ضد النظام . لكن مطلوب منها أن تعلن موقفا رافضا للقاعدة وانها تقبل بالدولة الديمقراطية في سوريا.. والا فسيتم تعامل قوى التحالف معها كداعش و ستضيع نتاج ضيق أفقها السياسي وتخلفها الديني..

.اخيرا .ان كل متغير لحظي يتطلب موقفا منه على خلفية هذه القراءة لأن السياسة العملية اليومية متغيرة .والاستراتيجيات ثابتة..

.استراتيجيتنا اسقاط النظام ومحاسبته وبناء دولتنا الديمقراطية. نبحث عن رؤية واضحة للثوار والسياسيين وعن توحيد الاغلب الاعم منهم لأجل هذه الأهداف.. كل حركاتنا التكتيكية تنطلق من هذا الاستراتيجي وتصب في خانته وخدمته..

15.10.2014…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة دقيقة للتحالف الدولي على الإرهاب من التوصيف والتحليل والموقف ، فمن هو الإرهابي ؟ وما هو تعريف الإرهاب والإرهابي ؟ كٌلٍ يصفها وفق أجندته وما تخدم مصالحه .

زر الذهاب إلى الأعلى