عقد في نيويورك اجتماع مغلق بصيغة أستانة، مساء الجمعة بالتوقيت المحلي، بين وزراء خارجية الدول الضامنة لهذا المسار التفاوضي، روسيا وإيران وتركيا، من دون مشاركة وفدي النظام والمعارضة، اللذين يحضران عادة جولات هذا المسار.
جاء ذلك في خضّم حراك شهدته مدينة نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78، حيال الملف السوري، إذ اجتمعت المعارضة السورية مع مسؤولين دوليين وأمميين، كما بحث مسؤولون عرب وأمميون تنفيذ المبادرة العربية للتقارب مع النظام السوري لحل ملفات رئيسية، لاسيما الحل السياسي، والتهديدات الأمنية، وأبرزها ملف المخدرات.
وعقد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف اجتماعا مع نظيريه الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، والتركي هاكان فيدان، بصيغة أستانة، وتحدث لافروف وعبد اللهيان لفترة وجيزة على انفراد، قبل أن ينضم إليهما فيدان.
وقال موقع “روسيا اليوم”، إن الوزراء “بدأوا المفاوضات دون حضور وسائل الإعلام بعد التقاط الصور معًا”، وبعد ذلك بقليل، انضم الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسن إلى وزراء خارجية الدول الثلاث.
وحول الاجتماع، أشارت الخارجية الروسية، في بيان لها عقب اللقاء، إلى “تبادل عميق للآراء حول تطورات الوضع في سورية وحولها مع التركيز على مهام ضمان الاستقرار الراسخ في هذا البلد”.
وتابع البيان: “وفي هذا السياق جرى التأكيد على الدور الرائد لـ(صيغة أستانة)، وعلى سعي الدول الضامنة الثلاث إلى مواصلة الجهود المنسقة للمساعدة في التسوية الشاملة في سورية على أساس الالتزام الصارم باحترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها”.
وأضاف البيان أنه “تم التشديد على أن المطلوب حشد المساعدات لسورية من الخارج، بما في ذلك من أجل إعادة إعمارها في فترة ما بعد النزاع وتكثيف الجهود من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى الوطن”.
وأشار البيان إلى أنه في أعقاب اللقاء الوزاري الثلاثي، عقد الوزراء مشاورات مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسن، كما جرت خلال المشاورات “مناقشة موضوع تفعيل العملية السياسية التي يقودها ويحققها السوريون بأنفسهم بدعم من الأمم المتحدة. وأعير الاهتمام لمهمة ترتيب نشاط فعال للجنة الدستورية السورية”.
مسار أستانة
وحول عقد الاجتماعات بصيغة أستانة، دون حضور وفدي النظام والمعارضة، علق أحمد طعمة وهو رئيس وفد المعارضة إلى المسار بالقول، إنه “ينبغي التفريق بين ثلاثة انواع من اللقاءات بصيغة أستانة. الأول، على مستوى الرؤساء (أي رؤساء الدول الضامنة). والثاني، على مستوى وزراء خارجية هذه الدول. والثالث، في أستانة بحضور وفود الدول الضامنة وطرفي النزاع ويحمل أرقاماً”، أي بحسب عدد الجولات.
وكشف طعمة في حديثه لـ”العربي الجديد” أن “الجولة القادمة ذات الرقم 21 ستجري في أستانة خلال الأشهر المقبلة”، لكن طعمة لم يقدم أي ردود عما إذا كان كل من الخارجية الروسية، والمبعوث الأممي أطلع وفد المعارضة على نتائج اجتماع الوزراء الثلاثة، أو الاجتماع التشاوري لهم مع المبعوث الأممي.
ومسار أستانة الذي انطلق بمبادرة ورعاية روسية، في بداية العام 2017، اختتم الجولة الـ20 منه في حزيران/ يونيو الماضي، وهو المسار الذي بدأ للتفاوض على ملفات ميدانية – عسكرية، لكن في ما بعد بات يناقش ملفات سياسية، ثم أضيف إليه مفاوضات التطبيع بين النظام السوري وأنقرة، والتي لم تفض، كما كل جولات المسار إلى نتائج تذكر.
ويتهم جمهور الثورة السورية هذا المسار بأنه جعل المعارضة المسلحة تخسر الكثير من المساحات التي كانت تسيطر عليها، بفضل الاتفاقات الغامضة التي تضطلع بها تركيا، حليفة المعارضة. وحاولت هيئة التفاوض السورية المعارضة استغلال التجمع الدولي لعقد العديد من الاجتماعات مع مسؤولين دوليين وأمميين، لا سيما مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية إيثان غولدريتش، وتلقت المعارضة وعودا باستمرار دعم تفعيل الحل السياسي السوري، وفق المرجعيات الأممية، وفي مقدمتها القرار 2254.
اجتماعات هيئة التفاوض في نيويورك
وقال طارق الكردي، وهو عضو هيئة التفاوض السورية المعارضة، إن الهيئة برئاسة بدر جاموس “عقدت عدة لقاءات في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وشملت اللقاءات مجموعة من مسؤولي الدول الشقيقة والصديقة الداعمة لنضال الشعب السوري في تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة”.
وتحدث لـ”العربي الجديد” عما دار في تلك الاجتماعات: “بالتأكيد حمل وفدنا مطالب الشعب السوري وفي مقدمتها الإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المفقودين كافة، وضرورة استمرار تدفق المساعدات الإنسانية عبر الحدود، لأن هذه المساعدات هي شريان الحياة الوحيد لملايين السوريين، وكذلك قضية اللاجئين والنازحين وصعوبات الحياة بالنسبة لأهلنا من ساكني مخيمات اللجوء والنزوح، بالإضافة إلى قضية المحاسبة والمساءلة للنظام السوري، حيث لا سلام من دون عدالة، بالإضافة الى العديد من المواضيع التي تهم الشعب السوري”.
وأشار الكردي إلى أنه “في مقدمة الموضوعات المطروحة من قبل وفدنا، الدفع بالعملية السياسية وقيام المجتمع الدولي بالضغط على النظام وحلفائه للتنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254، وتشكيل هيئة حكم انتقالي، وإقرار دستور جديد للبلاد”.
وكان ممثل النظام في الأمم المتحدة بسام صباغ، بحث مع المبعوث الأممي غير بيدرسن، يوم أمس الجمعة، الاعتداءات الإسرائيلية على سورية والوجود العسكري الأميركي والتركي، والعقوبات الغربية المفروضة على سورية، بينما عرض المبعوث الأممي نتائج محادثاته مع عدّد من المسؤولين في المنطقة وخارجها بشأن الوضع في سورية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا).
كما التقى بيدرسن، يوم أمس الجمعة، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وقال المتحدث باسم الأمين العام جمال رشدي، إنّ “الطرفين ناقشا آخر مستجدات الأزمة السورية، وأطلع أبو الغيط المبعوث الأممي على التطورات المصاحبة لاستعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية، لا سيما ما تمخض عن اجتماع لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسورية في القاهرة، منتصف الشهر الماضي”.
ولا يزال ملف الحل السياسي السوري، يشهد عقمًا في جميع المسارات المطروحة، وآخرها المبادرة الأردنية – العربية، القائمة على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”، إذ تشير المعطيات إلى عدم فاعليتها لعدم تجاوب النظام في دمشق معها.
المصدر: العربي الجديد