من سيدني إلى طوكيو عصا المارشالية العسكرية الأميركية تسعى إلى منع الصين من تثبيت نفوذها العسكري في الإقليم وعبر البحار.
بات في حكم المؤكد أن حالة السيولة الجيواستراتيجية حول العالم ماضية قدماً، سيما بعد التطورات الأخيرة، والدور الأميركي الذي يحمل عصا المارشالية، وبدعم تقليدي لا ينقطع من بريطانيا، بهدف واضح لا يغيب عن أعين صناع القرار الغربي، يتمثل في حصار الصين والتضييق عليها من جهة، لإجبارها على فك ارتباطها بروسيا، ناهيك بإدخالها في دائرة السباق التسلح، ما يمكن وعند لحظة بعينها أن يوقف تقدمها الاقتصادي، رهانها الأول، الذي مهد لها الطريق نحو قطبية عالمية قادمة وربما قائمة.
ما الذي يجري في مياه المحيط الهادئ، ويمتد من التحالف مع أستراليا، ويصل إلى تعزيز عسكرة اليابان؟
تبدو صيحات الصين الأخيرة، والتقارير الصادرة عن بكين، رد فعل على خطوة مشهد الطوق، الساعي لخنق الصين، سيما بعد نجاحاتها الدبلوماسية الأخيرة في الخليج العربي والشرق الأوسط.
هل حان وقت الصدام المسلح بين بكين والناتو، أم أن ما يجري هو تحضير وتهيئة لأرضية المعركة، قبل النفخ في بوق القرن، لتنفيذ الفصل الأخير من رؤية المحافظين الجدد للقرن الأميركي، حيث هدفها الرئيس عزل وإقصاء أي قوة دولية تفكر في مصارعة أميركا على قيادة العالم؟
غواصات أوكوس… بداية حصار الصين
لم يكن نهار الإثنين 13 مارس (آذار) الجاري، يوماً اعتيادياً في طريق العلاقات الأميركية مع أستراليا وبريطانيا، فقد أبرمت شراكة تتعاون بموجبها واشنطن مع سيدني ولندن، لبناء جيل جديد من الغواصات سيحمل تسمية “أس أس أن – أوكوس”، وفق ما أعلنه مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان.
هل من تفاصيل عن الشراكة التي تتردد أصداؤها منذ العام الماضي، التي دفعت الصين وقتها للتهديد والوعيد، والعمل على بناء خطط دفاعية وهجومية مقابلة؟
باختصار غير مخل، تهدف الشراكة إلى حصول أستراليا على ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية، من المتوقع أن تصل كلفتها إلى 368 مليار دولار من الآن، وحتى منتصف الخمسينيات من القرن الحالي، تنفق منها أستراليا تسعة مليارات دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
تبدأ عملية تسليح أستراليا بتلك الغواصات من عند استبدال ما تملكه أولاً، ثم صنع غواصات جديدة على الأراضي الأسترالية ثانياً، بتصميم مشترك بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا.
يتساءل المتابع لماذا، سيما وأن أستراليا لا تناصب أحداً العداء في موقعها وموضعها الجغرافي؟
قد يبدو هذا التبرير صحيحاً على السطح، لكن في القلب، تبقى هناك خطط الناتو في المحيط الهادئ، للاقتراب من الصين، وقطع سبل الصعود الصاروخي لها لوجيستياً أول الأمر، وما من طريق سوى العسكرة.
يهدف برنامج الغواصات الهجومية إلى المحافظة على ميزان القوى القائم منذ عقود في منطقة المحيط الهادئ، ومع تلك النوعية من الغواصات المتقدمة، وبخاصة طراز فيرجينيا الأميركية، يمكن أن يتحقق للغرب وليس لأستراليا فقط أمران، الأول هو القدرة على إصابة كبريات المدن والحواضن الصينية، إصابات قاتلة، سيما إذا كانت الصواريخ التي تحملها تلك الغواصات، ذات طبيعة نووية.
الأمر الآخر، ستتمكن غواصات أستراليا النووية من التخفي بشكل أفضل بكثير من الغواصات التي تعمل بالطاقة التقليدية، ما يمكن بل يقطع بأن الميزان العسكري سيميل لجهة حضور الناتو ويخصم من إمكانات الصين العسكرية في منطقة المحيط الهادئ.
تذكر صحيفة “الغارديان” البريطانية أن هذا النوع من الغواصات لا يحتاج إلى صعود الغواصة إلى السطح لإعادة الشحن، وتستطيع مغادرة الميناء والبقاء تحت الماء لأسابيع من دون أن يتم رصدها، وتتمتع وفق “الإيكونوميست” بمدى وتحمل أكثر بكثير من الغواصات الأخرى.
يعني الإعلان الأخير، مولد قوة غواصات نووية غير مسبوقة، وتغير في الحضور المسلح للناتو، على مرمى حجر من الصين، ناهيك بتوطين صناعة ذلك النوع من الغواصات على الأراضي الأسترالية.
هل يعني ذلك أن هناك من يعد أوراقاً استباقية لملاقاة الصين، وخططها المستقبلية، لا سيما بعد أن سعت لتوسيع انتشارها العسكري في مياه المنطقة، كما حصل مع منطقة “جزر سليمان”، قبل أن يرفض أصحابها منح الصينيين ما كانوا يتطلعون إليه؟
المحيط الهادئ… حماية أم عسكرة؟
الجواب عن علامة الاستفهام المتقدمة يفيد بأن هناك بالفعل رغبة مشتركة بين الدول التي تمثل رأس حربة الناتو، في مراقبة المحيط الهادئ والاستعداد لأسوأ الاحتمالات، والحد من محاولات الصين لمد نفوذها في تلك المنطقة.
حاول الجانب الأميركي التخفيف من حدة المواجهة التي لا بد لها وأن تنشب مع الصين، من جراء مثل هذا الإعلان، فقد تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مشدداً على أن الغواصات التي ستكون جزءاً من الصفقة “ستعمل بالطاقة النووية”، وليست مسلحة نووياً، الأمر الذي يدلل على احترام واشنطن مبدأ عدم انتشار الأسلحة النووية.
أما مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جاك سوليفان، فقد اعتبر أن المشروع يجسد تعهد واشنطن على المدى الطويل بحماية “السلم والاستقرار” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
أستراليا من جهتها، وفيما يبدو أنه محاولة لطمأنة الصين، وعدم استفزازها، قالت إنها لن تخصب اليورانيوم أو تعيد معالجة أي وقود مستهلك من الغواصات. وأكدت التزامها إدارة جميع النفايات المشعة الناتجة عن الغواصات داخل أراضيها.
هل صفقة “أوكوس” يمكن أن تدخل العالم في تغيرات وتطورات نووية إجرائية جديدة، مخالفة لما سبق العمل به؟
قد يكون ذلك صحيحاً بالفعل، ذلك أن هذه هي أول مرة سيتم فيها استخدام بند في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1968 لنقل المواد الانشطارية والتكنولوجيا النووية من دولة تمتلك أسلحة نووية إلى دولة غير نووية والعهدة على صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وعلى رغم أن الفقرة “14” تسمح بإعفاء المواد الانشطارية المستخدمة في الأغراض العسكرية من تفتيش ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، فإن خبراء في مجال الحد من الأسلحة يحذرون من أن هذا قد يشكل سابقة تسمح لآخرين بإخفاء اليورانيوم عالي التخصيب، أو البلوتونيوم، من الرقابة الدولية.
أبعد من ذلك، يعتبر جيمس أكتون المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن هناك “ضرراً حقيقياً وملموساً” لنظام منع الانتشار.
هل تتحضر الصين لحرب أستراليا؟
تبدو العلاقات الصينية- الأسترالية متشابكة ومعقدة بصورة كبيرة، ذلك أن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا، بحكم القرب الجغرافي أول الأمر، والقوة الشرائية للأستراليين ثانياً، وبخاصة في ظل تعدادهم النسبي، مقارنة بسكان الصين.
غير أنه من الواضح أن أستراليا باتت تدركها المخاوف من الصعود الصيني عسكرياً واقتصادياً، ما يمكن أن يتهددها في المدى الزمني المتوسط، ومن هنا أعطت الضوء الأخضر لواشنطن لتكثيف حضورها في المنطقة، ولهذا قامت بحظر شبكة “5 جي”، الصينية، ووقعت اتفاقيات متعددة الأطراف كان اتفاق “أوكوس” آخرها.
لم يكن للصين أن تقف عاقدة الأذرع، فردت على أستراليا بمجموعة من الإجراءات، منها الحظر التجاري على استيراد النبيذ الأسترالي والفحم والشعير ولحم البقر والكركند، وفرضت القيود على إرسال الطلاب الصينيين إلى أستراليا.
غير أن الأمر بعد الإعلان الرسمي عن صفقة “أوكوس”، كان لا بد له من الدخول في منطقة أخرى من التصعيد، فقد نددت الصين في اليوم التالي للإعلان ببرنامج التعاون الضخم، محذرة من أن الاتفاقية تمثل “طريقاً خاطئاً وخطراً”، كما اتهمت بعثة الصين في الأمم المتحدة الحلفاء الغربيين بعرقلة جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية، والتسبب في انطلاق سباق نووي لا يعرف أحد إلى أين يمضي، وقد اتهم الرئيس الصيني الذي استهل ولايته الثالثة الولايات المتحدة الأميركية، بقيادة الجهود الغربية باتجاه “الاحتواء والتطويق والكبت الكامل للصين”.
حكماً لم ولن يتوقف المشهد الصيني الرسمي عند حدود الإدانة أو التنديد، بل باتت القصص تروج عن استعدادات صينية لحرب مع أستراليا.
حين أعلن مبدئياً عن صفقة غواصات “أوكوس” العام الماضي، تحدثت أصوات عسكرية صينية عالية المقام، عن استعداد الصين للقيام بضربات إجهاضية، إن جاز التعبير، ضد أستراليا، حال أيقنت أن القواعد البرية والبحرية الخاصة بالناتو يمكن أن تضحى مهدداً استراتيجياً لبكين ونواحيها.
يأخذ الصينيون اليوم في عين الاعتبار، وجود قواعد أميركية في أستراليا، واحتمالات تدفق قرابة 200 ألف جندي أميركي إلى هناك حال اجتياح الصين لتايوان.
من هنا، وحال إضافة المخاوف الجمة التي يمكن أن تتسبب فيها الغواصات الجديدة لأستراليا، سيكون غالب الظن أن تسعى بكين بدورها، على قطع الطريق على خطط الناتو في أستراليا، التي قد تصبح هدفاً لصواريخ بكين الباليستية أول الأمر، ومن يعرف ما الذي يمكن أن يتطور إليه المشهد لاحقاً.
بدأ الأستراليون بالفعل في الشعور بمخاوف من قبل الصينيين، وطفا على السطح تقرير للجنة من خبراء الأمن القومي الأسترالي، تنذر وتحذر من عدم جاهزية الجيش الأسترالي لملاقاة الصين، وأنهم في حاجة إلى 10 سنوات للتمكن من صد هجوم دولة مثل الصين.
لا تبدو العمليات العسكرية الصينية المرتقبة ضد أستراليا موضوعاً طارئاً، ظهر على سطح الأحداث في أعقاب الإعلان عن “أوكوس”، فقد سبق ذلك تحذيرات من وزير الدفاع الأسترالي، بيتر داتون، في أبريل (نيسان) 2022، أشار فيها إلى المخاوف من اندلاع حرب مع الصين في وقت زادت فيه بلاده من حجم تسليحها، قبل ما سماه “الوقت المقرر للتسليح”.
أرجع داتون تسريع تسليح الجيش بصواريخ بعيدة المدى وزيادة الموازنة العسكرية إلى الحرب في أوكرانيا والخطر الذي تشكله “الأنظمة الاستبدادية” على “الديمقراطيات الحرة” في إشارة إلى الصين وفق صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
هل مواجهة أستراليا مع الصين قدر مقدور في زمن منظور؟
المؤكد أن سيدني تميل إلى الموقف الأميركي من قضيتي جزيرة تايوان، وبحر الصين الجنوبي، بمعنى أنها ترى أن من حق تايوان الاستقلال، وأنه ليس من حق الصين فرض سيطرتها الكاملة على مياه دولية تدعي الصين ملكيتها، وتسعى إلى بناء جزر صناعية فيها، لتغيير الوضع القائم، إلى وضع قادم، الأمر الذي يجعل منها بالضرورة قوة معادية لأستراليا، رغم جميع الروابط التجارية المهمة التي تجمع بكين مع سيدني.
وفي كل الأحوال يمكن القطع بأن أستراليا على أهميتها وقربها من الصين، ربما لن تكون الخيار الأقرب والأسرع، حال قررت الصين غزو تايوان عسكرياً، وإعلان الرد الأميركي الحاسم والحازم، بل إن اليابان هي التي ستكون حجر الزاوية، وبخاصة في ظل العلاقات المتوترة بين بكين وطوكيو.
هل يدلنا ذلك على بقية أجزاء الطوق، وعصا المارشالية العسكرية الأميركية المرفوعة في وجه الصين؟
طوكيو بين سيدني وواشنطن
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتبرت اليابان موطئ قدم للولايات المتحدة الأميركية في القارة الآسيوية، عطفاً على أن اليابان كانت ولا تزال تمثل الضلع الثالث للرأسمالية العالمية، ما جعل منها امتداداً عضوياً للولايات المتحدة شرقاً.
اليوم وفي ظل التحالف القائم بين بكين وموسكو، ومع العداءات التاريخية لكل منهما تجاه طوكيو، تجد الأخيرة نفسها مدفوعة دفعاً في طريق تعزيز علاقاتها مع سيدني من جهة وواشنطن من جهة ثانية.
في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقعت أستراليا واليابان اتفاقاً أمنياً تاريخياً يهدف إلى مواجهة الصعود العسكري للصين، ويقضي بتبادل مزيد من المعلومات الاستخباراتية وتعزيز التعاون العسكري.
بموجب الاتفاق، تعهدت الدولتان أن تجري قواتهما تدريبات مشتركة في شمال أستراليا، ومن دون ذكر صريح للصين وكوريا الشمالية، قال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، إن الاتفاقية جاءت رداً على “بنية استراتيجية تزداد قسوة”.
من سيدني إلى واشنطن، التي ارتفع صوتها من خلال تصريحات وزير الدفاع لويد أوستن، حين تعهد بالدفاع عن اليابان بجميع الوسائل الممكنة، بما فيها النووي، في تصريح لا يعوزه الوضوح.
أوستن كان صريحاً إلى حد إثارة قرون استشعار الصينيين عسكرياً، فقد صرح بالقول “الآن الصين تمثل تحدياً طارئاً، حيث لا تزال اليابان والولايات المتحدة تشتركان في القلق في شأن أعمال الصين المزعزعة للاستقرار”.
لم يكتف أوستن بالحديث التنظيري، بل مضى في الإشارة إلى التحركات اللوجيستية التي تتمثل في “نشر وحدة إضافية من قوات المارينز في أوكيناوا اليابانية، ناهيك بتوقيع عديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون الدفاعي، مع تشجيع طوكيو على زيادة إنفاقها العسكري بهدف المحافظة على أمنها”.
رفعت اليابان مع بداية هذا العام ميزانيتها العسكرية إلى 800 مليار دولار، ويدور الحديث الآن عن نيتها نشر صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت على الجزر الحدودية، ما يجعل الصين وروسيا تشعران بقلق بالغ، سيما بعد أن اعتبراه إخلالاً بوعودها الخاصة بالالتزام بقدرات عسكرية محدودة، وفق دستور صاغته الولايات المتحدة نتيجة استسلامها عام 1945.
تبدو واشنطن عازمة على نشر فوج بحري ساحلي في اليابان، ما سيوفر قدرات كبيرة منها الصواريخ المضادة للسفن، فيما يعتقد مراقبون أن الاحتفاء الأميركي بالإصلاحات العسكرية اليابانية يبعث برسائل للصين ليذكرها بأنها محاصرة تماماً من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين الرئيسين: اليابان، أستراليا، الفيليبين، كوريا الجنوبية وتايوان.
يبدو من الواضح جداً أن أميركا تسعى إلى تعزيز طوقها من حول الصين الأمر الذي دفع الأخيرة لتوجيه تحذيرات جذرية لليابان كما فعلت مع أستراليا، فهل يمكن أن يتكرر المشهد الأوكراني على الأراضي اليابانية، وما هو السيناريو المختلف وقتها؟
الصين ومسارات اليابان العسكرية
قبل بضعة أيام، وعلى وقع التوترات الدائرة على الصعد العسكرية والسياسية والاستخباراتية المختلفة، اعتبرت وزارة الدفاع الصينية أن اليابان، قد بالغت في حديثها عن “التهديدات الخارجية” في السنوات الأخيرة، وعززت بشكل كبير ميزانيتها الدفاعية، وإن هذا الاتجاه للعودة إلى طريق العسكرة “خطر للغاية”.
يطالب الصينيون اليابانيين بوقف ما سموه القيام بأشياء تضر بالسلام والاستقرار الإقليميين.
ليس خافياً أن هناك خلافات متصاعدة بين الصين واليابان في شأن الجزر الصغيرة التي تسيطر عليها اليابان في بحر الصين الشرقي، التي تقول الصين إنها تتبعها وترفض الاعتراف بمطالبة اليابان بأحقيتها في السلسلة غير المأهولة المعروفة باسم “سينكاكو” باللغة اليابانية، و”دوياوبو” باللغة الصينية.
على أن هذه الجزر ليست إلا ذرائع صغيرة وثانوية، فيما يعرف اليابانيون أن الصينيين ينظرون لهم بوصفهم حلفاء واشنطن، ولهذا يتساءل البعض: هل يمكن أن يتكرر نموذج الغزو الروسي لأوكرانيا مع الصين تجاه اليابان؟
نظرياً من غير المستبعد حدوث ذلك، لكن في الوقت نفسه يدرك الصينيون أن رد الفعل الأميركي والأوروبي والأسترالي، سيكون مختلفاً كل الاختلاف، إذ إن اليابان شريك وحليف استراتيجي لواشنطن بخلاف الوضع مع أوكرانيا، ناهيك بوجود قوات أميركية على الأراضي اليابانية، مما يجعل المواجهة مباشرة مع الجانب الأميركي.
لا يثق اليابانيون في الصينيين، وقد رصدوا أخيراً عديداً من البالونات الطائرة في سماواتهم، التي يقطعون بأنها أعمال تجسس صينية، بالضبط كما حدث، أخيراً، فوق الأراضي الأميركية، ما عرف بغزوة المنطاد.
هل تستعد الصين بدورها للمواجهة المسلحة مع الحلف الداعم لـ”أوكوس” و”كواد” دفعة واحدة؟
الصين وسفن تجريف الرمال
يتطلب الحديث عن الاستعدادات الصينية لمواجهة تحركات الناتو القريبة منها، قراءة قائمة مستفيضة، سيما أن الحديث عن بناء الصين لقدرات نووية هائلة تتجاوز الـ1500 رأس، محملة على صواريخ باليستية، لا يتوقف.
غير أن الجدير بالملاحظة وما يتقاطع مع الحضور الصيني في بحر الصين الجنوبي، ومن حول جزيرة تايوان، وصولاً إلى مياه المحيط الهادئ الواسعة الشاسعة، هو خطة الصين لبناء سفن عملاقة هدفها تجريف رمال ضخمة، ما يشير إلى حرب قادمة لا محالة بالمنطقة الرمادية المتزايدة ضد تايوان، وكذلك بناء جزر صناعية عسكرية الوظيفة في بحر الصين الجنوبي.
الصين كذلك تخطط لبناء أكبر كراكة شفط في العالم من شأنها تسريع بناء الجزر العسكرية في المياه المتنازع عليها، وهي التي ستكون أقوى بنسبة 50 في المئة من كراكة بناء الجزر العملاقة الحالية.
السفن التي تسعى الصين لبنائها عبارة عن وعاء يمكنه تمزيق مجاري الأنهار أو قاع البحر بمثقاب يمتص الرمال والصخور، ثم يضخها في أنبوب على مسافة بعيدة، كما تعد هذه السفن مفيدة لتطهير الممرات المائية الملاحية وبناء الجزر الاصطناعية.
هل الصين ماضية قدماً في تغيير ملامح ومعالم الجغرافيا في شرق آسيا ترقباً للحرب المقبلة؟
أغلب الظن أنها لن تستسلم، ولن تقف مكتوفة الأيدي، فالتنين لا يمكن تطويقه، وأذرع الصين طويلة، وربما ترد الضربة عبر أميركا اللاتينية فيما يشبه القراءة في المعكوس لخطط أميركا وبريطانيا وأستراليا.
المصدر: اندبندنت عربية