بينما تتصاعد وتيرة التطبيع بين الدول العربية وحكومة نظام ميليشيا أسد، يتساءل الجميع عن موقف المعارضة من هذه التطورات، وكذلك موقف هذه الدول من المعارضة، خاصة أن أغلبها يتحدث عن ضرورة التوصل لحل سياسي، حتى وإن لم يعد الجميع يشترط أن يكون وفق القرارات الدولية.
وبهذا الصدد علمت “أورينت” أن كلاً من رئيس هيئة التفاوض ورئيس الائتلاف قد زارا المملكة العربية السعودية، كلٌّ على حِدة، بينما اجتمعت شخصيات بارزة في المعارضة من خارج المؤسسات الرسمية في العاصمة القطرية الدوحة، بالتزامن مع هذا الحراك.
لكن القاسم المشترك في جميع هذه التطورات هو التكتّم الشديد وشحّ المعلومات، على الرغم من تأكيد جميع من تم التواصل معهم على أنه ليس هناك ما يمكن البناء عليه بشكل جِدّي حتى الآن.
زيارة بدر جاموس للرياض
الحدث الأول على هذا الصعيد تمثّل بزيارة قصيرة أجراها رئيس هيئة التفاوض المعارضة بدر جاموس إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى قبل أكثر من أسبوع، مسؤولين في الاستخبارات السعودية.
وعلى مدار الأيام الماضية حاولت “أورينت نت” الحصول على أي معلومات حول ما جرى في هذه الزيارة، إلا أن المعلومات المتوفرة لم تحمل أي تفاصيل مهمة، حيث أكد أعضاء في الهيئة السياسية للائتلاف، وآخرون في هيئة التفاوض، أن ما أطلعهم عليه جاموس كان مختصراً، وأنه أبلغهم بأن المملكة كانت ترغب في معرفة مدى جاهزية المعارضة للانخراط في مبادرة الحل العربي إذا ما تم طرحها رسمياً.
سالم المسلط في السعودية
زيارة جاموس التي سبقت زيارة وزير خارجية حكومة نظام ميليشيا أسد إلى جدة بأسبوع، تلتها زيارة لرئيس الائتلاف الوطني سالم المسلط إلى المملكة العربية السعودية، وهذه الأخرى لم تتوفر عنها أي تفاصيل أيضاً.
لكن مصدراً في الائتلاف كشف لـ “أورينت” أن المسلط موجود في السعودية منذ أيام بالفعل، إلا أن الزيارة لا علاقة لها بالشأن العام، وأنه هناك مع أفراد أسرته في زيارة عائلية.
لكنّ تزامُنَ هذه الزيارة مع التطورات المتسارعة في ملف التطبيع العربي مع نظام أسد والذي تقوده الرياض، يدفع للتشكيك برواية (الزيارة العائلية) بطبيعة الحال.
بدوره فإن المصدر، وهو قيادي في الائتلاف، أكد أن المملكة لم تتواصل مع الائتلاف بشكل رسمي حتى الآن، وأنه إذا ما كان لديها أي نية للاتصال بالمعارضة فإنها ستتوجه على الأغلب نحو هيئة التفاوض.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الائتلاف قد اطّلع على مُجريات أو نتائج زيارة رئيس الهيئة بدر جاموس إلى الرياض، يقول المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه “ليس هناك تفاصيل كثيرة أو معطيات مهمة”.
وبدا المصدر غير متفائل بهذا الحراك أو بمستوى وطبيعة التواصل العربي مع مؤسسات المعارضة الرسمية، مؤكداً أن المشكلة حالياً ليست في الموقف من هذه المؤسسات كما كان يُروّج سابقاً، بل بموقف هذه الدول من المعارضة ككل، ومن القضية السورية من حيث المبدأ.
لقاء الدوحة
بالتزامن مع ذلك، وقبل أسبوعين تحديداً، التقت شخصيات بارزة في المعارضة السورية في العاصمة القطرية الدوحة “بهدف البحث عن سبل انتشال المعارضة من واقعها الحالي، والعمل من أجل حل سياسي في سوريا على أساس قرارات مجلس الأمن”.
وعلمت “أورينت نت” أن جميع هذه الشخصيات مستقلة حالياً وليست جزء من أي مؤسسة من مؤسسات المعارضة الرسمية، لكن معظمها سبق له العمل في الائتلاف والمجلس الوطني وهيئة التفاوض قبل العام ٢٠١٦.
رياض حجاب وبرهان غليون ومعاذ الخطيب وأسعد المصطفى وناصر سابا ومروان قبلان، بالإضافة إلى ستة آخرين على الأقل، التقوا بضيافة المركز العربي للأبحاث بهدف التشاور حول ما يمكن القيام به في ظل الواقع الحالي الذي تعيشه القضية السورية.
مصادر خاصة كشفت ل”أورينت” أن الهدف الحقيقي للقاء هو تشكيل نواة مؤتمر وطني لقوى الثورة والمعارضة ينتج قيادة جديدة لها، على أن يكون لقاء الدوحة، الذي عقد نهاية الشهر الماضي، الخطوة الأولى بهذا الاتجاه.
وحول تقييم اللقاء الأول وامكانية البناء عليه، تباينت تقديرات المصادر، بين متحمس لمخرجاته على الرغم من كون هذه المخرجات ما تزال مبدأية، وبين مشكك بامكانية الاستمرار في هذا المشروع “بسبب التباينات بين المشاركين” الذين اتفقوا على عقد لقاء قادم بهذا الخصوص لم يتم تحديد موعده بشكل رسمي.
وحسب المعلومات فإن الاجتماع القادم سيضم عدداً أكبر من الشخصيات، بعد الاتفاق على أن يرشح كل مشارك في لقاء الدوحة عدداً معيناً من الاسماء لضمها إلى نواة المشروع بعد التوافق عليها.
هذا كان كل ما تسرب من معلومات عن تواصل المعارضة مع الجانب السعودي من جهة، وعن التواصل فيما بين قواها وشخصياتها من جهة أخرى، وهو تواصل يمكن القول إن الهدف الرئيسي منه هو الوصول لجسم سياسي معارض يحظى بالشرعية والتمثيل المقبول من أجل الانخراط في مبادرة الحل العربي بعد أن يتم طرحها رسمياً.
لكن وبينما يبدو أن العرب متعجلين للبدء في تنفيذ مبادرتهم، لا يبدو أن المعارضة جاهزة لخوض هذا الاستحقاق، سواء هيئة التفاوض المنقسمة على نفسها والمعطلة منذ عدة سنوات، أو القوى والشخصيات المستقلة أو غير الممثلة في الهيئة، والتي ما زالت في طور الخروج من سباتها السياسي الطويل.
المصدر: أورينت