اجتماع أردني سوري لمكافحة المخدرات… هل يتعاون النظام؟

محمد أمين

اجتمع قادة عسكريون وأمنيون من الأردن والنظام السوري في العاصمة الأردنية عمّان لمناقشة سبل مكافحة تجارة المخدرات وعمليات التهريب الواسعة إلى الأردن، وذلك في إطار خطة عربية تقودها عمّان للتطبيع مع نظام بشار الأسد، تشير المعطيات إلى أن هذا النظام لم يتعاطَ معها بشكل إيجابي.

وقالت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان، إن المحادثات، التي عُقدت الأول من أمس الأحد في عمّان، “أجريت برئاسة رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني من الجانب الأردني، ووزير الدفاع علي محمود عباس ومدير المخابرات العامة اللواء حسام لوقا من الجانب السوري”.

وأضاف البيان: “بحث الاجتماع التعاون في مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريبها عبر الحدود إلى الأردن. كما بحث الإجراءات اللازمة لمكافحة عمليات التهريب، ومواجهة هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها”.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية في حكومة النظام، في بيان، إن الاجتماع “بحث التعاون في مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريبها عبر الحدود إلى الأردن. كما بحث الإجراءات اللازمة لمكافحة عمليات التهريب، ومواجهة هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها”.

ويعد هذا الاجتماع الأول للجنة شكلها الطرفان في 4 يوليو/تموز الحالي، في محاولة للحد من عمليات تهريب واسعة النطاق للمخدرات من سورية إلى الأردن، تجري منذ نحو خمس سنوات.

وتتهم دول عربية النظام السوري بتسهيل تهريب المخدرات إلى الأردن ومنه إلى دول الخليج العربي، للضغط على هذه الدول للحصول منها على مكاسب سياسية واقتصادية مقابل إيقاف عمليات التهريب.

وفي إبريل/نيسان الماضي، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 6 أشخاص، بينهم اثنان من أقارب بشار الأسد، لدورهم في إنتاج الكبتاغون أو تصديره، فيما فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على 11 كياناً مرتبطاً بالنظام.

إحباط الأردن تهريب مخدرات

وأحبط الجيش الأردني الكثير من عمليات التهريب منذ سيطرة النظام السوري على محافظة درعا منتصف العام 2018. كما يُعتقد أنه نفذ في مايو/ أيار الماضي ضربتين جويتين نادرتين على جنوب سورية، حيث قصف مصنع مخدرات مرتبطاً بإيران، وقتل مهرباً يُعتقد أنه كان وراء عمليات تهريب كبرى عبر الحدود بين البلدين. ويؤكد الأردن أن 85 في المائة من المخدرات التي تضبط معدّة للتهريب إلى خارج الأردن، خصوصاً إلى السعودية ودول الخليج.

ودفع الجانب الأردني، منذ إبريل الماضي، بنهج جديد للتعامل مع النظام السوري، بعدما بات تغييره “هدفاً غير فعال”، يقوم على منهجية “خطوة مقابل خطوة” لتغيير سلوك النظام تدريجياً مقابل حوافز اقتصادية وسياسية.

وكان قد جرى اجتماع تشاوري عربي في مدينة جدة في إبريل الماضي، ضم وزراء خارجية دول الخليج ومصر والأردن والعراق، للعب دور عربي قيادي في حل الأزمة السورية، تبعه اجتماع “تشاوري” آخر في عمّان، أكد ضرورة الحل السياسي في سورية وعودة اللاجئين، وإيقاف تهريب المخدرات من سورية، وتسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر.

وعاد النظام السوري إلى الجامعة العربية، وحضر الأسد القمة العربية التي عقدت في جدة في مايو الماضي، في خطوة كان من المتوقع أن تكون دافعاً للأسد للتعاطي الإيجابي مع الجهود العربية، إلا أن المعطيات تؤكد أنه لم يقدم على ذلك حتى اللحظة.

وشكلت الجامعة العربية “لجنة اتصال” مع النظام، لمتابعة تنفيذ مقررات اجتماع عمّان، من المقرر أن تجتمع الشهر المقبل في العاصمة المصرية القاهرة.

ولدى الأردن العديد من الهواجس في ما يخص الملف السوري، في مقدمتها تنامي عمليات تهريب المخدرات من الجنوب السوري، وتحديداً من محافظة درعا، حيث باتت هذه العمليات أكثر خطورة مع استخدام المهربين طائرات مسيّرة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الجيش الأردني.

كما يعد الوجود العسكري الإيراني على الحدود الشمالية هاجساً أمنياً كبيراً للأردنيين، خصوصاً أن شواهد تؤكد أن المليشيات التابعة لإيران، أو المدعومة منها مثل الفرقة الرابعة في قوات النظام السوري، هي وراء عمليات تهريب المخدرات.

كما يشكل وجود نحو 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن، منذ أكثر من عقد، قلقاً اجتماعياً واقتصادياً لعمّان، التي تأمل أن يكون التطبيع مع الأسد بوابة واسعة لعودتهم. بيد أن الأخير يربط عودة اللاجئين السوريين من كل دول العالم برفع العقوبات المفروضة عليه من دون تقديم أي تنازل سياسي.

الخطة الأردنية لم تحقق أي تقدم

وتعليقاً على اجتماع عمّان العسكري والأمني بين الأردن والنظام، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الخطة الأردنية للتعامل مع الأسد “لم تحقق أي تقدّم”.

وأضاف: تهريب المخدرات لا يزال قائماً من مناطق النظام إلى الأراضي الأردنية. وتابع: الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام) ضالعة في عمليات التهريب، فكيف يوقف النظام هذه الفرقة؟ لا أعتقد أن هذه الاجتماعات ستثمر عن شيء في ظل حاجة النظام للعملة الصعبة.

ورأى زيادة أن الأردن “يدفع ثمن الخيارات السيئة في التطبيع مع نظام الأسد”، مضيفاً: ليس أمام عمّان إلا القيام بحملات عسكرية داخل الأراضي السورية من أجل معاقبة وتتبع المسؤولين عن صناعة المخدرات.

كما أعرب عن اعتقاده أن الخطة العربية للتعامل مع الأسد والتي يقودها الأردن “فشلت منذ ولادتها”، مضيفاً أن الكل يعرف أن النظام لا يستجيب، فهو يعتبر نفسه المنتصر على الأرض، وعليه فهو من يفرض شروطه.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى