في منتصف التسعينات وفي مطار صنعاء الدولي وكانت الساعة متأخرة تقريبا الساعة الثالثة مساءا ، كنت في طابور طويل مثلي مثل غيري لختم جواز سفري ، وفجأة انقطع التيار الكهربائي وساد الظلام المكان والكل يتساءل في الطابور ، وما هي إلا دقائق معدودات حتى انتشر ضوء خافت يبدو أنها إضاءة للطوارئ .
بعد فترة قصيرة من عيشي في اليمن اكتشفت أن التيار الكهربائي ينقطع لساعات طويلة في العاصمة اليمنية صنعاء ، أما حال بقية المحافظات فهي أشد تعاسة بكثير ، وكان المسؤولين اليمنيين في حينها يعلنون عن جدول لقطع مبرمج للتيار الكهربائي ، لكن هذا القطع لم يكن مبرمج وغريب جدا ،حيث تأتي أيام يكون فيها التيار الكهربائي مستمر لمدة عشر ساعات متواصلة وأيام أخرى لا يأتي التيار الكهربائي إلا دقائق معدودة.
أما في العراق فعند قيام النظام الحاكم في حينها بغزو الكويت ، قررت القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية توجيه ضربات مدمرة على محطات توليد التيار الكهربائي وجعلتها ركام محروق ، وبعدها تم فرض حصار اقتصادي دولي خانق، وحتى يومنا هذا والتيار الكهربائي متقطع وكل أفراد الشعب يعانون لكن ليس باليد حيلة .
منذ عدة أيام سمعت رئيس وزراء أحد الدول العزيزة على قلبي ، وهو يعلن عن حزمة من الإجراءات وعلى رأسها للأسف الشديد “القطع المبرمج للتيار الكهربائي ” ، وما زاد خوفي وحزني أنه قال “إنها مشكلة لن تطول” ، وهذه الجملة القصيرة كلما أسمعها من مسؤول أعلم أنها بداية الكارثة .