تتباين ردود الفعل والآراء حول عودة رأس النظام السوري بشار الأسد إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضوية سوريا فيها منذ 12 عاماً، وذلك بسبب الحرب والانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق السوريين الرافضين لحكمه والمطالبين بإسقاطه.
وأشعل ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصادر متطابقة ومطلعة بأن السعودية تعتزم دعوة الأسد إلى القمة العربية المقررة في 19 أيار/مايو المقبل، ردود فعل كثيرة خاصة بين الناشطين السوريين داخل سوريا وخارجها، والذين أعرب غالبيتهم عن دهشتهم من الموقف السعودي المذكور.
وذكرت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز”، في وقت سابق أن السعودية والنظام السوري اتفقا على إعادة فتح سفارتيهما بعد قطيعة دامت 12 عاما، وذلك بعد محادثات في الرياض أجراها مسؤول استخباراتي سوري رفيع المستوى.
وقالت مصادر في آذار/مارس الماضي لـ”رويترز”، إن السعودية والنظام السوري توصلتا إلى اتفاق لإعادة فتح سفارتيهما بعد شهر رمضان.
ولم تؤكد وزارة الخارجية السعودية التوصل إلى اتفاق، لكنها قالت إنها تجري محادثات مع وزارة الخارجية التابعة للنظام السوري لاستئناف الخدمات القنصلية، حسب “رويترز”.
وتتوجه أنظار السوريين جميعها إلى القمة المقررة في الشهر المقبل، وسط السؤال الأبرز الذي يطفو على سطح الأحداث المتعلقة بالملف السوري “هل سيعود الأسد إلى الجامعة العربية؟ وماذا تعني عودته؟”.
الكاتب والمحلل السياسي أحمد مظهر سعدو قال لمنصة SY24: “حسب قراءتي للمتغيرات الجارية حتى الآن في المنطقة العربية وخاصة بعد عملية إعادة رسم سياسات جديدة في التعاطي مع المسألة السورية إبان التفاهم الذي تم توقيعه في الشهر الفائت بين المملكة العربية السعودية وإيران في الصين، فإن الكثير من التموضعات السياسية والجيوسياسية يمكن أن تحصل”.
وأضاف: “ولعل ما جرى اليوم من إيعاز لبعض قنوات إعلامية تتبع للحوثيين في لبنان تشي بأن كل ذلك هو نتاج الصفقة الموقعة بين السعودية وإيران، ومن الممكن أن يكون أحد مظاهر وتجليات ذاك التفاهم هو إحداث تغييرات في التعاطي مع القضية السورية ومنها عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية بعد طرده منها لما يزيد عن 11 عاما ونيف”.
وتابع أنه “إذا كانت هناك نية عربية لإعادته والتي قد لا تكون قريبة جداً إنما ستكون مشروطة بالكثير من الشروط المترافقة معها، ومنها موضوع الكبتاغون وإيقاف تصديره إلى دول الخليح، ومنها أيضا ضبط الأمن الذي بات مقلقا للسعوديين في اليمن، وكذلك أوضاع لبنان وإعادة ترتيب الوضع اللبناني برمته ومنه بالضرورة الرئاسيات، علاوة على موضوع العودة الهادئة لنظام الأسد نحو الجامعة العربية”.
وزاد موضحاً أنه “إذا كان لهذه الدعوة لنظام الأسد بالعودة من سبب مباشر فإنه يتمثل في تسطير وإرسال رسالة إزعاج للأمريكان من قبل السياسات الخليجية غير الراضية عن السياسة الأميركية في المنطقة، وهي عملية مناكفة مع الغرب وخاصة الأمريكان، ومحاولة بائسة ووهمية لشد النظام السوري نحو العرب على حساب علاقته بإيران، وهذا محض وهم وغير ممكن نظرا لطبيعة العلاقة التي لا انفصام فيها بين نظام الأسد وإيران، باعتبار الأول هو جزء من المشروع الإيراني الفارسي الطائفي للمنطقة، حيث يدرك النظام السوري أن من أعاد قيامته هو الإيرانيين قبل الدور الروسي في سورية”.
وحسب الأخبار المتداولة فإنه من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق خلال الأسابيع القادمة، وذلك لتوجيه الدعوة إلى رأس النظام السوري لحضور القمة العربية في الرياض.
ويربط محللون ومراقبون استدارة السعودية صوب رأس النظام السوري بالاتفاق السعودي الإيراني الذي تم مؤخراً، مشيرين إلى أن من شروط الاتفاق هو إعادة المياه إلى مجاريها مع النظام في دمشق، الأمر الذي أثار استغراب الكثير من الناشطين السوريين.
وحول ذلك قال الناشط الإنساني محمود الحموي وهو معتقل سابق لمنصة SY24، إن “موقف السعودية من نظام الأسد وفي هذا الوقت بالذات مستغرب جداً، إذ كان من المتوقع أن يكون للسعودية دور في الملف السوري ولكن ليس في هذا الإطار وإنما من خلال الإصرار على إجبار النظام على تنفيذ مطالب السوريين ومن بينها إخراج المعتقلين من سجونه والانخراط في العملية السياسية وفق القرار 2254 الأممي”.
واعتبر أن “قادمات الأيام ربما تشهد الكثير من المتغيرات والمفاجآت بخصوص الملف السوري”، لافتاً إلى أن هناك بعض الدول ومنها قطر والتي ترفض عودة النظام إلى الجامعة العربية أو حتى تطبيع العلاقات معه، حسب تعبيره.
وقبل أيام، أكدت دولة قطر ثبات موقفها من قضية الشعب السوري وعدم تغيره، لافتة إلى أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن “التطبيع مع النظام السوري أو إعادته إلى الجامعة العربية”.
ومطلع آذار/مارس الماضي، استنكرت دولة قطر موقف المجتمع الدولي تجاه القضية السورية ومعاناة السوريين، واصفة هذا الموقف بأنه “باهت ومستفز” بحق شعب “يذبح ويهجر وينكل به”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي عمر الحسون الهاشمي في حديثه لمنصة SY24، أنه “ليس غريبا عودة بشار الأسد إلى الجامعة العربية التي تقع في أكبر دولة عربية يحكمها جنرالات لا يختلفون في دمويتهم وفسادهم وإفسادهم عن نظام الأسد بشيء”.
وزاد قائلاً، إن “الجامعة العربية بالأساس لم تكن تلك المنظمة التي تجمع العرب على مصير مشترك، فمنذ أن أسستها بريطانيا كان الخوف منها ترسيخ وتثبيت الحدود التي وضعتها بريطانيا لتقسيم الوطن العربي الكبير الذي بفضل هذه المنظمة أصبح 23 دولة، وفقد العرب بسبب قراراتها غير الملزمة فلسطين وتشاد والأحواز وجنوب السودان وأريتريا والعراق وسوريا ولبنان واليمن الشمالي، وكل هذا بسبب تخاذل هذه المنظمة التي تدعي الهم العربي ووحدة الصف العربي والتي ساهمت باحتلال وتدمير العراق”.
ومضى قائلاً، إنه “في الثمانينات عندما ارتكب حافظ الأسد مجازر صبرا وشاتيلا و تل زعتر وحماة وحلب وجسر الشغور وسجن تدمر بدعم إيراني، لم تتحرك الجامعة العربية بل ولم تتخذ أي قرار يوقف دماء المهاجرين الفلسطينيين والشعب السوري، حيث راح ضحية النظام في تلك الفترة عشرات آلاف السوريين الذين ثاروا على نظام الأسد الأب”.
واعتبر أن “عودة بشار الأسد لهذه المنظمة لن تغير شيء من الوضع في سوريا، فهذه المنظمة لم تمنح الائتلاف وأعضاءه من ممثلي الشعب السوري الثائر حق الاعتراف الكامل، ولم تستقبلهم في اجتماعاتها، رغم أن جميع المواثيق الدولية تؤكد سقوط شرعية النظام بسبب ثورة أكثر من نصف الشعب ضده”.
وختم بالقول “ربما نرى بشار الأسد في قمم الجامعة كما كان والده بعد كل هذا الإجرام الذي ارتكبه”.
ومنذ العام 2011، أصبحت سوريا معزولة إلى حد بعيد عن بقية العالم العربي، عقب حملة عسكرية وأمنية دامية شنها رأس النظام على الاحتجاجات المناهضة لحكمه والمطالبة بإسقاطه، ومنذ ذلك الحين علّقت الجامعة العربية عضوية سوريا، وسحب العديد من الدول العربية مبعوثيها من دمشق.
المصدر: موقع sy24