تواصل المنظمات الحقوقية السورية ضغوطها لكشف مصير المفقودين، وتسعى إلى إبقاء قضاياهم ضمن الأولويات، خصوصاً بعدما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، إنشاء مؤسسة تعمل لكشف مصير المفقودين والمخفيين في سورية، ومحاولة تحديد أماكن وجودهم، بالتزامن مع العمل لدعم أسر الضحايا، وذلك بعد سنوات من القتل والإخفاء والتنكيل والاضطهاد الذي مارسه النظام السوري أمام عيون العالم.
لكن العمل الدؤوب لا يمنع استمرار سلوك المنظمات المعنية طريقاً مسدوداً، بسبب تعنت النظام السوري، وغياب الآليات الحقيقية والأدوات المناسبة للضغط عليه، في حين تشكّل الأهمية الإنسانية للقضية الدافع الأساس لمواصلة الجمعيات والمنظمات عملها، وأحدها “مؤسسة المفقودين” الحقوقية السورية التي تأسست للبحث عن المفقودين، والعمل لدفع المنظمات الدولية إلى المشاركة في القضية، إذ عقدت ندوات في مناطق عدة، بينها إدلب وشمال حلب، من أجل الحفاظ على زخم قضية.
وشارك في الندوات التي نظمتها “مؤسسة المفقودين” ممثلو منظمات للمجتمع المدني، ومحامون، وناشطون حقوقيون، وأهالٍ لمعتقلين ومفقودين. وهي تهدف إلى توجيه الرأي العام من أجل خلق مناصرة صحيحة وممارسة ضغوط لكشف مصير المختفين والمغيبين قسرياً، ومعالجة ملفات المعتقلين.
قال الناشط والحقوقي رامي النومان، لـ”العربي الجديد”: “سلّطت الندوات الضوء على قضية المفقودين الإنسانية والحساسة، خاصة في ظل الحراك الدولي لإنشاء مؤسسة تعنى بالقضية، وشملت أماكن وجود أهالي المفقودين، من أجل تعريفهم بالأنشطة التي تنفذها المنظمات الدولية والمحلية في هذا الشأن، وتوضيح كيفية تعاملهم معها”.
وعزا النومان مواجهة المبادرات طريقاً مسدوداً وتعنتاً من النظام السوري، وعدم تجاوبه مع قضية المفقودين، إلى دور إيران المؤثر في ملف المعتقلين السوريين، وقال: “يجب تنفيذ خطوات كثيرة، بينها توثيق سجلات المعتقلين والمفقودين، والتواصل مع المنظمات الدولية، وكذلك دعم أهالي المفقودين كي ينظموا أنفسهم، ويشكلوا روابط تعمل للوصول إلى الجهات الدولية والمنظمات المعنية، كما يجب توعية هؤلاء الأهالي بكيفية التعامل قانونياً مع الملف”.
وأكد عضو منظمة “العدالة من أجل السلام” ياسر العثمان، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن المنظمات السورية اضطلعت بالتعاون مع أسر مفقودين بدور فعّال في اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار إنشاء مؤسسة للمفقودين، وذلك بعدما تواصلت مع مسؤولي المنظمة الدولية، وأصرّت على التحرك والعمل لكشف مصير المفقودين”.
وأضاف: “لا يوجد أي تنسيق مع النظام السوري في شأن المعتقلين، إذ لا يتواصل أهاليهم أصلاً معنا كي نوّثق مطالبهم، وهم يتحاورون بأنفسهم مع جهات دولية في هذا الشأن. وشخصياً لا أتوقع أن يستجيب النظام لأي طلب في قضية المعتقلين، لذا لن نبيع أهالي المفقودين أوهاماً. وبالنسبة إلى المؤسسة التي قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسيسها ستنفذ مهمات إنسانية فقط، ولن تجري أي محاسبة. ونحن في كل الأحوال لن نستعجل بالحكم على هذه المؤسسة قبل أن تبدأ عملها، ونتمنى أن تنجح في كشف مصير المفقودين في أسرع وقت، وتدعم تنفيذ خطوات أو آليات ملزمة، وهذا ما طالبنا به”.
المصدر: العربي الجديد