قراءة في كتاب:النصيرية العلوية في سورية || السياسة تصادر الطائفة

أحمد العربي

الكتاب محاوله للدخول في موضوع شائك ومختلف فيه وعليه، ومحمل بثقل الواقع والثورة السوريه، وفعل النظام الاستبدادي السوري الذي يقوم بقتل الشعب السوري وتشريده ، ويدمر البلد. هذا النظام الذي يتدرع بالطائفة العلوية مدعيا حمايتها، ويستخدم دمها ودم الشعب السوري ليستمر في السلطة، و مستدعيا الروس والايرانيين وحزب الله ومرتزقة دوليين ضد الشعب السوري، ومحتلين ايضا.

.الكتاب مختصر، ويعود تاريخيا لاصل مشكلة الحكم في الاسلام، وقول فريق منهم (الشيعه بفرقهم) ان الحكم بعد الرسول ص يجب أن يكون لعلي بن أبي طالب وابنائه من بعده ، وراثة بتكليف إلهي. وهذا موضوع مختلف فيه دينيا وسياسيا.

.الكتاب يؤرخ لأصل وجود العلويين النصيريه، نسبة لمحمد بن نصير النمري ، الذي اختلف مع الشيعه الاثني عشريه، الذين قالوا بعد غياب الامام الثاني عشر محمد ابن الامام العسكري بان له اربع سفراء ينقلون أوامره لأتباعه الشيعه، بينما نصير النمري تحدث عن باب (رجل) يتواصل مع الامام وينقل اوامره، وادعى انه هو(نصير النمري) الباب المقصود للتواصل مع الامام الغائب، واكد ان لكل امام باب بدء من علي حتى الامام الغائب، وكان هذا بداية الافتراق عن الاثني عشرية ؛ التي تؤمن بالأئمة الاثني عشر ، بداية بعلي وانتهاء بالإمام محمد المهدي الغائب، وهم في حالة انتظار له، والتي عوض الخميني بنظرية ولاية الفقيه غيابه، بحيث أعاد للشيعة الاثني عشرية حق الحكم إلى أن يعود الإمام، وتمثل بنظرية نائب للإمام الغائب الذي يحكم في إيران منذ الخميني وبعده الخامنئي وبأمر الهي؟!!. ،وهذا حديث آخر، واعطى نصير النمري للائمه صفات تتجاوز النبوة وتصل للالوهية في كثير من الاحيان، وتتبع الكاتب مسيرة الفرقة التي نسبت لنصير هذا ، وأحيانا نسبت الفرقة الى كنيته النمرية، وجاء بعد ذلك بعض رجالاتهم ممن نظّروا وفسّروا واكدوا هذه الفحوى، كابن خصيب وغيره، لنصل في التاريخ المعاصر عارف الطويل وعبد الرحمن الخير وغيرهم.

. حاول اغلب مفكريهم وخاصة المعاصرين ابعاد صفة الغلو عنهم ، واكدوا انهم إحدى فرق الاثني عشريه، ولكن حجة المختلفين معهم قوية؛ بانهم يتعاملون مع النص القرآني بظاهر لفظي وباطن سري حقيقي حسب اعتقادهم ، وعدم وجود المساجد عندهم، وغياب العبادات عموما في حياتهم كالصلاة والصوم والحج، رغم تبريرهم ذلك بانهم اضطهدوا تاريخيا من السلطان سليمان القانوني عند فتحه لبلاد الشام، و يستحضرون  مجازر قتلوا بها في جوامع حلب ايامها كما يدعون، ومع ذلك يواجهوا بانهم لم يلتزموا بالعبادات، رغم زوال ظروف الخوف والتقية.

.هناك الكثير من الكتابات التي تكشف سترهم منها القديم من الفرق المختلفه معهم وكذلك المعاصرين، ويحاول الكاتب أن يظهر اراءهم وآراء المختلفين معهم . ويؤكد ان المواقف التكفيريه المتبادله هي نتاج السياسة ، وليست ذات أصول فكرية دينيه، وهو هنا لم يدرس بعض المراجع التي وصلت لكتبهم السريه وأكدت باطنيتهم وتأليههم لعلي والأئمة بعده، وتحويل العبادات الى سلوكيات مختلفه تخدم موضوع الاعتقاد هذا عندهم، وهناك في التاريخ مثل ذلك فهذه المسيحية تؤله بشرا، واغلب العقائد في التاريخ يتقاطع عندها البشري مع الالهي، وليس من العلميه ان نلغي حقائق تاريخيه تحت دعوى التقريب، والصحيح ان نعرف الحقيقه ونحترم اختلافنا وتنوعنا ، ونستند بتفاعلاتنا الحياتيه للصالح العام، وليس عقائدنا المتنوعه والمختلفه أغلب الأحيان.

.يدافع الكاتب عن فكرة أن كون الحاكم من طائفة معينه لا يعني انه يعبر عنها، مستنتجا ضرورة الفصل بين الحاكم وسياسته وطائفته، ويقدم مثالا  صدام حسين كونه سنيا لا يعني ان سلطته سنيه، وكذلك الاسد الاب فكونه علويا لا يعني أنه يحكم باسم الطائفه، وهنا لب الكتاب، وهذه فكرة تحتاج لنقاش من قبلنا: نعم ان صدام حسين لم يكن يمثل السنية في العراق فهو مستبد استخدم كل مكونات الشعب العراقي ، البعض والاه والبعض عاداه ولا سمة طائفيه في حكمه، لكن الاسد الاب في سوريه له وضع مختلف؛ ومن العلمية ان نتتبع واقع الحال في سورية ، حيث الحالة معاصرة ومعاشه، فرغم ان الحكم في سوريا غطى نفسه بانه حكم البعث القومي العربي، وكان وزير دفاعه سنيا ، وبعض وزرائه من كل طوائف سوريا، وشعاراته قوميه، لكن ذلك شكل غطاء شكليا لحقيقة الحكم في سوريا، فالجيش العامل قيادته وضباطه وجنوده المتطوعين ، هم أغلبيتهم المطلقه من العلويين ، وكان ذلك يحصل بمنهجية مدروسة وعبر عشرات السنين، لا يغطي هذه الحقيقة كون الجيش الاجباري (من يخدم فترة السنتين او أكثر اجباريا في الجيش)، الذي يمثل الجنود وبعض صف الضباط كانوا من مجموع الشعب السوري، وهم الذين ينفذون اوامر السلطة، واغلبهم انشق بعد الثورة السوريه، وكذلك الهيمنه على الامن ومراكز السلطة الفعلية كاملة من قبل كوادر من الطائفة العلوية، وتوسع ذلك ليصل لكل مناحي الحياة الاقتصاديه والاداريه في الدوله وفي المجتمع السوري، وهذا لم يعد سرا ، ووجود بعض الافراد من دين أو طائفة أخرى في هذا القطاع او الاخر في الدولة، لا يغير من حقيقة الهيمنه لابناء الطائفة العلوية على الدولة في كل مفاصلها،  وهذا لا يعني ان كل علوي في سوريا ينتفع من النظام ، فهم كجزء من الشعب ضحايا للنظام المستبد ، بعضهم اعتقل سياسيا واغلبهم في الارياف فقير، ولكن السلطه ببنيتها العصبويه عائليه وممتده بشبكة المصالح في الطائفه، وادراك هذه الحاله يفسر نسبة تورط الطائفه العلويه في سوريا في دم الشعب السوري وفي دم ابنائهم، دفاعا عن نظام اوهمهم انه يمثل مصالحهم، ولكنه بالحقيقة يستخدم حياتهم ودمهم لاستمرار سلطته الاستبداديه التي تستعبد الشعب السوري وتعرض البلد للدمار والاحتلال ايضا.

.الكتاب محاولة لتتبع التاريخ بشكل غير ناضج، ويتورط في توفيقية غير سليمه، ولا يدرس حقيقة النظام السوري وبنيته الطائفية المعقدة، وتخفيه وراء ادعاء قومي ومقاوم، ووصل لمستوى قياسي لم يحصل تاريخيا من قتل حكام لشعبهم، او استدعاء المحتلين من ايرانيين وروس وحزب الله والمرتزقه..الخ، لاجل الحفاظ على الحكم، ولو قتل كل الشعب وشرده، وتحولت البلاد لخراب ومدن اشباح تستدعي الثأر دوما.

.كتاب يطل على الحاله ولا ينصفها.

.ونحن هنا نؤكد اننا ورغم معرفتنا بحقيقة الاعتقاد العلوي؛ فنحن لا نرى غضاضة باي اعتقاد فنحن في عصر الحريه، المهم السلوك المجتمعي والصالح العام.

.ونحن رغم معرفتنا بان النظام يستخدم الطائفة العلويه في معركته ضد الشعب السوري؛ فاننا نعتبر ان الطائفية العلويه جزء من الشعب السوري، ومن مستقبل سوريا السياسي، على قاعدة الدولة الوطنية الديمقراطية؛ دولة المواطنة المتساوية في الحقوق أمام القانون، وان ثورتنا ستنصف شعبها وستحاسب كل مسيئ لها من اي طرف كان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى