غيث حمور كاتب سوري متميز. منتمي للثورة السورية. كنت قد قرأت له رواية امبراطورية فسادستان وكتبت عنها…
ابيض قان رواية تنتمي لروايات الثورة السورية. سردها على لسان الراوي. وهي تتابع حياة سناء الشخصية المحورية فيها.
سناء ابنة مدينة دوما المجاورة لدمشق. وحيدة والدها ووالدتها. تابعت دراستها الجامعية. وهناك تعرفت على منصور اخ احدى صديقاتها وكانت بينهما علاقة ودية…
حصلت الثورة السورية في ربيع عام ٢٠١١م. وكانت مدينة دوما كما اغلب بلدات ومدن سورية مشاركة في حراك الثورة السلمي تظاهر واعتصامات .. الخ. وككل سوريا واجه النظام بالعنف العاري الوحشي حراك الشعب ومطالبته بإسقاط النظام وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية والعيش في ظل الحرية والعدالة واسترداد الكرامة الإنسانية لكل السوريين. ..
كان عنف النظام متدرجا من قتل المتظاهرين ومهاجمتهم بالشبيحة واعتقالهم وتعذيبهم وسجنهم وقتلهم بالمعتقلات وتوسع النظام بالعنف بعد ذلك: لاستعمال الاسلحة الحربية لمواجهة المتظاهرين والبلدات الحاضنة للثوار. وكانت مدينة دوما من المدن الثائرة التي واجهها النظام بالقصف والتدمير والبراميل المتفجرة والحصار…
لم تعد سناء قادرة على متابعة دراستها الجامعية. وجدت نفسها في قلب حدث الثورة. قررت أن تخدم ثورة الشعب في الصفوف الخلفية. أهلها كانوا يخافون عليها. لم تشارك بالتظاهر لكنها التحقت بالمشفى الميداني حيث تسكن. وتعلمت بالتدريج أهم متطلبات التمريض من اسعافات اولية وغيرها. كانت برفقة أحد الأطباء الذي ندب نفسه لمعالجة ضحايا القصف وعنف النظام. وكانت سناء تقوم بدورها وهي راضية عنه.
وبعد مضي فترة في عملها بالمشفى الميداني جاءت قذيفة على المشفى واصابته بشكل مباشر. مما ادى لتدميره ومقتل أغلب من فيه بمافيه الدكتور المعالج. أصيبت سناء وفقدت وعيها وعولجت في مشفى ميداني آخر. وبعد شفائها استمرت تقوم بدورها كممرضة مع الطبيب الذي عالجها. لكن مشكلة حصلت لديهم فقد نفذ الإمداد الطبي فقد قتل الطبيب السابق في القصف وهو كان على علاقة مع شبكة سرية لا يعرفها غيره تمد المشفى بحاجاته الطبية والدوائية. لقد كانت دوما تحت حصار خانق يمنع عنها كل أسباب الحياة ومنها العلاجات والمستلزمات الطبية. ارتبك العمل الطبي في المشفى الميداني. حتى تواصل أحدهم مع سناء واعلمها انه اخذ رقمها من الدكتور المرحوم لتكون البديل إن غاب أو قتل هو لتستلم الأدوية واللوازم منه عبر شبكة تهريب سريّة. التقت سناء بالشاب الذي يحمل اللوازم فوجدت انه منصور اخو صديقتها. وعادت جذوة العلاقة الودية بينهما. وعلمت انه قد كُشف من النظام وانه لن يعود لدمشق مرة اخرى ليحصل على اللوازم الطبية. عمل معها في المشفى الميداني. قررت سناء أن تخاطر بنفسها وتتابع العمل على تأمين اللوازم الطبية من دمشق عبر شبكة منصور. رفض منصور بداية خوفا عليها، لكن اصرارها جعله يساعدها في ذلك. ذهبت الى دمشق مع مهربين عبر طرق ملتوية واستطاعت الوصول. وحصلت على ما تحتاجه وعادت من هناك واستطاعت أن تقطع اغلب طريق العودة دون صعوبات. لكنها وقعت في يد مجموعة مسلحة تابعة للنظام قبل وصولها الى دوما. كانت تحمل اللوازم الطبية. نقلت إلى فرع أمني في دمشق وهناك تم تعذيبها الذي استمر لشهر كامل . كادت تموت من شدّته. ضربوها وشبحوها وتناوبوا على اغتصابها ولم تعترف على أي معلومة عنها ومع من تتعامل. استمر اعتقالها لأشهر طويلة . نقلوها من المنفردة إلى الجماعية. تعرفت على حكايا المعتقلات الأخريات. هذه ام مطلوب للأمن محتجزة حتى يسلم نفسه وهذه زوجة شهيد و و.. الخ. وبعد فترة زادت عن سنة افرجوا عنها في صفقة تبادل بين الثوار والنظام. وسلّمت الى خالتها في مدينة حماه السورية. في فترة سجنها قتل والدها ووالدتها من جراء قصف النظام على دوما. ولم يبقى لها الا خالتها هذه المتزوجة من رجل ابن مدينة مجاورة لحماة والذي يسكن معها في بلدته. وبعد وصولها الى بيت خالتها بوقت قليل هاجمت داعش البلدة واعتبرتها مرتدة عن الإسلام فاغلب اهلها مذهبهم الديني اسماعيلي ، قتلت الكثير ودمرت البلدة وانسحبت منها وكانت سناء مع بعض النساء سبايا أخذتهم عناصر داعش معهم. وهذا حصل مع الايزيديين الذين هاجموا داعش بلداتهم وقتلوا الرجال وسبوا النساء واعتبر وهم سبايا وكفار. وعُرضت سناء مع الاخريات للبيع في الرقة عاصمة داعش في ذلك الوقت. وكانت من نصيب أحد أمرائها. الذي كان يحضر إليها ليقضي وطره معها. لم تتجاوب بداية ولكنها فكرت بمخرج لها وكيف تهرب . ساعدتها على ذلك احدى جاراتها وآخرين من اعداء داعش واستطاعت الهرب إلى تركيا. ومن هناك قررت ان تذهب الى السويد في أوروبا. عملت لفترة من الوقت في تركيا حتى تؤمن مبلغ التهريب. وبعد ذلك ركبت احد زوارق التهريب مع المئات من الآخرين. توقف المركب في عرض البحر وغرق بعد ذلك. استطاعت سناء أن تنجو مع طفل ماتت أمه غريقة . أنقذهم خفر السواحل اليوناني. ومن اليونان انتقلت تهريبا بالطائرة الى السويد، وصلت بعد عناء. وهناك جاءتها المفاجأة في المطار حيث وجدت صديقها منصور بالصدفة كان ينتظر احد اصدقائه القادمين الى السويد . لقد التقت بحب حياتها ومعها الطفل الصغير…
ستبدأ في السويد حياة جديدة…
هنا تنتهي الرواية.
في التعقيب عليها اقول:
هذه هي حكاية الوجع السوري بكل مآسيها. التي عاشها الملايين من السوريين وعبر سنوات. كان من تبعياتها ضحايا حوالي المليون ومثلهم مصابين ومعاقين وتشرد الملايين نصف الشعب السوري وتدمير اغلب سوريا واحتلالها من روسيا وإيران وامريكا. وتقسيمها بين المحتلين وخلق كيان كردي انفصالي على يد حزب العمال الكردستاني شرق الفرات برعاية امريكية. يعيش من تبقى من أهل سوريا في رعب وجوع وفاقة. أما من تشرد بحث عن سبل حياة جديدة او عاش في المخيمات حياة فاقة ويأس وفقدان افق وامل…
نعم ثار الشعب السوري دفع الثمن الاغلى…
انتصر لحقه في الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية…