اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف يتصدر الاحتجاجات في شمال سورية

منهل باريش

شهدت مدينة الباب الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري المعارض، مظاهرة احتجاجية غاضبة ضد عناصر الشرطة المدنية على خلفية إزالتهم صورة للناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف «أبو غنوم» من مدخل حديقة الشعب.

وكان «أبو غنوم» قد تعرض لعملية اغتيال برفقة زوجته حنان محمد الحسن التي كانت حاملا في شهرها الخامس، منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وجرت عملية الاغتيال وسط مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وتشير الاتهامات إلى تورط «فرقة الحمزة» في ذلك.

وقال أحد نشطاء مدينة الباب لـ «القدس العربي» إن عناصر من الشرطة المدنية في الباب أزالوا صورة للناشط «أبو غنوم» من مدخل حديقة الشعب أو «شاهين بي» حسب التسمية التركية، في المدينة قبل أكثر من أسبوعين، وبعد أن تواصلت الفعاليات المدنية ونشطاء من الباب مع رئيس المجلس المحلي حينها، مصطفى عثمان، ورئيس مجلس الثوار عادل تمرو، نفى الطرفان ضلوع الشرطة بإزالة صورة «أبو غنوم» وأشارا إلى أن مكان الصورة غير مناسب، وذلك من شأنه أن يغير اسم الحديقة ودوار السنتر المقابل لاسم الشهيد «أبو غنوم».

وأضاف الناشط، أن الفعاليات الشعبية والمدنية عدلوا مكان الصورة لتصبح أسفل اسم حديقة الشعب، أو «شاهين بي» كما أضافوا اسم الحديقة أعلى اللوحة التي تحمل صورة «أبو غنوم» إلا أن عناصر من الشرطة، أو ما يعرف في مدينة الباب بقوات «التدخل السريع» حاصروا موقع الحديقة وأنزلوا اللوحة ما أثار غضب واستياء أهالي المدينة، الذين تجمعوا في مظاهرة غاضبة طالبت بإعادة اللافتة، ونادت بالقصاص من «فرقة الحمزة» المتهمة باغتيال الناشط «أبو غنوم».

وأشار المصدر ذاته، إلى أن قوات «التدخل السريع» بقيادة العقيد يوسف شبلي التابع لـ «فرقة الحمزة» واجهت المتظاهرين والأهالي بـ «الفلفل الحار» لتفريقهم، إلا أنها مع غضب الأهالي واستمرارهم في الاحتجاج طالبتهم بتأجيل رفع اللافتة إلى اليوم التالي نظرا لتزامن الاحتجاجات مع عملية انتخابات المجلس المحلي لمدينة الباب، إلا أن الأهالي أصروا على إعادة اللافتة، التي أعيدت بالفعل.

وعلمت «القدس العربي» من مصادر محلية مطلعة، أن ممارسات الشرطة المدنية وقوات «التدخل السريع» التي يقودها الشبلي الموالي لقائد فرقة الحمزة، سيف بولاد المعروف باسم «سيف أبو بكر» أتت كرد فعل في مواجهة موافقة رئيس المجلس المحلي، مصطفى عثمان على رفع صورة «أبو غنوم» بعد تواصله مع نشطاء وفعاليات مدنية، ورغبة «فرقة الحمزة» في استغلال الفرصة لتعيين رئيس مجلس في الباب من طرفها هو عدنان صباغ.

وفي السياق ذاته، أفادت المصادر بأن عملية محاسبة المتورطين في عملية اغتيال الناشط «أبو غنوم» لا تزال مضللة، في ظل محاولة الشرطة المدنية و«فرقة الحمزة» حرف مسار القضية وتحميل مسؤوليتها للقيادي في «فرقة الحمزة» أبو سلطان الديري ومن كان معه فقط، دون الوصول إلى «سيف أبو بكر» الذي استخدم أحد أهالي الباب من التابعين له (أبو صالح الجبلي) كشاهد على براءته من العملية.

وأضافت المصادر، أن وفدا من أهالي بلدة بزاعة التي ينحدر منها سيف بولاد، قائد «فرقة الحمزة» توسطوا لدى عائلة الناشط أبو غنوم لسحب الدعوى بحق فرقة الحمزة وقياداتها، عارضين على ذوي الناشط ثلاث (ديّات) كتعويض على مقتله، وتبلغ قيمة كل ديّة 19 ألف دولار، إلا أن عائلة الناشط رفضت ذلك، وطالبت الوفد بمغادرة منزلهم.

ولا تزال مدينة الباب تشهد حركات احتجاجية شعبية متتالية على خلفية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف «أبو غنوم» وزوجته الحامل، والتي تبين بعدها بأيام قليلة ضلوع «فرقة الحمزة» بتنفيذها، إثر اعتقال الجهاز الأمني في «الفيلق الثالث» عددا من أفراد الخلية المنفذة، بعد تتبع مئات الكاميرات في مدينة الباب، حيث تبين أن القتلة كانوا يراقبون القتيل وهو يتنقل على دراجته النارية في المدينة. ووجد «الفيلق الثالث» الذي تعتبر «الجبهة الشامية» عموده الفقري، أن الفرصة مواتية للقضاء على فرقة الحمزة الموالية لتركيا، إلا أن هجوم «الشامية» دفع «هيئة تحرير الشام» التي يقودها أبو محمد الجولاني (جبهة النصرة سابقاً) لاستغلال الموقف والتدخل كحليف إلى جانب «فرقة الحمزة» الأمر الذي شرعن تواجدها ودخولها إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي، حيث بنت تحالفا غير معلن مع «فرقة السلطان سليمان شاه» التي يقودها محمد الجاسم أبو عمشة، ومع فرقة الحمزة التي يقودها سيف أبو بكر. وعززت حضورها بدعم المنشقين عن «الجبهة الشامية» وتأسيسهم تجمع الشهباء ودعم التجمع ماديا من خلال صرف رواتب كامل عناصره بعد أن أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة عدم قبولها بوجود «التجمع» خارج فيالقها الثلاثة الرسمية.

وفي إطار تطورات الأحداث في مدينة الباب، أفاد الموقع الرسمي للحكومة السورية المؤقتة بتعيين محمد هيثم الزين الشهابي رئيسًا للمجلس المحلي لمدينة الباب، بعد ان فاز بالتزكية في انتخابات المجلس نتيجة لعدم ترشح أي شخص آخر لمنصب رئيس المجلس، وحسب الموقع فقد حضر وزير الإدارة المحلية والخدمات في الحكومة المؤقتة، محمد سعيد سليمان، والأمين العام للحكومة المؤقتة فايز نابي.

وقال وزير الإدارة المحلية، حسب ما ورد على موقع الحكومة المؤقتة «انتخب اليوم رئيس وأعضاء المجلس المحلي في كل من الباب وقباسين وبزاعة، من خلال الترشيحات الواردة من الفعاليات والمكونات المجتمعية والأهالي».

وأضاف، أن اللجنة الانتخابية أعلنت أسماء الفائزين، لافتًا إلى حصول أربع نساء على عضوية مجلس مدينة الباب المحلي. وقال ناشطون محليون، إن قائمة أعضاء المجلس المعيّن ضمت 30 اسما، قبل اعتراض عائلات من مدينة الباب لعدم تمثيلهم ضمن المجلس، لتصبح قائمة أعضاء مجلس الباب 32 عضوا.

وأضاف الناشطون، أن رئيس المجلس المعين بالتزكية، محمد هيثم الزين الشهابي يشغل إلى جانب منصبه الجديد عضوية في الائتلاف الوطني السوري المعارض، فضلاً عن أن رئاسته لمجلس الباب المحلي هي للمرة الثانية بعد أن عُين في نهاية 2020 رئيسا للمجلس، خلفًا لجمال عثمان، وبقي الشهابي في منصبه حتى نهاية 2021 حيث عُيّن مصطفى عثمان رئيسا للمجلس، وهو شقيق جمال عثمان.

والشهابي، من مواليد مدينة الباب 1972 حاصل على إجازة في الحقوق، وضابط شرطة عمل في فرع الأمن الجنائي في محافظة إدلب وأقاله النظام من منصبه قبل انطلاق الثورة لأسباب مجهولة، وبعد بدء عملية «درع الفرات» واستعادة القوات التركية والجيش الوطني على مدينة الباب من سيطرة «داعش» تطوع الشهابي في إحدى الدورات التدريبية للشرطة الحرة بإشراف الجيش التركي، وعيّن بعد ذلك رئيسًا لمديرية الأمن العام في مدينة الباب.

الجدير بالذكر، ان مجلس مدينة الباب انتهت ولايته منتصف تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وبقي في حالة تسيير الأعمال حتى الآن.

وفي بيانٍ لها، أعلنت عدة فعاليات مدنية في الباب، مطلع الشهر الجاري اعتراضها على تعديلات في النظام الداخلي للمجلس المحلي أجراها الرئيس السابق مصطفى عثمان والمعروف محليًا بـ «مصطفى أبو الشيخ» وتناولت التعديلات التي صدرت عن رئيس مجلس الباب في 13 نيسان (أبريل) بنودا في آلية انتخاب رئيس المجلس، حيث أعطت التعديلات ممثلي مدينة الباب حق تعيين رئيس المجلس بدون توضيح آلية وطريقة ذلك، وكانت قبل التعديل، وحسب المادة السابعة من النظام الداخلي «يتم الترشح بعد تأدية القسم، وإجراء انتخابات سرية لرئيس المجلس لدورة انتخابية مدتها عام واحد».

وجاء في بيان الفعاليات، الذي حصلت «القدس العربي» على نسخة منه، أن التعديلات التي صدرت وفق قرار رئيس المجلس مصطفى عثمان تعتبر لاغية شكلاً لعدم وجود الاختصاص، وهذا ما ينص عليه نظام المجلس المحلي الداخلي.

ووقع على البيان المذكور كل من مجلس وجهاء الباب، والاتحاد العام لعمال مدينة الباب، ونقابة صيادلة الباب، وتنسيقية الباب، وثوار وناشطو الباب، والتجمع الوطني للحاضنة الشعبية.

وبالتوازي مع البيان، اعترضت الفعاليات على التعديلات الأخيرة للمسؤول التركي المباشر على الفعاليات المدنية في الباب براق آك إيلر، والذي التقى بممثلين عنهم في السابع من الشهر الجاري، واستجاب لمطالبهم، مؤكدًا على إلغاء قرار التعديلات.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى