يتزايد الاحتقان الشعبي في الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من أنقرة، وذلك لأسباب عديدة منها توجه الحكومة التركية نحو التطبيع مع النظام السوري، وحملات التضييق على اللاجئين السوريين والحملة “العنصرية” على اللغة العربية في تركيا.
وفي مؤشر واضح على تنامي الاحتقان، اضطرت الشرطة المدنية في مدينة الباب شمال شرقي حلب، إلى إطلاق سراح ناشط جرى توقيفه بسبب إزالته اسم ضابط تركي من إحدى مدارس المدينة الابتدائية، وذلك بعد الدعوات الشعبية للتظاهر للمطالبة بإطلاق سراحه.
وكان الناشط الإعلامي خليل أبو شيخو قد أزال اسم ضابط تركي يدعى دوران كسكين كان قد قتل خلال المعارك ضد تنظيم الدولة في مدينة الباب في العام 2017، من على لافتة مدرسة ابتدائية، وذلك بعد تغيير المجلس المحلي في المدينة لاسم المدرسة من “آمنة بنت وهب” إلى “الشهيد دوران كسكين”. وقال في حسابه الخاص على “فيسبوك” إلى جانب صورة اللافتة بعد إزالة اسم الضابط التركي منها، قام بذلك رداً على “ترحيل السوريين من تركيا، وعلى تمزيق الشرطة التركية للافتات العربية وحتى الآيات القرآنية من واجهة المحال السورية في تركيا”.
وبعد نشره الصورة، جرى اعتقال شيخو لساعات، لتنتشر على الفور دعوات للتظاهر في المدينة للمطالبة بإطلاق سراحه، الأمر الذي حمل الشرطة على إطلاق سراحه.
وفي حديث خاص لـ”القدس العربي” أكد رئيس “اتحاد الإعلاميين السوريين” جلال التلاوي، أن الشرطة أفرجت عن شيخو مساء الثلاثاء، معتبراً أن ” اختيار توقيت تغيير اسم المدرسة من آمنة بنت وهب إلى اسم الشهيد التركي، لم يكن مناسباً”.
وقال “نشهد في الوقت الحالي زيادة التضييق على اللاجئين السوريين في تركيا، والحملة على اللغة العربية، وهذا له تأثيرات كبيرة على الشمال السوري، وخاصة أن غالبية عائلات الشمال لديها أفراد أو أقارب في تركيا”. وبذلك، يرى التلاوي أن الحادثة تعبر عن “حالة غضب” تسود الشارع السوري، ويقول “ما فعله الناشط حظي بتأييد شعبي واسع”.
وانتقد اعتقال شيخو من قبل الشرطة المدنية، واصفاً كذلك تغيير اسم المدرسة بـ”التصرف غير المنضبط”، وقال “كان يجب البحث عن مؤسسة ثانية لتسميتها باسم الشهيد التركي، وحكماً ليس في هذا التوقيت، علماً أني مع تسمية أي مؤسسة باسم الشهيد تركي الذي قتل أثناء تحرير المدينة من تنظيم الدولة”.
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل المعراوي في الحادثة “مؤشراً خطيراً” لمدى الاحتقان الذي وصلت إليه العلاقات التركية مع الحاضنة الشعبية في الشمال السوري. ويقول لـ”القدس العربي” إن “الغضب الشعبي يأتي بسبب العتب على عدم فعالية الضمانة التركية من الحماية من الغارات الروسية وخروقات النظام، وكذلك بسبب بدء تركيا التطبيع مع النظام السوري، وزاد منسوب الغضب مؤخراً بسبب نمو العنصرية التركية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، والممارسات ضدهم والترحيل الجائر بحقهم”.
وبجانب ذلك، تسبب “الفساد” وسوء الإدارة في الشمال السوري وعدم إصلاح ذلك من قبل تركيا، في زيادة الغضب الشعبي تجاه الدور التركي، كما يؤكد المعراوي مضيفاً:”تولدت حساسية تجاه كل ما يمت للأتراك بصلة، وهذا ما عبر عنه فعل شيخو”. وتتهم أوساط سورية تركيا بـ”تتريك” الشمال السوري، من خلال فرض لغتها في المدارس وتسمية المؤسسات والحدائق وحتى المناطق بأسماء تركية، في الوقت الذي لا تجد فيه معارضة من قبل المجالس المحلية التابعة لها، أو الفصائل التي تتلقى دعماً منها.
المصدر:«القدس العربي»