ما جدّية الحراك العسكري في الساحل السوري ضدّ النظام؟

محمد كركص

أعلنت ما سمت نفسها “حركة الضباط العلويين الأحرار” قبل أيام في بيانٍ مصور، قالت إنه من الجبال المُطلة على مدينة القرداحة مسقط رأس رئيس النظام السوري بشار الأسد، عن دعمها الكامل لـ”حركة التحرر الوطني السوري” والانضمام إلى “المجلس العسكري السوري” بقيادة العميد مناف طلاس.
وألقى ثلاثة ضباط برتب مختلفة البيان المصور يوم الخميس الفائت، مؤكدين من خلاله، أن الهدف من الانضمام للمجلس هو “التمسك بالمشروع الوطني المُعلن في انتقال سورية إلى دولة القانون من خلال تأمين فترة الحكم الانتقالي، وضمان بيئة آمنة محايدة وفق القرار (2254) والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.
وأوضحت الحركة، أن “السلم الأهلي المستدام مستنده الأساس العدالة الانتقالية بمحاكمة مجرمي الحرب وتجار الدم والدين ومن أي طرف كانوا وتحت أي راية مارسوا جرائمهم”، مشددة على “حصانة الدم السوري”، وأنها لا تحمي ولا تقدم الغطاء لأي منهم، متعهدة بـ “تسليم كل من أجرم بحق الشعب السوري للعدالة المختصة باعتبار أن القاتل والمجرم لا دين ولا طائفة ولا إثنية له، وأن لا حصانة لأحد أمام العدالة والقانون”.
وأكدت الحركة على “ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين وسجناء الرأي وتبييض السجون السورية، ومراعاة قيم وحقوق الإنسان، والكشف عن مصير المفقودين والمقابر الجماعية، ومعالجة قضايا التغيير الديمغرافي، وطرد إيران وأدواتها ومحاربة كافة أشكال التطرف والإرهاب وإخراج جميع القوى الأجنبية من سورية”.
وأشارت الحركة لجهدها في “كشف بعض جرائم الحرب، بالتعاون مع الجانب السياسي في فريقنا. وخلال فترة لاحقة تظهير بعض نتائج هذا الجهد في المؤسسات الدولية ذات الصلة”، مُشيرةً إلى أن “هذه الخطوات جزء من مسار طويل تُوج بميثاق باريس في الثالث من فبراير/ شباط عام 2018”.
وحصل “العربي الجديد” بعد التواصل مع أحد الضباط الفاعلين في “حركة التحرر الوطني السوري” على توضيح نقلا عن المحامي عيسى إبراهيم، وهو الناطق الرسمي باسم “حركة الضباط العلويين الأحرار”، بين خلاله، أن “الحركة واقعية وموجودة بشكل تنظيمي ابتداء من عام 2017 بعد أن كانت نشاطاً منفرداً، أو فئوياً لكل ضابط، أو صف ضابط، أو عنصر قبل ذلك”.
وأوضح الضابط الذي فضّل عدم ذكر اسمه، نقلاً عن إبراهيم أن “الحركة تعتمد مبدأ الخلايا الصغيرة وعدم ارتباطها بشكل أفقي، بل ارتباط كل خلية بشكلٍ عمودي عبر رأسها بالقيادة، نظراً لطبيعة النظام التي يعرفونها والتي ستجعلهم صيداً سهلاً للأسد الابن ومواليه في الجيش والأمن والمؤسسة الدينية والمؤسسة الاقتصادية وغيرها؛ وفعلاً كُشف قادة بعض الخلايا من الضباط من قبل النظام في ما بعد، وتم قتلهم من قبله، وأُعلن من قبله عن مقتلهم وبأنه تم من متطرفين”.
الحركة تعتمد مبدأ الخلايا الصغيرة وعدم ارتباطها بشكل أفقي
وأضاف الضابط أن “قيادة الحركة طلبت مني (المحامي) في شباط عام 2018 وبعد محادثات غير مباشرة ومطولة، توقيع ما عُرف لاحقاً بـ”ميثاق باريس” مع جبهة الإنقاذ الوطني السورية، وكذلك منذ فترة قرروا التواصل مع المجلس العسكري السوري وكان هناك فترة تواصل مهمة قبل التوصل لضرورة تعبير مباشر من قيادة الحركة ومن داخل الساحل السوري وبشكل مصور”.
وكان ضباط عسكريون برتب مختلفة منشقون عن النظام السوري، قد عقدوا في الثامن والعشرين من يوليو/ تموز الفائت، اجتماعاً باسم حركة التحرر الوطني السوري التي يقودها العميد مناف طلاس، وذلك ضمن مدينة عفرين، الواقعة ضمن وأكد الضباط في بيان صدر عقب الاجتماع حينها، أن الحركة تهدف إلى تغيير النظام وتمكين الشعب السوري، مشددين على أن المجلس العسكري السوري هو من أطلق حركة التحرر الوطني، ولكنه لن يكون وصياً عليها، بل سيكون ذراعها التنفيذية والداعم لسياساتها وتوجهاتها، لافتين إلى أن إطلاق حركة التحرر الوطني هو تجسيد لنقلة نوعية في الوعي السوري، تتمثل في ضرورة تجاوز الصيغ التقليدية للمعارضة، والدخول في مواجهات جديدة مع نظام الأسد.
وكانت حركة التحرر الوطني السوري، التي أطلقها العميد مناف طلاس، قائد المجلس العسكري الانتقالي من مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس، دعت، في بيان صدر عن العاصمة السورية دمشق منتصف يونيو/حزيران الفائت، إلى تكاتف السوريين، استعداداً للإطاحة بالنظام السوري.
ويأتي تشكيل الحركة بالتزامن مع تحركات العميد المنشق عن النظام السوري، مناف طلاس، لتفعيل “المجلس العسكري الانتقالي” من جديد، عقب تأييد فرنسا لمحاكمة بشار الأسد، وفق وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، التي أكدت في الـ23 من مايو/أيار الفائت أن “محاربة الجرائم والإفلات من العقاب جزء من قيم دبلوماسية البلاد”، واصفةً بشار الأسد بأنه “عدو شعبه منذ أكثر من 10 سنوات”، مشيرة إلى أنه قتل مئات آلاف السوريين واستخدم الأسلحة الكيميائية، كما استبعدت رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على الأسد.
وشددت الوزيرة على أن “موقف فرنسا لم يتغير تجاه النظام، وطالما أنه لم يتغير ولا يلتزم بالمضي في المصالحة ومكافحة الإرهاب والمخدرات (..) ولا يحترم التزاماته، فلا سبب لتغيير الموقف تجاهه”.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى