أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن ارتياحهما المتبادل لأسعار النفط، واتفقا على تعزيز التعاون في شراكة طاقة أثارت غضب واشنطن.
وقال الكرملين: “جرت المحادثة بطريقة ودية، وكانت بناءة وغنية بالمعلومات. ومع وضع ذلك في الاعتبار، تم الاتفاق على بناء اتصالات في مجالات محددة من التعاون”.
جاءت هذه الدعوة بعد أسابيع من قيادة الرياض لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لخفضٍ “طوعيّ” في إنتاج النفط الخام بنحو 1.2 مليون برميل يومياً.
وصدمت هذه الخطوة المفاجئة كلّاً من واشنطن والمضاربين في السوق الذين راهنوا على انخفاض أسعار النفط، وسط مخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي.
وحذّرت وكالة الطاقة الدولية من أنّ الخفض سيؤدي إلى تفاقم عجز النفط العالمي، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
ونقل تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن محللين قولهم إن قرار السعودية بتقييد الإمدادات، يعد انتصار لبوتين الذي يحتاج إلى أسعار نفط قوية لدعم حربه في أوكرانيا.
والتنسيق بين السعودية وروسيا بشأن أسعار النفط أمر رائع بالنظر إلى أن البلدين انخرطا في حرب أسعار مريرة، قبل بضع سنوات فقط.
في مارس/آذار 2020، مع تعرّض أسعار النفط للضغط بالفعل نتيجةً لوباء فيروس “كورونا”، أجرى بوتين مكالمة هاتفية مع بن سلمان لمناقشة الإنتاج، وتحوّلت المكالمة إلى مباراة صراخ.
وقال مسؤول سعودي حينها، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته: “كانت المحادثة شخصية للغاية.. صرخوا على بعضهم البعض.. رفض بوتين الإنذار، وانتهت المكالمة بشكل سيئ”.
وبعد الخلاف، قرّرت الرياض إغراق السوق بالنفط، ودفعت هذه الخطوة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب إلى التدخل، إلى جانب الدول الغربية، لإقناع السعودية وروسيا في نهاية المطاف بخفض الإنتاج ودعم الأسعار.
في الآونة الأخيرة، برز إنتاج النفط كواحد من العديد من خطوط الصدع في علاقات إدارة بايدن بالرياض.
وبالإضافة إلى العمل مع روسيا في سوق النفط العالمية، وافق بن سلمان على إعادة العلاقات مع إيران في صفقة توسّطت فيها الصين، ويسعى لإعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي حينِ أنّ روسيا قد تستفيد من بعض هذه المبادرات، فإنّ دمشق حليف رئيسيّ لروسيا في المنطقة والكرملين قريب من طهران وبكين، فإنّ سوق النفط العالمية تسلّط الضوء على كيف أن المصلحة الذاتية للرياض تدفع العلاقات.
ويرى بعض المحللين أيضًا مخاطر محتمَلة في المستقبل في العلاقة.
ووفق “ميدل إيست آي”، تبادلت دول الخليج أماكن مع روسيا في تجارة الطاقة العالمية، حيث أعادت الرياض توجيه مبيعاتها إلى أوروبا، بينما استعانت موسكو بعملائها التقليديين في آسيا بأسعار مخفضة.
ونقل التقرير عن خبير الطاقة والزميل في معهد بيكر بجامعة رايس جيم كرين: “أوروبا هي سوق النفط بالأمس.. إنها تتعجل للتخلص من الوقود الأحفوري بأسرع ما يمكن”.
وأضاف: “السعودية لا تريد أن تفقد حصتها من السوق في أسواق النمو الكبيرة في آسيا وأن تتاجر بها مقابل ركود في الأسواق الأوروبية المتراجعة”.
لكن تخفيضات الإنتاج تُبقي كلّاً من الرياض والكرملين سعداء.
وتستخدم السعودية أرباحها غير المتوقّعة في عائدات النفط لمتابعة المشاريع الضخمة مثل مدينة نيوم المستقبلية وشركة طيران جديدة، والتي صمّمت لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي الوقت نفسه، تساعد الأسعار المرتفعة على تعزيز صندوق الحرب الروسي.
المصدر: الخليج الجديد