جاء العيد يسأل عني
و أنا كنت في السجن
أرسم على الجدار نافذة
لأرصد الهلال في الليل العتم
جاء العيد يسأل عني
و أنا كنت في خيمة شمطاء
خلف حدود وطني
قدماي حافيتان
ويداي مغلولتان إلى ذقني
جاء العيد يبحث عني
و أنا أبحث عنه
مثل طفل أضاع امه في الزحام
اختلطت مشاعره
و وجهه إشارات تعجب و استفهام
فلما وجدني.. أنكرني
و قال: هذا ليس ابني
و عاد العيد يبحث عني
و أنا أبحث عن ثياب لأطفالي
كي يتنكروا بها ليلاً
ليعرفهم العيد عندما يأتي
و أرسم لهم لوحة
فيها أراجيح وألعاب
و ابتسامات أطفال
و صياح البائعين
و حلوى من كل لون
و عيديات الأقارب
لكن العيد يخذلني
و يذهب بعيدا يبحث عني
و أنا قد هبطت مصر
بكى صاحبي لما رأى
الأمر دونه و أيقن
أنا لاحقان بقيصرا
فأمسك رأسه منشداً:
عيد بأي حال عدت
يا عيد….
فقلت لا تبك عينك..
فإني رضيت من الغنيمة بالإياب
فقال ودمع العين يسبقه:
هل عودة ترجى إلى الشام؟!!
و لو طال الزمن
فلما زجرته عن الجهل
بعد الحلم أسبلنا معاً..
فأطرق قائلاً:
أحق عاف بدمعك الهمم* ..
قلت: أصابح الليل مصلوباً
على أمل…
قال: وهل من عودة بلا ثمن؟!
فالعار يبقى.. والجرح يلتئم
ألست أنت قائله؟؟
قتلتني شجاعته
فبدأت من خيوط الغربة
خياط الكفن
* * *
ركب العيد جواده الاسود
و هرع يبحث عني
و أنا في واد غير ذي زرع
فقد وعدوه مائة ناقة
كي يدركني
و أنا في وحشة الصحراء
بين الدروب المهجورة
أبحث عنه ايضاً
كي أعطيه تاج كسرى
و سواريه..
و ذهبه وجدائل ابنتيه
و قد جن الليل
و اضناني المسير
فلا انا أدركته
ولا هو أدركني
و مازال العيد يبحث عني
ليضع القمر في شمالي
و الشمس في اليمن