روسيا تتسبب في مجاعة عالمية لزعزعة الاستقرار السياسي في الغرب

زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مدينة سوتشي الروسية في 4 سبتمبر/ أيلول ليبحث مع نظيره فلاديمير بوتين العودة إلى صفقة الحبوب. عقب الانسحاب من الصفقة في 17 يوليو/ تموز من العام الجاري بدأت روسيا تدمر البنية التحتية للموانئ الأوكرانية ما جعل تصدير الحبوب الأوكرانية بحراً أمراً مستحيلاً. وفي حال لم تستأنف أوكرانيا تصدير حبوبها سيواجه العالم مجاعة عالمية.

في أول اجتماع رسمي بين رئيسي الدولتين لم تتوصل روسيا وتركيا إلى اتفاق لاستعادة مبادرة البحر الأسود. وعلى الرغم من أن جزءاً من الاجتماع جرى خلف الكواليس، لم تصدر أي تصريحات رسمية مشجعة على إعادة تصدير الحبوب. تتكبد روسيا خسائر فادحة في ساحة المعركة، في المقام الأول، بسبب الدعم الغربي الدائم وتوفير الأسلحة الحديثة للقوات المسلحة الأوكرانية. ولذا، يبذل الكرملين قصارى جهده ليسبب مجاعة انتقاماً من أوروبا. من الصعب المبالغة في دور الحبوب الأوكرانية في ضمان الأمن الغذائي العالمي. وفي هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المنتجات الغذائية الأوكرانية أنقذت مائة مليون شخص في جميع أرجاء العالم من المجاعة عام 2022. ومن الجدير بالذكر أن العديد من بلدان الجنوب العالمي التي كانت مستهلكة للحبوب الأوكرانية سوف تجد صعوبة في إيجاد موردين آخرين لأن حصص الحبوب يتم توزيعها مسبقاً بطريقة محددة. ولا يثير بيان روسيا عن استعدادها لتصدير مليون طن من الحبوب إلى تركيا لصنع الدقيق آمالاً كبيرة لأن مثل هذا الحجم لا يكفي مسبقاً لضمان الأمن الغذائي للدول الفقيرة. بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب هذه المبادرة المضاربة على الأسعار في سوق الحبوب، فضلاً عن أنها لن تدرأ خطر حدوث مجاعة عالمية بأي شكل من الأشكال. يمارس بوتين الابتزاز الغذائي للضغط على الغرب لأن النقص الحاد في الغذاء في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط من شأنه أن يتسبب في تدفق اللاجئين إلى أوروبا وما يترتب على ذلك من أزمة اجتماعية وسياسية في الاتحاد الأوروبي. تزيد روسيا التحديات والتهديدات الهجينة للغرب ويعد الجوع العالمي أحد هذه التهديدات.

ويتلخص هدف بوتين الثاني في تهيئة الظروف الملائمة لإفقار المزارعين الأوكرانيين إذ كانت صادرات الحبوب توفر 40% من الدخل المالي للميزانية الأوكرانية قبل الحرب. وإذا لم تجدد صفقة الحبوب فقد يكون القطاع الزراعي الأوكراني غير مربح، وحتى التوقف لمدة عام واحد في زراعة الأراضي الصالحة للزراعة يعرض الإمكانات الزراعية للخطر. وعلاوة على ذلك، تسعى روسيا إلى أن تحل محل أوكرانيا في سوق الحبوب العالمية التي تقفز أسعارها بشكل حاد في ظروف النقص المتوقع، الأمر الذي قد يعطي بوتين وسيلة أخرى لممارسة الضغط في السياسة الخارجية.

إن الضغط على الكرملين والاستعادة الفورية لمبادرة البحر الأسود بنقل الحبوب الأوكرانية يشكل مفتاحاً للاستقرار السياسي في أوروبا. لم تصبح روسيا مصدراً للإرهاب العسكري والنووي فحسب بل باتت تمارس الإرهاب الغذائي. ولا يجوز للغرب أن يسمح بأن تتحقق خطط بوتين وإلا ستؤدي موجة من مئات الآلاف من اللاجئين إلى ارتفاع معدلات الفقر والأوبئة والعنف في الشوارع في دول الاتحاد الأوروبي. لقد أثبتت أوكرانيا نفسها كمورد موثوق للمنتجات الزراعية يفي بالتزاماته بالكامل، وعلى العالم أن يبذل قصارى جهده لاستعادة تصدير الحبوب الأوكرانية، وذلك لصالح كل دولة تقدر الأمن والاستقرار.

 

المصدر : https://far-bg.comhglw

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى