قال شيخ قبيلة “العكيدات”، إبراهيم خليل الهفل، إن تحرك العشائر في ريف محافظة دير الزور لم يكن من أجل قائد مجلس دير الزور العسكري، وإنما من أجل استعادة حقوق أهالي المحافظة التي سلبتها ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مؤكداً أن “هذا الحراك يعتبر انتفاضة عشائرية لاستعادة الحقوق المشروعة والمسلوبة”.
وقبيلة العكيدات هي واحدة من أبرز العشائر التي تخوض منذ أيام معارك واسعة ضد “قسد” في محافظة دير الزور، عقب احتجاز الأخيرة قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل (أبو خولة)، بداية الأسبوع الماضي، واعتقال قياديين آخرين من أبناء العشائر العربية.
وأضاف الهفل، في حديث خاص لـ”العربي الجديد”، أن بداية الحراك لم تكن واسعة “لكن اعتقال ومحاصرة قسد لنساء وأطفال قادة مجلس ديرالزور العسكري” الذين هم من المكون العربي ومحاولتها الهيمنة على المجلس والسيطرة التامة على دير الزور كانت “مستفزة لأبناء العشائر”، بالإضافة إلى التجاوزات والتراكمات السابقة و”الممارسات العنصرية” لـ”قسد” في المنطقة و”تلفيقهم التهم وخلق فزاعات” بوجود تنظيمات إرهابية بين العشائر بهدف إقناع التحالف واستخدامها “ذريعة لتنفيذ أجنداتهم”، علماً أن “أكبر المتضررين” من التنظيمات هم العشائر.
وبين شيخ القبيلة أن “كل التطورات التي حصلت أدت إلى انفجار وتطور الحراك إلى انتفاضة شعبية”، مشيرا إلى أن “ممارسات” المليشيا الأخيرة “كانت محاولة فعلية لمصادرة حق أبناء محافظة دير الزور في حماية وإدارة مناطقهم”.
ونبّه إلى أن “الحراك ليس موجهاً لمصلحة أشخاص وليس موجهاً ضد أشخاص”، مشدداً على أنه “انتفاضة عشائرية للدفاع عن حقوق أبناء المنطقة المشروعة والمسلوبة”.
وحول توارد أنباء عن مفاوضات بين “قسد” والعشائر، قال الهفل: “لم يطرح علينا أي مفاوضات، وهذا دليل أن القوة هي اللغة الوحيدة التي تنهجها قسد في التعامل مع أطياف المجتمع المدني.. إنها تسلك سلوك الأنظمة الديكتاتورية”، مضيفاً: “نسعى جاهدين لمنع إراقة الدماء وتحقيق الاستقرار، لذلك نتطلع للتفاوض مع التحالف الدولي فهو الضامن الوحيد لتحقيق مطالبنا”.
وتابع: “نرفض الظلم وانتقاص حقوقنا كمكون عربي، ولن نسمح بالمساس بها، ونقصد حق الدفاع عن النفس والعدالة في توزيع الثروات والإدارة المحلية وتوفير الخدمات للمنطقة من أمن وصحة وتعليم واقتصاد”.
وعن أُفق الحراك، لفت الهفل إلى أن “كل السوريين إخوة لنا، تجمعنا وحدة الأرض والتاريخ والمصير ولن يكون سلاحنا موجهاً نحو إخوتنا، وإنما نحن اليوم في موقف الدفاع عن النفس، وكما كنا يداً واحدة في مواجهة الإرهاب والطغيان سنكون يداً واحدة لبناء سورية التي تتسع للجميع”، مؤكداً أن “العشائر ستستمر في المقاومة ما لم يتم الاستجابة لمطالب أصحاب الأرض”.
وأوضح أن “الهدف النهائي هو ضمان حقوق أهل دير الزور وبسط الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وحول كيفية إدارة الخدمات في المناطق التي سيطر عليها أبناء العشائر العربية، أوضح الهفل أن “موظفي الخدمات في قرى دير الزور جميعهم من أبناء المنطقة، ريثما يتم مناقشة إيجاد جسم مدني جديد منتخب مستقل عن (الإدارة الذاتية)، وهم الآن مكلفون من قبل أعيان العشائر بمتابعة الشؤون المدنية وأداء مهامهم ومستمرون في عملهم”، مبيناً أن “هناك وعيا مجتمعيا بأهمية حماية المنشآت المدنية والخدمية، وهذا ما لمسناه وشاهده الجميع من خلال تدخّل الأعيان والاجتماع بشكل فوري في القرى وإعلانهم بتحمّل هذه المسؤولية”.
وبخصوص الحديث عن التواصل بين العشائر و”التحالف الدولي”، أشار شيخ قبيلة “العكيدات” إلى أنه “جرى تواصل غير مباشر مع التحالف الدولي لكننا لم نرَ أي تحرك جدي من قبلهم، فهذا التأخر بالتواصل سيؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء”، مطالباً التحالف الدولي “بفتح قنوات تواصل حقيقية”.
وحمّل الهفل التحالف مسؤولية “حدوث أي انفلات أمني أو خلل في السلم الأهلي في مناطقنا”. ومضى قائلا في هذا الصدد: “عليهم أداء مهامهم في تحقيق استقرار محافظة ديرالزور، من خلال انسحاب كوادر قسد من المنطقة بقرار رسمي علني من التحالف، وتسليم إدارة المنطقة لمجلس عسكري عشائري جديد مستقل عن قسد ومنتخب من قبل أعيان العشائر وتوكيل المهام لقادة العشائر لسد الفراغ الأمني، بالتعاون وبإشراف التحالف وبأسرع وقت ممكن دون مماطلة”، لافتاً إلى أن “الأهالي لديهم مجموعة مطالب من التحالف بصفته الضامن الوحيد لتحقيقها، ونرى أنها مطالب بسيطة ومشروعة ومحقة”.
واستدرك أن مطالب الأهالي تكمن في “العمل على تفعيل المحاسبة والمساءلة عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق أبناء المنطقة، من خلال إنشاء جهاز قضائي مستقل، وتشكيل مجلس عسكري وعشائري مستقل عن قسد ويمثل القوى المدنية والعشائرية في محافظة دير الزور، ومنح المجلس العسكري السلطة المطلقة بصلاحيات مالية وتنفيذية، والتنسيق معهم من خلال غرفة مشتركة مستقلة عن هيمنة قسد، واستحداث هيئة قضاء في جميع مراكز المدن والقرى العربية، لحل النزاعات العشائرية والجرائم الجنائية وأن تكون له سلطة تنفيذية بمساندة مخافر شرطة ودفاع مدني”.
وشدد على أن من بين مطالب الأهالي أيضاً، “منح دير الزور السيادة المطلقة، إضافة إلى مجلس تشريعي وتنفيذي مستقل لما تتمتع به من خصوصية وأعراف ونسيج عشائري خاص، وتفعيل دور منظمات حقوق الإنسان والتحقيق في الانتهاكات وضرورة توكيل محامين للمعتقلين والسماح بزيارة ذويهم، وضمان محاكمة سريعة وعادلة للمتهمين لدى قسد، والإفراج عن المعتقلين الأبرياء الذين لم تثبت إدانتهم خاصة النساء”.
وعن موقف العشائر في دير الزور من النظام السوري، نوه الهفل إلى أن “موقف أبناء العشائر واضح وصريح، نحن لا نسمح لأي طرف بالتسلق على مطالب أبناء العشائر، لأن هذا الحراك هو حراك شعبي وانتفاضة كرامة، وهو ليس مدعوماً أو موجهاً من أي طرف خارج المنطقة”، مشدداً على أن “أي ادعاء بوجود أيد خارجية عار عن الصحة ومحاولة لتجاهل مطالب أهالي المنطقة وهروب من الحوار ورفض مبطن للتفاوض وللاستماع لمطالبنا”، مضيفا: “هي جزء من بروبغاندا كاذبة بثتها قسد بهدف شرعنة هجومها على أبناء المنطقة”.
المصدر: العربي الجديد