لم تكن مسألة الهوية الوطنية السورية ذات شأن متداول أو مقلق فتشكل حالة مؤرقة للوحدة الوطنية أو النسيج الوطني وقد كان ذلك واضحاً في مراحل ما قبل الثورة السورية جميعها حيث كانت مختلف الهويات المكونة لها تتعايش بأمان وسلام دائمين وذلك من خمسينات القرن المنصرم حتى زمن ما قبل الثورة نسبياً، وهذا ما يسمح لنا بالقول إن ما ظهر أحيانا على السطح في العلاقات الاجتماعية من توترات تصيب هذا المعنى إنما كان بفعل الممارسات السياسية والطائفية التي كان يغذيها ويمارسها نظام العصابة العميل طوال مرحلة تسلطه.
كما ويمكنننا القول أن ما ظهر من تسليطٍ للضوء على هذه المسألة من قبل عدد من المثقفين والمهتمين بالشأن العام لم يكن له ما يبرره وخاصةً أنه ظهر في مرحلة ما بعد الثورة حيث تم استهداف هذه المسألة عن عمدٍ وقد تم العودة إلى إثارتها والتشكيك في اندياحها في الوعي المجتمعي السوري لما في ذلك من خدمةٍ لمشروع المتربصين بالكيان السوري خاصةً وكذلك العربي عامةً، وقد أثبتت التجربة المعاشة أن مسألة الهوية الوطنية (انتعاشاً أو اضمحلالاً) مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام السياسي السائد حيث يتقد الإحساس والشعور بالهوية الوطنية الواحدة في حال توفر الحريات العامة والعدالة ويتأمن الفضاء الذي يسوده الاستقرار والسلام ومرتكزات الدولة الدستورية والقانونية وإن بالحدود الدنيا، بينما يتراجع ذلك إلى ما دونه في حال ساد القمع والخوف والاستبداد وفساد السلطة والدولة.
خلاصة القول إننا كمجتمعات وشعوب مستهدفةٍ من قبل الاستعمار الحديث والمعولم علينا ألا ننخدع بما يصدّره لنا اتباع ومروجو الدعاية والإعلام والفكر المضلل والمنفصل عن واقعنا والذي يخدم أجندة ومخططات هذا الاستعمار، بل علينا أن نسلط الضوء ونوجه اهتماماتنا على قضية القضايا وهي: استهدافنا من قبل أرباب العولمة وإنتاج الأدوات والوسائل والخطاب الذي يحررنا ويعزز سيادتنا واستقلالنا ويساعدنا على تحقيق أهداف ثورتنا السورية العظيمة.