لن يكون احتمال إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية في صالح روسيا لسببين، وفقا لـ”المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط والبلقان” في سلوفينيا.
وفي عام 2015 وقّعت إيران من جانب والدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) بالإضافة إلى ألمانيا من جانب آخر اتفاقا يفرض قيودا على برنامج طهران النووي لمنعها من إنتاج أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
لكن في 2018 اعتبر الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب أن الاتفاق غير فعال وانسحب منه بشكل أحادي وأعاد فرض العقوبات على إيران، ولاحقا توقفت طهران عن الالتزام بمعظم بنود الاتفاق.
المعهد اعتبر، في تحليل ترجمه “الخليج الجديد”، أن “روسيا تخشى إحياء الاتفاق النووي، فهذا سيعني خسارة عنصر العقوبات الإيرانية، الأمر الذي كان ذا أهمية كبيرة لها”.
وأرجع الموقف الروسي إلى سببين، أولا أن موسكو ستخسر “حاجة إيران المستمرة للتكنولوجيا الروسية لصناعة النفط”، وثانيا ستخسر “السياسة الثنائية المنسقة ضد واشنطن”.
وتابع: روسيا لا تخشى “إيران نووية”، بقدر ما تخشى “إيران في تحالف مع الغرب”، إذ “يمكن للغرب أن يستخدمها كأداة غربية لإضعاف موسكو والسيطرة على آسيا الوسطى”.
وتتهم عواصم إقليمية وغربية، بينها تل أبيب وواشنطن، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية بما فيها توليد الكهرباء.
عرقلة روسية
و”في مارس/ آذار 2022، عرقلت روسيا إبرام اتفاق نهائي مع إيران في فيينا، إذ طلبت موسكو من الولايات المتحدة ضمانات خطية بأن العلاقات الاقتصادية بين موسكو وطهران لن تخضع للعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا”، بحسب المعهد.
واعتبر أن “الطلب الروسي لم يكن مرغوبا لطهران لأنها أرادت التوصل إلى اتفاق، لكنها في الوقت نفسه لم تكن تريد إفساد علاقاتها مع روسيا التي دعمتها في أصعب أوقاتها، وتحديدا عندما كانت طهران تخضع للعقوبات الأمريكية على مدى العقود الماضية”.
وبعد تسع جولات من المفاوضات المباشرة بين إيران ومجموعة “4 + 1” (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) والمحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، لم يتم إحراز أي تقدم بين أبريل/ نيسان 2021 والشهر نفسه من العام التالي.
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، جرى التوصل إلى مسودة لإحياء الاتفاق النووي، عندما قدّم مسؤول السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وثيقة شاملة لتحقيق اتفاق قبلتها واشنطن، فيما اشترطت طهران رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني وتعليق جميع العقوبات الأخرى.
تصعيد نووي
ووفقا للمعهد فإن “العام الماضي شهد تصعيداً للحرب الروسية الأوكرانية (مستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، لكن من المتوقع أن تنشأ أكبر أزمة سيواجهها العالم هذا العام في الشرق الأوسط”.
وأضاف أنه “بحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصبت إيران في منشأة فوردو اليورانيوم بنسبة 83.7 في المائة”.
وتابع: “إذا تبين أن محتويات التقرير صحيحة، مع الأخذ في الاعتبار أن إيران لديها كميات كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7٪ وأجهزة طرد مركزي متطورة لإنتاج مادة الاندماج اللازمة لتطوير قنبلة، فإن السؤال الذي يجب طرحه هو: خلال كم يوم أو أسبوع ستصبح إيران عضوا في النادي النووي؟”.
و”سيكون هذا سيناريو غير مسبوق في تاريخ البرنامج النووي الإيراني، الذي بدأ عام 1950 بمساعدة الولايات المتحدة، وسيعني تجاوز كل الخطوط الحمراء فيما يتعلق بذلك البرنامج”، بحسب المعهد.
وأردف: “ويعتقد خبراء مختصون أن النسبة المحققة من تخصيب اليورانيوم كافية لتطوير قنبلة ذرية، مع الأخذ في الاعتبار أن القنبلة الذرية (الأمريكية) التي أُلقيت على مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945 كانت مصنوعة من يورانيوم بمستوى تخصيب نجو 84%”.
3 أهداف إيرانية
المعهد قال إن إيران تطمح إلى تحقيق 3 أهداف مع تصعيدها النووي وهي: “معارضة الضغوط الغربية بعد الإعلان عن التقرير السري للوكالة الدولية للطاقة الذرية مطلع فبراير/ شباط الماضي، والذي كشف عن تعديل جوهري للربط بين سلسلتي أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ في منشأة فوردو، دون إخطار الوكالة”.
وأضاف أن هذا “يشير إلى أن طهران مُصرة على التصعيد، خاصة في وقت تتعرض فيه لضغوط وعقوبات متزايدة من الغرب، أحدثها فرض الاتحاد الأوروبي في 20 فبراير/ شباط الماضي عقوبات على 32 فردا، بينهم وزيران، وكيانان مسؤولان عن قمع الاحتجاجات الأخيرة في إيران، وتلك هي خامس حزمة عقوبات يفرضها الاتحاد على طهران”.
والهدف الثاني، وفقا للمعهد، هو “الرد على التهديدات الإسرائيلية، إذ تستخدم طهران تصعيدها النووي للرد على التهديدات الإسرائيلية ضدها.. واتهمت إيران رسميا إسرائيل بشن هجوم على منشأة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع في مدينة أصفهان (وسط) أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي”.
وأضاف: “وتلا ذلك هجوم إيراني على سفينة إسرائيلية في بحر العرب. واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران بشن هذا الهجوم. وفي 19 فبراير/ شباط الماضي قصفت إسرائيل منشآت عسكرية تابعة لميليشيات مدعومة من إيران في العاصمة السورية دمشق”.
وتل أبيب تمتلك ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.
أما الهدف الثالث للتصعيد الإيراني فهو الرغبة في استئناف “المحادثات النووية مع الغرب، والمتوقفة منذ سبتمبر/ أيلول 2022، حيث تقول إيران إنها تريد إحياء الاتفاق النووي، وتؤكد أنها تبادلت رسائل (بهذا الشأن) مع واشنطن عبر وسطاء (قطر والعراق)، وفقا للمعهد.
وأضاف أن “إيران تريد تهدئة مخاوف الغرب، خاصة بعد زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران أوائل مارس/ آذار الجاري.. وسيجتمع مجلس محافظي الوكالة في وقت لاحق من الشهر الجاري وإذا ثبت أن إيران خصبت اليورانيوم بهذه النسبة المرتفعة وجرى تبني قرار خاص، قيمكن لمجلس الأمن الدولي إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي تم رفعها في 2015”.
و”من المحتمل أن تتبع طهران مسارين للعمل: الأول هو التصعيد عبر زيادة الضغط النووي أو الصاروخي، والثاني هو تهدئة مخاوف الغرب بالدعوة إلى استمرار المحادثات المعلقة في فيينا”، بحسب المعهد.
المصدر | المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط والبلقان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد