روسيا تزيد اهتمامها بسوريا وسط تباين مع تركيا في ليبيا

رائد جبر

أثار تعيين السفير الروسي لدى دمشق ألكسندر يفيموف مبعوثا رئاسيا خاصا لشؤون العلاقة مع سوريا، تساؤلات حول مغزى القرار ودلالات توقيته، في وقت قال مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يعكس أهمية المرحلة المقبلة في سوريا التي تتطلب ديناميكية ميدانية دبلوماسية في اتخاذ قرارات فورية على الأرض مباشرة». وزاد أن كون يفيموف ممثلا للرئيس الروسي فهو «سيكون أقدر على تنفيذ سياسة لا تسمح لأي طرف سوري بالتلاعب والمماطلة وهذا يأتي بالتوافق على أنه حان الوقت لبدء عملية الانتقال السياسي والتغييرات في سوريا».

اللافت أنه بالتوازي مع هذه التطورات، بدا أن الوضع في إدلب يتجه نحو مزيد من التدهور، في وقت برزت إشارات إلى تباين بين موسكو وأنقرة، حيال الوضع في ليبيا انعكس على الوضع الميداني في سوريا، وهو أمر نفت صحته مصادر روسية.

وجاء تعيين السفير مبعوثا خاصا للرئيس، في مرسوم وقعه الرئيس فلاديمير بوتين، ليضيف مزيدا من التكهنات حول مسار العلاقة مع دمشق، ومدى استعداد موسكو لإطلاق مرحلة جديدة من التعامل مع ملف التسوية في سوريا، تتضمن الشروع بوضع أسس لتنفيذ كامل للقرار الدولي 2254 بعناصره الثلاثة التي اشتملت الانتقال السياسي والإصلاح الدستوري والانتخابات.

كانت موسكو ركزت جهودها خلال المرحلة الماضية على المسار الدستوري بصفته المدخل لإطلاق عملية التسوية، لكن هذه الجهود اصطدمت بعراقيل عدة، بينها «تعنت المتشددين من طرفي الحكومة والمعارضة» وفقا لتعليق خبير روسي، لكن هذا لا يعني أن السفير يفيموف سيكون مكلفا بملف التسوية في منصبه الجديد، لأن هذا الملف يبقى بيد المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف الذي يواصل تنسيق الجهود في إطار مسار آستانة والاتصالات مع الأطراف المختلفة المعنية بما في ذلك الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سوريا غير بيدرسن. وهذا الأمر أوضحه بشكل جلي نص المرسوم الرئاسي الذي كلف السفير بمهام «تطوير العلاقة مع الجمهورية العربية السورية».

يذكر أنه في تاريخ روسيا الحديث كان الكرملين لجأ مرة واحدة في السابق إلى تسمية أحد السفراء مبعوثا رئاسيا خاصا، وحدث ذلك في عام 2001 عندما تم تعيين فيكتور تشورنوميردين رئيس الوزراء السابق آنذاك، سفيرا فوق العادة لدى أوكرانيا، مع تسميته مبعوثا رئاسيا خاصا لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري مع البلد الجار، واكتسب ذلك أهمية فائقة نظرا لإعطاء موسكو أولوية خاصة للعلاقة مع أوكرانيا، في ظل احتدام المنافسة مع الغرب الذي سعى إلى جر الجمهورية السوفياتية السابقة إلى معسكر العداء لروسيا. لذلك، فإن تعيين يفيموف مبعوثا رئاسيا يكتسب أيضا أهمية خاصة مماثلة حاليا، في سوريا، لكن من منظور مختلف بعض الشيء، لسبب أن الوضع في سوريا يتعلق بمواجهة المد الغربي بل بالتعامل مع الاستحقاقات الداخلية وبروز تنافس أو تباينات بين أطراف السلطة، كما تقف سوريا أمام استحقاقات كبرى، ما يتطلب أن تكون لدى السفير صلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات على الأرض وفقا للحاجة.

اللافت أنه بالتوازي مع هذه التطورات، بدا أن الوضع في إدلب يتجه نحو مزيد من التدهور وفقا لإعلانات وزارة الدفاع الروسية التي تحدثت خلال الأيام الأخيرة عن انتهاكات متتالية من جانب «جبهة النصرة» لنظام وقف النار، مع ما تبع ذلك من تصعيد ميداني.

وأعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا العقيد البحري أوليغ جورافليوف أمس، أن مسلحي تنظيم «جبهة النصرة»، قصفوا بلدة معرة موخص في محافظة إدلب السورية. لكنه لفت في المقابل، إلى «عدم رصد أي عملية قصف من قبل تشكيلات مسلحة غير شرعية موالية لتركيا»، خلال الـ24 ساعة الماضية. وحملت هذه الإشارة تأكيدا من المستوى العسكري الروسي على أن التنسيق مع تركيا لم يتعرض لهزات، وأن الاتفاقات الموقعة يتم تنفيذها «بشكل مرض للطرفين».

جاء هذا في وقت برزت إشارات إلى تباين بين موسكو وأنقرة، حيال الوضع في ليبيا انعكس على الوضع الميداني في سوريا، وهو أمر نفت صحته مصادر روسية.

وكان لافتا أخيرا، الإعلان عن سحب قوات تابعة لـ«مجموعات فاغنر» من ليبيا في ظل احتدام المعارك حول طرابلس، وبرزت تساؤلات حول سبب مسارعة موسكو إلى سحب هذه القوات، في حين أنها لم تتخذ قرارا مماثلا بسحب وحدات «فاغنر» من سوريا رغم أنها تعرضت لضربات قاسية عدة مرات من جانب القوات الأميركية.

وأوضح مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط» هذا الأمر بالإشارة إلى أنه لا يمكن الحديث عن قيام روسيا بسحب تلك القوات من ليبيا، لأن من سحبها هي «الشركات الخاصة التي أرسلتها» و«روسيا لا وجود عسكريا لها في ليبيا ولا تتحمل مسؤولية وجود شركات الحراسات أو المهام الخاصة».

وبالمقارنة مع سوريا، قال المصدر إنه «في سوريا القوات الروسية موجودة بشكل رسمي وشرعي وهي قادرة على حماية مواطنيها هناك، أما «مجموعات فاغنر» فهي تقدم خدمات لبعض الشركات السورية في مناطق لحماية المنشآت النفطية، ولا علاقة لروسيا رسميا بها، كما لا علاقة مباشرة للحكومة السورية بها». وزاد أنه «لم تظهر حاجة لسحب هذه الوحدات من سوريا لأن قرار وقف النار يجري تنفيذه ولا يوجد ما يهدد نشاط هذه الوحدات».

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى