القيامةُ الآن    

حسان عزت

هاصيحةُ الحرّ تمخر الكون

تُنادي الكواكبَ والأرضَ بالخلقِ والآفلين

تعالوا ..

وتصهلُ ملءَ الفيافي

انهضي يابلادي كما الروح في نشرِها

إنها القيامة الآن

أيّها المتمادي بيأس القنوطِ تأمّلْ قياماً

أيّها المتمادي بخدْرِ الملالةِ والنّومِ انفضْ نومكَ الآن

يَتُها الأمّ بدَمعِ الألُوهةِ والثّكْلِ ..جَفّفِي دمْعَكُ ..اشلحي الرملَ وهذا السّوادِ ..

قوميَ يامَنْ تغصُّ بشوكِ

الشجى والحدادِ

وانت في آخر الرمق الروح

تمهّلْ قليلاً.. آتيكَ بالماء ..

وأنتَ الذي تدْمِنُ الانتحارَ توقّف

قليلا

إنّها تنقشعُ الآنَ فاسمعْ جميلاً وحيّاِ

حيً عليّ الروح فيكم جميعا قصفا ورعدا وبرقا وماء سلاما

لم تكنْ بلادي التي قتّلت شعبها

بل حثالةُ حقدٍ

غدرتْ بالجميع

ُ وكانَ الجميعُ سلالةَ شعبِ تَعدّدُ أعراقُهُ ..وشدّ

على عُروةٍ من وثاقٍ

وكانَ الهُويّة

لغةً في الأواصر منذ أول القول

“الدين لله والوطن الحر لروح الجميع” ومن بايعوا شدوا بذلك حتى الفناء

وازكوا بحر الدماء

والآن نطلع من آخر الروح

الارض والشمس والماء والروح

للجميع الذين فدوها

عراقةَ شمسٍ ومعنى

وحريّةً ملء قلب الزمان

من اين إذا فرخ الحقد رالحاقدين

عقودا ودمر ركن الحمى والحمية

ولم يكن الغدرُ والحقدُ أبداً بلداً

بل الروحُ كانت ووقدُ الحياة

حريّةً تنتمي للحياةِ

وسرّالرّويّة في راية تعلو على الكون

وكانت بلادي التي في الخليّةِ عهدا وغُصنَ سلام

و أهلي الذين سوريّةَالعز

وشاميرامَ الهوى والغرام

انهضوا هبة الحر إما يعيش عزيزا وإمّا يموت كريما جَوادا

ليست بلادي التي يتّمتْ شعبها

بل مسوخٌ بها

شوّهوها وغالوا

فأعشبَ ذرّ الهواء سموما

هل نهضتْ أمّةٌ بالكراهاَتِ

أو بفلولِ الأذى ..

هل أمّة الحقدِ ترقى بغدر الحرابِ

كيفَ إذاً خدعوها

وجرّوا البلاد إلى حتفِها

ماتتْ بلادي ولاعتْ مدائنُها وقراها

فإنْ نهضتْ وقامتْ من الموت

هلْ تخدَعُ ثانيةً وتَسْمَحُ ..تَعفُو

أتعفوَ عمّن سبوها

وأعطوا العنان إلى غاصب

انهضي الآن إن كنتِ حقا بلاداً من الشمس

إذا كنتِ بنتَ الحياةِ وروحا قويّا

انهضي فرساً وصهيلاً

يعيدُ القلوبَ إلى عَهدِها

انهضي من الموت عذراءَ

غرّاءَ شمّاءَ ملءَ الوجودِ الاشبهيّة

هاصيحة الحر

تنادي الكواكب بالآفلين

ويا أيّها القمريُّ العنيد

يغنّي لهم وينادي

من رأى قمرا يتقحّمُ روح الأعادي

ويهزأ بالبطشِ ..يشدّ الزنودَ الفوادي وينفخ في الصّور

انهضي يا أرضَ أمي التي بقيت حرة في الزّمان وتبقى بلادي

سقط الجبلُ الهمجيّ المدجّج بالموت وحقد البراميل

هوتِ الصخرةُ

من فوقِهم غرابيب

وغشّاهم العارُ في العتمةِ الأبديّة

هل يرجعون من الجُحْرِ ومن سقَرٍ

من أقاموا على الحقد

شدّوا بأرواحنا ودمانا

وأقاموا لهم صنَما من عضال

سقط الكوكب المر

وغطّى الدخان بين جبال

وعشرِ مدائن .. عشرينَ مملكة في المدائن أطمى وجلّى الدخان

ما وردة من سماء الدهان ..

بل رهابٌ بأوجاعه في محيط الزمان

وهانَ القويّ بما أوغل من دموية ومحارق لاتنتهي

وما خلّف القتل من روحه في الهباء الهوان

وماطلعتْ مثل شمس له جرباء جرداء مستقتلة

وما خلّفت من بقايا لإجرامه في الزمان

أيُذكَر في الفعلِ ولو مرّة في الكرامة بينَ الرجال

بل وشمةً في الرجولة

والأمرد الخنثويّ الجبان

غطى على ما أرادَ ليغدو كبيرا

وطغى وكلكل حتى أرانَ

سقط الكوكبُ المرّ على وهلة وتداعى

وهوى الهيكل الحجري بأزلامه

وصارَ حطاما

إنها القيامةُ الآن

غابةُ بطشٍ بنارِ التّنانينِ تهوي

يسقطُ الدبّ الدّميمُ بداءِ العماء

ومن عبدوه

وابتلعَ القمرَ اللؤلؤيّ وأطمى ببحر الدماء

غامتْ وعامتْ طويلا

دولةُ الخادعين

وهاهيَ الآن تسقطُ

ينحلّ قطرُ الغمام وتنهلّ عن مطرٍ وسيولٍ سجام

تجلو بطهرانِها ماخلّفته

الضباعُ واشياعها

ها المدائن تُفْتَحُ أبوابها الآن

ها تغربُ ظلمةُ الشمسِ

ها تشرقُ ثانيةً بعد تلكَ العجاف ترجعُ الرّوحُ في فتيةٍ روّعوا وبلادا أحبّوا وماتوا غراما

وفاضَ الحنينُ وعادَ العناقُ

بالدمعِ ..بالقهر بعد القنوط وبعد الحداد

هاهمُ الفتيةُ الأوفياء

يخرجونَ كما الحشر

يعيدونَ روحاً

قضوا ملءَ غُصّاتهم في المنافي الشتات

إنهم ينهضون جموعاً

ومن كلّ حدبٍ وحادِ

فلبنان بكل الحياة

والعراق الشباب بالرافدين الحياة والشام بعد دهرٍ دهورٍ

يلمّونَ بالقلب الفاء واللام راسين والطاء والياء والنون

فحيّ على الحبّ فيهم

وحيّ عليهم قياما قياما

أطبق جناحيكَ ياحرّ

وغفّ إلى الأرض

اتركِ الشمسَ قليلاً وعدْ إلى رايةِ العزّ رمزا

لقدْ وحّدت صيحتُكَ الأرضَ والعاشقين وهاهيَ تهتزّ بيومِ النشورِ العظيمِ وأعْراسِها

فحيّ على السقوطِ العظيمِ لهم

وحيّ على الزّلزلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى