تعاون تجاري يلوح بين السعودية وسورية.. ومخاوف من “المخدرات”

بعدما فتحت الرياض أبوابها لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور القمة العربية التي عقدت بمدينة جدة، غربي المملكة، شهر مايو الماضي، يبدو أن إمكانية التعاون بين البلدين بدأت تلوح في الأفق.

ففي العاصمة الإيطالية روما على هامش أعمال قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية، أطلقت تصريحات وزيري الزراعة في البلدين احتمالات تعاون مشترك بالمجال الزراعي.

ولكن يبقى هذا التعاون التجاري التي تتطلع إليه دمشق يصطدم بحملة سعودية غير مسبوقة لمكافحة المخدرات.

التلفزيون الحكومي يذيع بانتظام نتائج حملات مكافحة المخدرات

ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن وزير الزراعة السوري، محمد حسان قطنا، قوله إنه من المهم “تعزيز التجارة البينية ووصول المنتجات الزراعية السورية إلى الأسواق السعودية بشكل مباشر”.

واستعرض قطنا خلال لقائه بنظيره السعودي، عبدالرحمن الفضلي، الصعوبات والتحديات التي يعاني منها القطاع الزراعي في سوريا “نتيجة الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة” على بلاده، وفقا للوكالة ذاتها.

وأشار قطنا إلى الصعوبات التي تواجه الشاحنات السورية، المتجهة إلى السعودية بسبب عدم تسجيل سوريا على قائمة الدول المصدرة للسعودية في نظام الحجر الصحي النباتي السعودي. وشدد على ضرورة مراجعة اتفاقيات التعاون في المجال الزراعي وإعادة تفعيلها وتحديثها بين سوريا والسعودية.

مخاطر الكبتاغون

كما دعا الوزير السوري سلطات المملكة إلى الانضمام لاتفاق رباعي بين سوريا ودول الجوار – الأردن ولبنان والعراق – وقع بهدف “تعزيز التعاون التجاري وتحقيق الأمن الغذائي” في هذه الدول الأربع، وهي دعوة لاقت على ما يبدو قبولا سعوديا بعد أن أشار الفضلي إلى “دراسة إمكانية الانضمام إلى هذا الاتفاق”.

ورحب الوزير السعودي بفكرة إعادة تفعيل مذكرات التفاهم بين البلدين من خلال عقد اجتماعات ثنائية بين مسؤولي الوزارتين “لإيجاد الصيغ المناسبة والبرامج التنفيذية لها، لافتا إلى ضرورة تعزيز التجارة البينية في السلع الزراعية”، بحسب “سانا”.

لكن هذا التعاون الزراعي المحتمل، يثير تساؤلات بشأن مخاطر تصدير المخدرات عبر الحدود من سوريا باتجاه السعودية عبر الأردن، تحت غطاء المنتجات الزراعية.

وتُعد سوريا المصدر الأبرز لحبوب الكبتاغون حتى قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا واستخداما وتصديرا، بحسب فرانس برس.

وتؤكد السلطات الأردنية أن 85 بالمئة من المخدرات التي تضبط من الحدود السورية معدة للتهريب إلى الخارج، خصوصا إلى السعودية ودول خليجية أخرى، مما قد يفتح الباب أمام تفاقم خطورة تصدير المخدرات عبر المنتجات الزراعية.

وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي السعودي، حسن المصطفى، أن “التهريب للحبوب المخدرة اتخذ أكثر من شكل، من ضمنها المحاصيل الزراعية التي كانت تأتي (للسعودية) من بعض دول الهلال الخصيب”.

وقال المصطفى لموقع قناة “الحرة” إن “السعودية تشن حملة واسعة ضد تهريب المخدرات والاتجار بها”، مضيفا: “بالتأكيد لن تقوم بأي عمل يضر بخطتها الوطنية لمكافحة المخدرات”.

ومنذ نهاية أبريل، تقود السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، وإحدى أكبر أسواق الكبتاغون في الشرق الأوسط، أكبر حملة متزامنة ضد المخدرات عبر البلاد منذ سنوات.

ويعتقد المصطفى أن اللقاء بين الوزيرين “طبيعي”، يأتي “في سياق تطور العلاقات الثنائية بين الرياض ودمشق، ويمكن أن يؤسس مستقبلا لتعاون ثنائي في مجال الزراعة”، الأمر الذي يفتح الباب أمام “عودة أوسع للمنتجات السورية للسوق السعودي، الذي هو سوق كبير ومهم”، على حد وصف المصطفى.

وخلال السنوات الماضية، أعلنت السلطات السعودية مرارا وتكرارا ضبط شحنات مخدرات، بما في ذلك كميات من الكبتاغون مخبأة بداخل منتجات زراعية.

“ضمانات” سورية

وعلى الناحية المقابلة، قلل رئيس لجنة العلاقات الخارجية والعربية بمجلس الشعب السوري، النائب بطرس مرجانة، من خطورة تصدير المخدرات عبر المنتجات الزراعية من سوريا نحو السعودية.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، قال مرجانة إن “موضوع المخدرات وإن كان موجودا، فهو مبالغ فيه كما أعتقد”، موضحا أن تصدير المنتجات الزراعية يمثل “مصلحة مشتركة للبلدين”.

وأضاف أن “المنتج السوري معروف بجودته العالية وكان يصدّر للسوق السعودي قبل الحرب”.

وأشار مرجانة إلى أن التقنيات الحديثة “المتوفرة” لدى الجانبين بإمكانها “كشف هذا النوع من الممنوعات، سواء في سوريا أو السعودية”. وأكد أن دمشق يمكنها “أن تعطي ضمانات للقيام بأعمال تفتيش قبل التصدير”.

وكانت النظام السوري تعهد بأن البلاد “ستتعاون مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين/أمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب”.

وجاء ذلك الإعلان عقب اجتماع، عقد في مايو الماضي في العاصمة الأردنية عمّان، ضم وزراء خارجية الأردن وسوريا والعراق ومصر والسعودية.

ونص بيانه الختامي وفق الخارجية الأردنية، على “تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية”.

وفي هذا الصدد، يشير المصطفى إلى أن السعودية “ستكون صريحة في الحديث مع الجهات المعنية عن الرقابة وأمن الحدود في الجانب السوري” قبل استئناف محتمل للتبادل التجاري المباشر.

“طريق طويل لبناء الثقة”

وقال إنه “خلال سنوات متتالية اكتسبت (السلطات السعودية) خبرة عالية في الكشف عن المخدرات ولديها تقنيات حديثة وكوادر مدربة، وفي ذات الوقت طالبت (المملكة) عبر القنوات الدبلوماسية من هذه الدول أن تمارس هي الأخرى مسؤولياتها في الرقابة وتفتيش الشاحنات والمحاصيل المشتبه بها قبل تصديرها”.

ومع ذلك، استبعد المصطفى أن تعود عملية تصدير المحاصيل الزراعية السورية إلى السعودية “سريعة جدا”.

وقال إن “الرياض ستكون لديها خطتها ونقاطها التي تريدها أن تتحقق، وستقدمها للجانب السوري الرسمي، من أجل تفعيل التعاون الأمني والرقابي بين الجانبين في هذا المجال”.

وأضاف: “الطريق نحو العلاقات بين الدولتين طويل، ويحتاج لبناء الثقة والتعاون الجاد، إلا أنه بدأ من أجل تخفيف الأزمات في الشرق الأوسط”.

المصدر: الحرة. نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى