اعتبر المحلل والأكاديمي جيمس دورسي أن الرئيس السوري بشار الأسد يلعب دوراً مؤثراً فيما وصفه بدبلوماسية البوكر في التطورات الجارية في الشرق الأوسط.
ويعني بدبلوماسية البوكر استخدام المهارات والاستراتيجيات الدبلوماسية في موقف تتفاوض فيه الأطراف أو تحاول التأثير على مواقف بعضها البعض، لكن كل طرف يحاول إخفاء نواياه ودوافعه الحقيقية. وقد تستخدم الأطراف تكتيكات مختلفة مثل تقديم تنازلات أو تقديم حوافز أو التهديد بعواقب لمحاولة تحقيق النتيجة المرجوة.
وذكر دروسي في تحليل نشره بموقع مودرن دبلوماسي، أن الأسد وضع استعادة السيطرة على كل سوريا في صميم الجهود المبذولة لإدارة العديد من الخصومات في الشرق الأوسط، معتبرا أن مطلب الرئيس السوري يعني أشياء مختلفة لأطراف مختلفة.
ولفت دروسي إلى أنه بالنسبة لمجموعة من الدول العربية بقيادة السعودية والإمارات، فإن ذلك يعني إعادة سوريا إلى الحظيرة العربية كجزء من محاولة للحد من النفوذ الإيراني، والحد من تهريب المخدرات، وإعادة اللاجئين السوريين والنازحين داخليا إلى منازلهم.
وبالنسبة للأسد، فإن ذلك يعني الجماعات الكردية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة، والجهاديين، والمسلحين المدعومين من تركيا في شمال سوريا، والقوات التركية والأمريكية.
وإضافة لذلك، سوف تضم دول الخليج القوات الإيرانية والجماعات المتحالفة معها، التي ينظر لها الأسد حلفاء تم دعوتهم إلى سوريا بشكل حكومي لمساعدته.
ولم تؤد المحادثات التي جرت بوساطة روسية بين كبار المسؤولين الأتراك والسوريين، والتي تضم أيضا ممثلين إيرانيين، إلى عقد اجتماع بين الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
والأسبوع الماضي، اجتمع نواب وزراء خارجية الدول الأربع في موسكو لصياغة خارطة طريق لاجتماع بين الزعيمين السوري والتركي.
لكن الأسد اشترط لعقد اجتماعا مع الزعيم التركي استعداد تركيا لسحب جيشها من شمال سوريا واستعادة الوضع الذي كان سائدا قبل الحرب السورية.
ونشرت تركيا آلاف الجنود في شمال سوريا، مما منع الجيش السوري المدعوم من روسيا من استعادة المنطقة.
وربما يعتمد التقدم في المحادثات التركية السورية على نتيجة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجرى في تركيا في 14 مايو/أيار الجاري، والتي يعتقد أن حظوظ المتنافسين فيها متقاربة.
وتعد إسرائيل من العناصر التي تأثير غير متوقع في تلك اللعبة، والتي من شأنها أن تعمل على تعقيد استقرار سوريا.
من غير المرجح أن توقف إسرائيل هجماتها على المواقع الإيرانية وعمليات حزب الله اللبناني المدعومة من طهران؛ ونتيجة لذلك، من المرجح أن ينتج عن رضوخ الدول العربية لمطلب الأسد، على الأكثر، مقايضة محدودة.
وكانت قطر قد أعربت عن معارضتها عودة الأسد إلى الحظيرة العربية قبل محاسبته على جرائهم.
وأشار رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن ” هناك أسبابا لتعليق سوريا من جامعة الدول العربية ومقاطعة النظام السوري في ذلك الوقت، وما زالت هذه الأسباب قائمة. توقفت الحرب، لكن الشعب السوري لا يزال مشردا، وهناك أبرياء في السجون، وهناك أشياء كثيرة.”
ومع ذلك، مع قلق القادة العرب من أن الضغط على الأسد لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات الحرب، وتخفيف زمام الأمور السياسية، والانخراط بصدق مع جماعات المعارضة، وإطلاق سراح الآلاف من السجون، من شأنه أن يركز الانتباه على الأنظمة الاستبدادية الخاصة بهم وسجلات حقوق الإنسان الملطخة، فإن معالجة أزمة اللاجئين من غير المرجح أن تسفر عن نتائج في أي وقت قريب.
علاوة على ذلك، فإن تشجيع اللاجئين على العودة وإقناع الأسد بالابتعاد عن إيران سيتطلب استثمارات كبيرة في إعادة إعمار سوريا. ومن المرجح أن يعيق ذلك العقوبات الأمريكية التي ستبقى سارية، حتى لو عاد الزعيم السوري إلى الحظيرة العربية.
وبدون استثمارات كبيرة، من المرجح أن يعود عدد قليل من اللاجئين إلى بلد يعيش فيه ما يقدر بنحو 90 % من السكان تحت خط الفقر، وعملة محلية انخفضت قيمتها بنسبة % 75، وتضخم يصل إلى ما يقدر بنحو 55 %.
المصدر | جيمس دروسي/ مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد