يستمر الخلاف على ملف “كتلة المستقلين” في “هيئة التفاوض” السورية أول أيام الاجتماعات الدورية (السبت)، دون تحقيق تقدم في اعتماد أجندة للاجتماعات، وسط غياب منصتي “القاهرة” و”موسكو”، و”هيئة التنسيق”، اعتراضاً على عدم وضع ملف “المستقلين الجدد” على قائمة النقاشات الأولى، الأمر الذي رحّل ملف انتخاب الهيئة الرئاسية إلى اليوم الأحد، في حال توصُّل الأطراف إلى توافق ما، بحسب ما علم “العربي الجديد” من مصادر في الهيئة.
ويأتي ذلك وسط انقسام بين مكونات الهيئة، كتلة الائتلاف والجناح العسكري والمستقلين الحاليين من جهة، وهيئة التنسيق مع منصتي القاهرة وموسكو من جهة ثانية. الانقسام بدأ بانتخاب الكتل الثلاث الأخيرة ممثلين عن المستقلين نهاية العام الماضي، الأمر الذي عدّته الكتل الأولى انتهاكاً للقانون الداخلي، ولا سيما أن أصواتها لم تكن في صندوق الاقتراع حينها.
وقال مصدر في “هيئة التفاوض” مطّلع على المفاوضات الجارية لحل الخلاف بين مكونات الهيئة، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “هيئة التنسيق ومنصة موسكو تعملان على أخذ قرار الهيئة باتجاهات أخرى، على الرغم من أن أغلب مكونات الهيئة، والموقف الدولي والسعودي أيضاً، يدعمون اجتماعات الهيئة الحالية، ويشددون على حل الخلافات الداخلية داخلياً دون أي ضغوطات”.
وأكد المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن الجهة المقاطعة للاجتماعات هي “هيئة التنسيق وموسكو بالدرجة الأولى”، في حين أن مقاطعة منصة القاهرة للاجتماعات هو من ناحية “الخجل”، حيث إن المقترح الذي قُدِّم هو مقترح ثلاثي (منصات القاهرة وموسكو، وهيئة التنسيق)، ولذلك “لن تقوم منصة القاهرة بالدخول إلى الاجتماع، في حين أن بقية أطراف المقترح ما زالت مصرة على مقاطعة الاجتماع إذا لم تتم دعوة المستقلين الجدد إلى الاجتماع واعتماد المقترح المقدم من قبلهم”.
وأشار إلى أن “عدم قبول دخول المستقلين الجدد ليس سببه وجود تعليقات على الأشخاص الجدد، بل لأن انتخابهم حصل في أجواء غير قانونية، ودون حضور وإجماع لكل مكونات الهيئة”، في الوقت الذي ينص فيه النظام الداخلي لهيئة التفاوض على أن خطوة كهذه تحتاج إلى توافق، وتشكيل لجنة معنية بالترشيحات، وانتخابات تأخذ بالاعتبار أصوات المكونات كافة.
ويرى المصدر نفسه أن “رغبة المنصات في إرجاء انتخاب نائب الرئيس وأمين السر إلى ما بعد موضوع المستقلين، هو من أجل الإبقاء على نائب الرئيس الحالي جمال سليمان (منصة القاهرة)، وأمين السر الحالي صفوان عكاش (هيئة التنسيق) في منصبيهما”، مؤكداً أنْ “لا مشكلة لدى المكونات في بقاء كل من سليمان وعكاش في حال انتخابهما، وهما مرحب بهما ومُقدّرة جهودهما”.
ولفت إلى الاجتماع الأخير الذي حصل بين هيئة التفاوض والمجموعة المصغرة (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الأردن، مصر والسعودية) أواسط نيسان الماضي، موضحاً أن “دول المجموعة المصغرة رأت ضرورة في اجتماع هيئة التفاوض في الوقت المحدد (13-14 الشهر الحالي)، يُنتَخَب خلاله الرئيس وبقية الأعضاء في الهيئة الرئاسية، ثم يُعقَد اجتماع لبحث القضايا الخلافية، وعلى رأسها موضوع كتلة المستقلين، دون تدخل من أحد”.
وعدّ المصدر أن هذا “مؤشر على أن الدول لم تتدخل في هذا الشأن ولم تفرض أجندة معينة”، مستنكراً ما تقوم به المنصات من “وضع أجندة محددة ينبغي اعتمادها قبل الدخول إلى الاجتماعات”.
مقترح الحريري لحل الإشكالية
وكان رئيس هيئة التفاوض المنتهية صلاحية دورته الرئاسية نصر الحريري، قد أعاد تقديم مقترح جديد لحل الإشكالية، كان قد قدمه الأسبوع الفائت.
وجاء في المقترح الذي اطلع عليه “العربي الجديد”: “1- تدخل جميع المكونات إلى اجتماع يوم السبت، 2- تجري انتخابات للمواقع الثلاثة: رئيس، نائب رئيس، وأمين سر، 3- يضمن لهيئة التنسيق ومنصة القاهرة التصويت معهم ليكون لهما نائب الرئيس وأمين السر، بما لا يخالف النظام الأساسي، وبالتالي عليهم تقديم مرشحين لهذه المواقع”.
وأضاف في المحور الرابع: “البدء فوراً بعد الانتخابات بمناقشة موضوع المستقلين واجتماع الرياض بناءً على التزامنا الداخلي بضرورة حلّ هذه المشكلة بسرعة، والتزامنا مع حلفائنا في المملكة العربية السعودية والمجموعة المصغر”، فيما دعا البند الخامس إلى “عدم المساس بالنظام الداخلي”.
وجاء في البند السادس أنّ “على كل مكونات الهيئة تحضير ما لديها من مقترحات حول رؤيتهم لحل هذه المشكلة، وكل هذه المقترحات تشكل أساساً ملائماً للبدء بنقاشه بشكل جدي حتى يجري التوصل إلى حل بقرار سوري دون تدخل أحد وبشكل سريع”.
في المقابل، قال مصدر في منصة القاهرة في حديث إلى “العربي الجديد”، إن المقترح الذي قدمه الحريري مقترح قديم، وجرت مناقشته وأعربت مكونات ثلاثة في الهيئة عدم رغبتها فيه، في إشارة إلى منصتي القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق، متسائلاً عن “السبب وراء إعادة تدوير مقترح رُفض في وقت سابق”.
وأشار المصدر إلى أن “ملف المستقلين بالنسبة إلينا هو ملف بالغ الأهمية، ولن نقبل بتأجيله، وعدم بحثه في الوقت الراهن إضاعة لوقت الهيئة، إذ ما الغاية من تركه الآن وبحثه في وقت لاحق؟”.
وأضاف: “نحن لا توجد لدينا مشكلة مع الانتخابات، ولا مع الشخصيات التي من المتوقع أن تتسلم الرئاسة، مشكلتنا هي في تأخير ملف خلافي ينبغي أن يكون من أولويات الهيئة الآن، وذلك من أجل إعادة ترتيب صفوفها ووحدتها”.
وذكر مصدر في “هيئة التنسيق”، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الكتل الثلاث تريد التوافق على كتلة المستقلين وفق المقترح الثلاثي الذي قُدِّم للهيئة قبل أيام، ولن تدخل الكتل الثلاث دون بحث ملف المستقلين”.
وأشار إلى أن “المقترح تضمن تفصيلاً حول الدخول إلى الاجتماع يوم السبت لانتخاب الرئيس ونائبه وأمين السر بحضور المستقلين، فيما يكون الدخول إلى الاجتماع في اليوم الثاني دون كتلة المستقلين الحاليين والقدامى”، موضحاً أن الخلاف الحالي “لا صلة له بموضوع تقاسم مناصب”، مشدداً على أنه “لا يحق لأحد أن يحتكر تمثيل السوريين”.
ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الأطراف اليوم الأحد، بغية التوصل إلى توافق يدفع الاجتماعات نحو سكة العملاتية، وتنتهي بانتخاب هيئة رئاسية جديدة للهيئة، وحل للإشكاليات المتعلقة بملف المستقلين الحاليين والجدد، وتمثيلهم في الهيئة واللجنة الدستورية، على قاعدة الاتفاق العام.
المصدر: العربي الجديد